انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
عرض النتائج 11 الى 17 من 17

الموضوع: شخصيات إسلامية

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الردود
    362
    الجنس
    أنثى
    وينزل قوله تعالى:
    {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، أهم يقسون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا}
    .. وقال أبو جهل هو يعبر عما يمتلئ به قلبه من حسد:
    ـ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف .. أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا .. وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه؟!
    ومن هذا الكلام يتضح مدى عداوتهم للدعوة الجديدة بدافع من الغيرة والحسد، أن يأتي من بني هاشم نبي، فيزدادوا شرفا بهذه النبوة، وتسمو مكانتهم على مكانتهم!!
    شقت الدعوة طريقها رغم الحصار .. والتعذيب .. والسخرية من الداعي والدعوة .. ويشت مكة تماما من أن تثني محمدا عن عزمه .. وكانت أم المؤمنين خديجة بجانبه .. ترعى أولاده، وتسهر على راحته .. وكانت قد رزقت منه قبل المبعث بالقاسم الذين مات صغيرا .. وزينب ورقية وأم كلثوم، وفاطمة، وجاء "عبد الله" بعد المبعث ومات بعد فترة قصيرة..
    وقد تزوجت "زينب" بنت الرسول أبا العاص بن الربيع .. وهو ابن أخت خديجة .. كما أن "عتبة وعتيبة" ابني أبي لهب كانا قد خطبا ابنتي الرسول الكريم (رقية وأم كلثوم) وهناك روايات تقول أنهما تزوجا من كريمتي الرسول وأرغمتها أمهما أم جميل على تطليقهما عندما نادى الرسول بالإسلام .. وهناك من يقول أنهما خطبا لابني أبي لهب .. وعندما أعلن النبي الدعوة أرغمها أبو لهب على أن يطلقا ابنتي الرسول .. فتزوجت رقية وكانت شبيهة بأمها من عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد عاشت رقية مع زوجها، وهاجرت معه إلي الحبشة في هجرته إليها، كما هاجرت معه عندما هاجر إلي المدينة وقد انتقلت رقية إلي جوار ربها عند عودة المسلمين وانتصارهم في غزوة بدر..
    أما فاطمة صغرى بنات الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فقد ولدت قبل البعثة بخمس سنوات .. فقد كان والدها العظيم في الخامسة والثلاثين من عمره .. وكانت شبيهة بوالدها العظيم .. في طريقة كلامها ومشيتها .. وكان والدها يحبها حبا جما..!
    ويروي الرواة .. كيف أن أبا جهل كان قد أمر بعض سفهاء مكة (عقبة بن أبي معيط) بأن يرمي بعض القاذورات على الرسول وهو يصلي بالكعبة فرمى (بكرشة شاة) على الرسول وهو ساجد .. وهم يتضاحكون ويتغامزون وجاءت فاطمة لتزيل هذه الأقذار عن والدها العظيم .. وهي تبكي..
    وقد دعا الرسول ربه:
    ـ "اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشبيبة ابن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط .. ويقول ابن مسعود: "والذي بعث محمدا بالحق، لقد رأيت الذين سماهم النبي عليه الصلاة والسلام .. صرعى يوم بدر".
    وكانت حياة النبي مع أسرتة حياة سعيدة .. فهو سعيد بزوجته .. سعيد بأولاده. راضيا بقضاء الله عندما فقد (عبد الله) .. كما فقد من قبله القاسم .. وكم ضحت هذه السيدة العظيمة .. أنها وهي السيدة التي تملك المال والجاه .. تعيش الحصار الظالم الذي فرضته مكة على بني هاشم لمدة سنوات ثلاث..
    وعندما شعرت مكة (بعقدة الذنب) إزاء ما فعلته بالنبي وعشيرته ..وتحللت من "وثيقتها الظالمة" التي بمقتضاها حاصرت مكة بني هاشم في شعب أبي طالب لا تبيع لهم، ولا تشتري منهم .. بعد كل هذا الكفاح الطويل شعرت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بالتعب .. وسرعان ما انتقلت إلي أكرم جوار..
    وقد حزن النبي حزنا شديدا لفراقها .. وقد سمى هذا العام الذي فقد فيه خديجة، وعمه أبا طالب عام الحزن .. وظلت حياة خديجة عزيزة إلي نفسه، وظلت ذكراها عالقة في ذاكرته طوال حياته .. يهش لأصدقائها عندما يلقاهن، ويقابلهن بترحاب شديدة، لأنهن كن يذكرنه بخديجة العظيمة..
    وكان حب النبي العظيم لها عظيما لدرجة أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تغار منها حتى بعد أن انتقلت خديجة إلي جوار ربها..
    قالت للرسول يوما عندما جاء ذكر خديجة:
    ـ "هل كانت إلا عجوزا بدلك الله خيرا منها؟"
    فقال لها الرسول مغضبا:
    ـ "لا والله .. ما أبدلني الله خيرا منها .. آمنت بي إذ كفر الناس.
    وصدقتني إذ كذبني الناس. وواستني بمالها إذ حرمني الناس. ورزقني الله منه الولد دون غيرها من النساء".
    ..هذه هي لمحة من حياة هذه السيدة العظيمة التي تركت كل هذا الأثر في قلب أعظم من عرفته الحياة .. محمد عليه الصلاة والسلام..

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الردود
    362
    الجنس
    أنثى

    شخصيات إسلامية : حفصة بنت عمر

    حفصة بنت عمر


    كانت حفصة بنت عمر متزوجة من خنيس بن حذاقة السهمي الذي كان محبا للرسول عليه الصلاة والسلام، وجهاد معه في غزوة بدر حيث انتصر المسلمون على قلتهم على جيش مكة الجرار ولكنه ذهب شهيدا.
    كانت حفصة ليست بذات جمال، ولكنها كانت في ربيع عمرها فهي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها.
    وعندها رآها والدها تفقد زوجها في هذه السن الصغيرة قرر أن يزوجها أحد أصدقائه من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام.
    وكان يعرف أن عثمان رضي الله عنه لم يذهب مع المسلمين في معركة بدر لأن زوجته رقية كانت تعاني من المرض فكان يسهر على رعايتها .. وعندما انتهت المعركة وعاد المسلمون إلى المدينة كانت "رقية" قد اختارها ربها الكريم إلى جواره.
    خطر على بال عمر أن يذهب إلى عثمان حتى يزوجه ابنته حفصة وعندما أخبره برغبته تلك بعد أن عزاه في فقد زوجته لاذ عثمان بن عفان بالصمت. فخرج عمر متجها نحو صديقه أبي بكر وعرض عليه الزواج من ابنته .. ولكن الصديق هو الآخر لاذ بالصمت!
    حزن لأن أصدقاءه أعرضوا عن طلبه بأن يتزوج أحدهما ابنته .. وحزن على حزن ابنته التي فقدت زوجها.
    وذهب إلى الرسول يشكو إليه ما فعل من الصديقان فقال له الرسول الكريم:
    ـ "لعل الله يزوج حفصة ممن هو خير من عثمان، ولعله يزوج عثمان من هي خير من حفصة".
    نزلت كلمات الرسول عليه الصلاة والسلام على قلبه بردا وسلاما فمن هو خير من عثمان وأبي بكر إلا الرسول نفسه، ومن هي خير من ابنته إلا أنه يريد أن يزوج ابنته الأخرى إلى عثمان بن عفان (أم كلثوم) ليصبح ذو النورين .. أيقن عمر قصد الرسول.
    ويحكي عمر رضي الله عنه هذه القصة بقوله:
    ـ "أتيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة قلت له: أن شئت أنكحتك حفصة ..
    فقال عثمان: سأنظر في أمري .. فمكث ليالي ثم لقيني فقال: ـ قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا.
    ثم قال: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت له: أن شئت زوجتك حفصة، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلى شيئا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان.
    فمكثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي (غضبت) حتى عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا بشأن حفصة حين ذكرتها لي، إلا أني قد كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله، ولو تركتها رسول الله لقبلتها.
    وهكذا تزوجت حفصة من خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام، وعندما انتقلت إلى بيت الرسول .. عرفت أن عائشة أثيرة إلى قلبه صلى الله عليه وسلم ..
    وأنها كثيرا ما كانت تراجعه، فحاولت تقلدها في سلوكها مع الرسول عليه الصلاة والسلام .. وعندما علم أبوها (عمر بن الخطاب) بذلك هاله هذا الأمر .. كيف تراجع ابنته الرسول .. وكيف تجرؤ على ذلك؟
    لقد قرر عمر معاقبة ابنته لجرأتها على الرسول، ولم يشفع لها ما قالته عن عائشة التي تراجع الرسول .. وكيف كان الرسول يتقبل منها ذلك!
    ولكن عمر بذكائه المفرط، وفهمه للأمور، وحزمه وشدته، ما كان يقبل نم ابنته أن تغضب الرسول .. وليس من حقها تقليد عائشة .. وقال لها:
    ـ يا "بنية سمعت أنك تراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيظل يومه غضبان .. تعلمين والله أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله.
    يا بنية، لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها، وحب رسول الله لها .. والله لقد علمت أن رسول الله يغير عليك ولولا أبوك لطلقك!".
    وقد وعت حفصة الدرس جيدا. وكان عمر الرسول حين تزوجها (55 سنة) وكانت هي في الثامنة عشرة من عمرها في قوله، وفي الواحد والعشرين في قول آخر.
    وقد انتقلت إلى جوار ربها في خلافة معاوية ودفنت بالبقيع

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الردود
    362
    الجنس
    أنثى

    شخصيات إسلامية : جويريه بنت الحارث

    جويريه بنت الحارث

    قالت عائشة رضي الله عنها عن زواج النبي بجويرية بنت الحارث: لم يكن زواج امرأة أيمن على قومها على زواج جويرية .. فقد أسلم بإسلامها مائتا بيت من بيوت العرب وكان زواجها خيرا وبرا على قومها".
    ولهذا الزواج قصة:
    فقد علم الرسول صلى الله عليه وسلم .. وكان ذلك في شهر شعبان في السنة الخامسة من الهجرة أن الحارث بن أبي حراز يريد غزو مدينة رسول الله .. وقد كان هذا الرجل وهو سيد قومه بني المصطلق من الذين ساعدوا مكة عندما أرادت أن تنتقم لموتاها يوم بدر في معركة أحد .. ولم ينتظر الرسول حتى يداهم هذا الرجل وقومه المدينة فقرر أن يغزوه في عقر داره..
    وعندما التقى الرسول بهذا الرجل ومعه قومه عند مكان يسمى (المريسيع) .. طلب منهم الرسول إعلان إسلامهم فرفضوا ولم يكن هناك مفر من القتال .. وواجه الرسول الحارث ورجاله من خزاعة .. ولكنهم لم يصمدوا إلا قليلا .. ثم سرعان ما حاقت بهم الهزيمة، ففر منهم من فر، ووقع الباقي في الأسر، وكان من بين الأسرى ابنة زعيمهم جويرية بنت الحارث .. وكانت جويرية هذه متزوجة من سافع بن صفوان الذي قتل في هذه المعركة.
    وجدت جويرية نفسها أسيرة .. وهي ابنة سيد خزاعة فقد وقعت في سهم ثابت بن قيس .. وهالها أن تصبح جارية وهي التي عاشت حياتهم ترفل في ثياب العز والجاه، فعرضت على ثابت أن يفك أسرها نظير مبلغ من المال، ووافق الرجل على أن يعتقها على أن تدفع له تسع أواق من الذهب.
    ولكن أين لها بالمال وهي أسيرة!
    توجهت إلي الرسول صلى الله عليه وسلم تحكي له قصتها مع الأسر وتطلب منه أن يتدخل ليخرجها من ذل الأسر، وأن يدفع لها ما تعاهدت عليه مع ثابت قالت للرسول كما تروي عائشة، وكانت مع الرسول في هذه الغزوة: ـ ".. فبينما النبي عندي إذ دخلت عليه جويرية تسأله في كتابها، فوالله، ما أن رأتها حتى كرهت دخولها على رسول الله وعرفت أنه سيري منها مثل الذي رأيت.
    فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث، سيد قومه، وقد أصابني من الأسر ما قد علمت، فوقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبني على تسع أواق فأعني في فكاكي.
    فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    ـ أو خير من ذلك؟
    فقالت: ما هو؟
    فقال: "أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك.
    قالت: نعم يا رسول الله.
    فقال صلى الله عليه وسلم: قد فعلت.
    ولما علم الناس بالخبر أطلقوا أسراهم من بني المصطلق إكراما لأصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وهكذا كان زواج جويرية خيرا وبركة على قومها الذي أحسوا بعظمة الرسول وإحسانه إليهم .. فدخلوا الإسلام طواعية .. والعجيب أن نساء النبي كانوا يفخرون عليها باعتبارها جارية .. وقعت في الأسر وأعتقها الرسول! وعندما شكت إلي الرسول ما يفعلنه فيها قال لها:
    ـ ألم أعظم صداقك .. ألم اعتق أربعين من قومك..
    والرسول يعني أن ما تقوله عنها ضرائرها لا يمت للحقيقة بصلة فهو كلام ضرائر. وكانت هذه السيدة الفاضلة كثيرة العبادة .. كثيرة الخشية من الله وقد توفيت في خلافة معاوية بن أبي سفيان ودفنت في البقيع.

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الردود
    362
    الجنس
    أنثى

    شخصيات إسلامية : أم سلمة

    أم سلمة


    أم سلمة هي هند بنت أبي أمية.
    واسم أبيها: سهيل بن زاد الركب .. وأطلق عليه زاد الركب لأنه كان إنسانا كريما يتكفل بزاد من يسافر معه في رحلة من الرحلات، فقد كان يكفي جميع من معه الزاد.
    وقد تزوجت عبد الله بن عبد الأسد المخزومي .. وكان من السابقين إلى الإسلام، وعندما آخذت مكة تبطش بالذين يدينون بالإسلام هاجر مع زوجته هند إلى الحبشة، ثم رجع إلى مكة بعد فترة من الزمن على أمل أن تكون قبضة مكة على المسلمين قد خفت حدتها ..
    وبعد بيعة العقبة سمح الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابها بالهجرة إلى يثرب .. وهاجر بعض المسلمين والمسلمات سرا إليها، وعندما علمت مكة بذلك قررت منع من يهاجر خوفا من اشتداد ساعد المسلمين في يثرب .. وهذا ما يعرض أمنهم للخطر. وعندما حاولت أم سلمة وزوجها الهجرة إلى يثرب، اعترض طريقهما أهل زوجها وأهلها ..
    حاول أهل الزوج منعه ولكنه أصر على الهجرة وهاجر .. بينما استطاع أهلها أن يحولوا بينها وبين الهجرة .. وعندما علم أهل الزوج بذلك تنازعا ابنهما (سلمة) .. وأخذ كل منهما يشد ذراعه حتى انخلع ذراعه!
    وهكذا أصبحت أم سلمة أسيرة عائلتها في مكة .. وأصبح ابنها أسير عائلة أبيه!
    وتاقت هي لزوجها المهاجر .. وأن تعيش في بيته بعيدة عن صلف أهل الشرك في مكة .. فكانت تخرج كل يوم تتلمس أخبار زوجها وابنها .. حتى رق لها قلب أحد أقاربها، وأقنع أهلها أن يتركوها لتلحق بزوجها .. واقتنعوا وقررت الهجرة بعد أن أخذت ابنها الذي ردوه إليها.
    كانت فرحة الأم عارمة وهي تأخذ وليدا على راحلتها ميممين وجوههم نحو يثرب، غير آبهة بطول الطريق، ولا منتظرة قافلة تسير معها يكون طريقها يثرب!
    وعندما غادرت مكة شاهدها (عثمان بن طلحة) وكان لا يزال على الشرك وسألها عن وجهة نظرها، فأخبرته أنها تريد اللحاق بزوجها .. وأدهشه أن تسافر وحدها. فأخذته الشهامة أن يقود بعيرها، وأن يرافقها حتى تصل إلى يثرب.!
    لم يرفع إليها عينه طوال الطريق، وشهدت له أم سلمة بحيائه وشجاعته وإيثاره للخير .. وعندما لاحت له قباء تركها وعاد إلى مكة. وفي المدينة اجتمع شمل الأسرة. وفي هذا المجتمع الجديد شعرت بالأمن والأمان، وسكينة النفس تحت ظلال الإسلام.
    وتمضي الأيام .. ويحقق المسلمون انتصارا مذهلا في "بدر" ثم تمضي الأيام ويحاول أهل مكة الانتقام لقتلاهم، وكانت معركة "أحد".
    وفي هذه المعركة خرج زوجها مجاهدا في سبيل الله، وأصابه سهم كان سببا في استشهاده بعد ذلك بشهور. وعندما حضرته الوفاة دعا لها قائلا:
    ـ اللهم ارزق أم سلمة بعدي خيرا مني .. لا يخلها ولا يؤذيها. وفكرت أم سلمة كثيرا في هذا الدعاء.
    من هذا الذي يكون خيرا من زوجها الذي هاجر الهجرتين، ومات شهيدا. ومرت الأيام .. وبعد العدة خطبها أبو بكر فردته .. وخطبها عمر بن الخطاب فردته أيضا.
    بعد ذلك أرسل لها الرسول عليه الصلاة والسلام رسولا طالبا الزواج منها فقالت لمن بعثه الرسول:
    ـ أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني امرأة غيري، وأني مصبية (عندها صبية)، وأنه ليس لي أحد من أوليائي مشاهدة، وأني عجوز قد كبرت سني.
    وبعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقول لها:
    ـ :أما قولك أني مصبية فإن الله سيكفيك صبيانك، وأما قولك إنك غيري فسأدعو الله أن يذهب غيرتك، أما الأولياء فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا سيرضى، وأنا اكبر منك سنا".
    فقالت لولدها عمر:
    ـ قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأصبحت أم سلمة أما من أمهات المؤمنين.
    وكانت بها بقية من جمال، حتى أن عائشة غارت منها وقالت:
    ـ "لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة حزنت حزنا شديدا لما ذكر لنا من جمالها، فتلطفت لها حتى رأيتها وهي لا تعرفني فرأيت أضعاف ما وصف لي من الحسن والجمال فرجعت من عندها تأكلني الغيرة منها".
    وقلت لحفصة عما رأيت.
    فقالت لي: أن هذا من الغيرة يا عائشة .. نظرت إليها وأنت تغارين منها.
    قلت لها: فاذهبي أنت إليها.
    فذهبت (حفصة) متخفية كما فعلت ورجعت تقول:
    ـ أنها جميلة ولكن ليس كما تقولين يا عائشة، فإن الكبر يظهر عليها. لقد ذهب معظم شبابها مع الأيام وبقيت منه بقية لا تصبر على الزمن طويلا".
    ففرجت علي ما كانت تضيق به نفسي.
    ـ فقلت اذهب إليها مرة أخرى لأتحقق من قول حفصة فرأيتها كما وصفتها فحمدت الله أنها لم تكن شابة تنازعني حب رسول الله وحبه لي".
    ومن هذه الرواية يتضح مدى غيرة عائشة رضي الله عنها من أم سلمة .. على بقية من جمال جليل لم تأخذه الأيام.
    وتمضي الأيام وتحدثنا كتب السيرة أن نساء النبي وقد علمن بما أفاء الله على رسوله والمسلمين من النعم والخيرات بعد جلاء اليهود عن المدينة فطمعن أن يعشن حياة مرفهة، ويلبسن ملابس اجمل، ويصبح لهن مثل النساء الأخريات من الذهب والفضة، ويتركن حياة الزهد والتقشف التي يعيشها الرسول، ولكن الرسول رفض مطالبهن، وقرر اعتزالهن جميعا .. حتى شاع بين المسلمين أنه طلقهن.
    وحزن أبو بكر الصديق .. وحزن عمر بن الخطاب .. عندما تناهى إلى سمعهما أن نساء النبي اعتزلهن رسول الله عليه الصلاة والسلام في "مشربة" وقام على خدمته خادمة رباح.
    وتوجه عمر بن الخطاب إلى أم سلمة يسألها عما فعلته بالرسول وكانت تمت إليه بصلة القرابة .. ولكن أم سلمة استنكرت على عمر أن يتدخل في أمور بيت الرسول، حتى لو كانت ابنته حفصة من أزواج الرسول.
    قالت لعمر بن الخطاب:
    ـ "عجبا لك يا عمر .. مالك ولهذا وقد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين النبي وأزواجه".
    واعتذر لها عمر ..
    وبقى حزينا لما حدث في بيت النبوة .. وتوجه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وعندما سمح له الرسول بالدخول، هال عمر بن الخطاب حياة النبي عليه الصلاة والسلام المتقشفة .. حتى أنه بكى عندما رأى أن الحجرة ليس بها إلا الحصير الذي أثر في جنب الرسول .. وسأله الرسول عما يبكيه قال عمر: ما أراه بك يا رسول الله، أنك أحب العباد إلى الله، وتعيش هكذا على حصيرة أثرت في جنبك وتأكل الماء والشعير!
    وقال له أعظم رسل الله:
    ـ يا بن الخطاب كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، لقد خيرت بين أن أكون نبيا ملكا مثل سليمان وداود عليهما السلام، وبين أن أكون نبيا عبدا فاخترت أن أكون نبيا عبدا".
    وأخذ عمر يحدث الرسول حتى سرى عنه، وعلم أن النبي يعتزل زوجاته لمطالبهن، ورغبتهن في زخرف الحياة الدنيا وأنه لم يطلقهن وسعد بن الخطاب. وفي هذه الحادثة نزل قوله تعالى:
    {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا "28" وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً "29"} (سورة الأحزاب)
    وبعد انتهاء الشهر، خير الرسول نساءه بين الحياة معه كما يعيش، أو أن يسرحهن سراحا جميلا .. بدأ الرسول بعائشة قائلا:
    ـ " يا عائشة أني أريد أن أعرض عليك أمرا، أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك .. وتلا عليها ما نزل من القرآن الكريم ..
    قالت عائشة رضي الله عنها: أفيك استشير أبوي يا رسول الله بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة".
    و .. فعلت كل أمهات المؤمنين ما فعلت عائشة .. ورضين أن يعشن في كنف الرسول مؤثرات الله والدار الآخرة.
    .. عاشت أم المؤمنين أم سلمة في بيت النبوة كريمة معززة .. وروت أحاديث عنه .. وعندما وافاها الأجل المحتوم كانت قد جاوزت الثمانين من عمرها .. فقد ماتت عام 61 هجرية ودفنت بالبقيع.

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الردود
    362
    الجنس
    أنثى

    شخصيات إسلامية :أم حبيبة .. بنت أبي سفيان

    أم حبيبة .. بنت أبي سفيان


    عاشت رملة بنت أبي سفيان في بيت أبيها صاحب المكانة الرفيعة في مكة .. وأحد كبار زعمائها .. وهي ترى احترام الناس لها لأنها سليلة هذا البيت العريق من بيوتات مكة .. فهي ابنة شيخ بني أمية أبي سفيان ابن حرب.
    وتزوجت رملة من عبيد الله بن جحش الأسدي (ابن عمة الرسول) ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد نزل عليه الوحي.
    وتمضي الأيام .. وتدوي في مجتمع مكة الأخبار حول محمد وما ينادي به من دين جديد .. وانقلب المجتمع كله رأسا على عقب، ولم يعد هناك حديث إلا عن هذه الدعوة الجديدة، وما سوف يترتب عليها من تغيير الناس لمعتقدات الآباء والأجداد، وما سوف تحدثه من تغيرات في المجتمع .. ونظرة الناس بعضهم إلي بعض .. وسخرية من عبادة الناس لحجارة صماء لا تنفع ولا تضر .. وكان أن آمن بهذه الدعوة عبيد الله وآمنت معه زوجته رملة بنت أبي سفيان.
    ولم تطق مكة أن ترى من أبنائها من يدخل الدين الجديد، فزادت في عذاب المستضعفين منهم، وتربصت بأصحاب المكانة .. فقرر البعض الهجرة إلي الحبشة، وكان منهم عبيد الله وزوجته رملة. وفي هذه الأرض الغريبة كان إيمانها العميق بربها دافعا إلي أن تصبر وتتجه بكل كيانها إلي ربها أن يعينها في حياتها على أرض غريبة، وبين أناس تختلف تقاليدهم وعاداتهم عما ألفته في مجتمع مكة.
    وكان عزاؤها أن ملك الحبشة "النجاشي" متعاطف مع المسلمين .. أكرم وفادتهم .. وأنزلهم منزلا كريما، لأنهم يؤمنون بالله كما يؤمن هو كمسيحي بالله .. وأنهم لا يعبدون حجارة .. وكان هو يأنف من إنسان يسجد لما صنعته يداه.
    وكان من الممكن أن تعيش حياتها في الغربة كما يعيش أي مهاجر أرض غريبة، محتسبة عند ربها هذه الغربة إلا أنها ذات يوم قامت من نومها فزعة، فقد رأت زوجها في صورة قبيحة!! وتحيرت وهي تحاول تفسير هذه الرؤيا العجيبة، ولكن سرعان ما فهمت تأويل رؤياها عندما عرفت أن زوجها ارتد عن الإسلام وتنصر .. استهوته الخمر والحياة على هواه وكان يحز في نفسها أنها أنجبت منه (حبيبة) .. التي أصبحت تكني (بأم حبيبة)..
    زادت أحزانهما في الغربة. فأبوها (أبو سفيان بن حرب) واحد من أشد الناس كراهية لمحمد وما جاء به من الحق .. وكأنه وهب عمره للقضاء على الدعوة وصاحب الدعوة .. وهو لا يقل عداء للدعوة عن أبي جهل. وزوجها هو الآخر قد باع دينه بدنيا فانية.
    وهي وحيدة مع طفلتها التي ولدت على أرض غريبة .. ما أعظم أحزان هذه السيدة الجليلة. وإسلامها يأبى عليها أن تعود إلي أبيها في مكة .. وردة زوجها أصابتها بخنجر في الصميم .. من أعماق .. أعماق نفسها..!
    لقد بعثت مكة "بعمرو بن العاص رسولا من قبلها إلي النجاشي يؤلبه بما أوتي من مكر ودهاء على المسلمين .. وهناك على تلك الأرض الغريبة صمد المسلمون لهذه المحنة .. وأخذ جعفر بن أبي طالب .. أحد مهاجري مكة في الحبشة .. يرد على عمرو بن العاص أمام النجاشي .. ليكشف أمره .. وكان صورة مشرفة للمسلم الواعي المحافظ على دينه وشرف عقيدته .. ونبل الرسالة التي يؤمن بها.
    قال جعفر للنجاشي وهو يشرح له الدين الذي من أجله هاجروا إلي بلاده تحسبا من بطش كفار مكة وجبروتهم.
    ـ أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة .. ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار ويظلم القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفته، فدعانا إلي عبادة إله واحد، وأن نخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من أحجار وأصنام، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم .. وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فآمنا به، واتبعناه فيما جاء به، فعدا علينا قومنا .. فعذبونا ليردونا عن ديننا إلي عبادتهم، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلي بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك ورجونا ألا نظلم عندك".
    وتأمل النجاشي فيما يسمع وطلب من جعفر أن يقرأ عليه شيئا من القرآن الكريم فقرأ له:
    {قالوا تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون "151" ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون "152" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون "153" } (سورة الأنعام)
    وصمت النجاشي وهو متمعن فيما يقول جعفر وقال:
    ـ أن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة وقال لابن العاص وزميله عبد الله بن أبي ربيعة:
    ـ انطلقا إلي قومكما، فوالله لا أسلمهم لكما أبداً".
    ولكن عمرو بن العاص وصاحبه لا يريدان أن يستسلما للهزيمة فحاولا أن يكيدا للمسلمين، وأن يوقعا بين النجاشي وبين من حولا ضيوفا عليه.
    فسأل النجاشي: ماذا يقولون في عيسى؟
    ـ ورد جعفر نقول فيه ما قال الله بشأنه .. وتلا قوله تعالى:
    { وأذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقيا "16" فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً "17" قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً "18" قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً "19" قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً "20" قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً "21" فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً "22" فأجاءها المخاض إلي جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً "23" فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً "24" وهزي إليك بجذع النخلة تساقط علك رطباً جنياً "25" فكلي وقري عيناً فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم أنسياً "26" } (سورة مريم)
    وما كاد النجاشي يسمع هذه الكلمات من القرآن الكريم حتى قال:
    ـ والله ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا القول.
    وترك النجاشي للمسلمين حرية العبادة، ورفض دسيسة عمرو بن العاص.
    وعلم خاتم النبيين بما جرى لأم حبيبة .. وصمودها وتمسكها بإيمانها في أرض الغربة .. فلم يشأ أن تعيش مع حزنها وألمها .. وغربتها وهجران زوجها وكفره بعد إيمانه.
    وقرر أن تكون زوجة له. وتكون أما من أمهات المؤمنين تكريما لشجاعتها وموقفها العظيم .. وأرسل للنجاشي يوكله عنه في عقد الزواج. وقد رأت أم حبيبة في منامها من يقول لها "أنت أم المؤمنين".
    وفرحت لهذه الرؤيا .. إلي أن طرقت بابها ذات يوم جارية حبشية جاءتها من قبل النجاشي وكانت اسمها "أبرهة" .. جاءتها لتخربها أن نبي الإسلام بعث لها رسولا يريد الزواج منها .. وأن النجاشي يسألها عمن توكله عنها في عقد الزواج .. فاختارت خالد بن سعيد وطلب النجاشي من جعفر أن يعقد القرآن .. وقد أهداها النجاشي أربعمائة دينار وأعطاها خالدا وقال له:
    ـ هذا صداقها هدية مني لنبي العرب.
    وقد أهداها النجاشي بعض الهدايا.

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الردود
    362
    الجنس
    أنثى
    وتمضي الأيام ..
    ويعلم المهاجرون في الحبشة بأن المسلمين في المدينة قد استطاعوا أن يثبتوا أقدامهم .. وأصبحت لهم قوة تهاب مكة .. بل أن المسلمين قد حققوا انتصارا هائلا عليهم في "بدر" .. حيث صمدت القوة المؤمنة رغم قلتها على الكثرة من أهل الكفر .. وأنه قد سقط في هذه المعركة العديد من صناديد مكة وأئمة الكفر بها، ومنهم أبو جهل.
    ولم تستطع قريش أن ترد على الهزيمة المنكرة في "بدر" عندما تقدمت بزعامة (أبو سفيان) لأخذ ثأرها من قتلى بدر، ولكن النصر كان هزيلا .. ولم يحقق الهدف منه فقد أثرت مكة العودة من حيث أتت، خوفا من أن ترجح مرة ثانية لصالح المسلمين.
    لقد أصبح للمسلمين قوتهم التي لا تنازع .. وهم يزدادون كل يوم قوة وصلابة .. أما هذا الوضع الجديد قرر المهاجرون العودة إلي بلادهم والذهاب إلي مدينة الرسول ليكونوا عونا للنبي في كفاحه وجهاده العظيم.
    عاد المهاجرون إلي المدينة .. عقب انتصار النبي على يهود خيبر .. ولما رأى الرسول العظيم ابن عمه جعفر بن أبي طالب عانقه وقال له:
    ـ ما أدري بأبيهم أنا أسر .. بفتح خيبر أم بقدوم جفعر.
    أما أم حبيبة فكان النبي قد أعد لها بيتا بجوار أمهات المؤمنين بجوار المسجد، وكانت في الأربعين من عمرها كما يقول بعض الرواة .. وعلم أبو سفيان بزواج ابنته من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. فشعر بالزهو .. فإن هذا الرجل الذي يحاول أن ينازعه ويقف ضده بالمرصاد .. يثبت في كل لحظة من لحظات عمره بعظمته التي لا يحدها حد .. فهو بالمؤمنين رءوف رحيم .. وهو يعرف مدى عداوة أبو سفيان بن حرب للدعوة .. وصاحب الدعوة .. ومع ذلك فلم يترك ابنته في غربتها أسيرة الألم الفاجع والحزن الممض وهي تعيش في غربتها في بلاد بعيدة .. فإذا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد عرف ما حل بها .. وترك زوجها لها حتى يغرق في الخمور التي كان يعشقها .. وارتداده عن دينه..
    محمد صلى الله عليه وسلم يعرف بكل ما مر بابنة عدوه .. فلا يتركها وحيدة مع أحزانها .. فريسة الغربة ولوعتها .. فإذا به يضعها من ذات نفسه ما يجعلها تعلو فوق ما ألم بها من جراح. لقد أصبحت زوجة لصاحب الرسالة رغم أنه يفصل بينه وبينها مئات الأميال..!
    سمع أبو سفيان بذلك فقال:
    ـ أما محمد ففحل لا يجدع أنفه.
    وهذا كناية على أنه كالجمل الذي ليس له مثيل .. لا يستطيع أحد أن يضربه على أنفه .. فهو شديد الحرص على أن يكون عزيزا أبيا .. يأبى المهانة له .. أو لأحد من أتباعه..
    وتمضي الأيام ..
    ومكة ينتاهى إلي سمعها انتصارات المسلمين .. ودخول الناس في الإسلام .. وكان هناك معاهدة .. هي "صلح الحديبية" بين مكة والرسول صلى الله عليه وسلم .. غير أن بعض المتهورين من شباب مكة حاولوا أن يثيروا "بني بكر" على قبيلة خزاعة وكانت خزاعة متحالفة مع الرسول .. واستنجدت خزاعة بالنبي .. وخشيت مكة أن يعلم الرسول بذلك فيناصر خزاعة، وينتهي بذلك صلح الحديبية.
    ويحدث احتكاك عسكري بين الرسول ومكة. أن مكة تعلم تماما أن المسلمين الذين انتصروا على اليهود .. وجابهوا الروم في مؤته "أصبحوا قوة هائلة لا يمكن لمكة أن تتصدى لها.
    وقررت مكة أن يذهب زعيمها أبو سفيان إلي المدينة لمفاوضة النبي .. ومد العمل بصلح الحديبية، وحل المشكلات وديا ولم يكن أبو سفيان يعلم أن الرسول قد علم بانتهاك مكة للمعاهدة .. بمناصرة بعض شبابها لبكر على خزاعة.
    وتوجه أبو سفيان إلي المدينة .. وكان أول من خطر على باله أن يذهب إلي ابنته (أم حبيبة) أم المؤمنين .. وقد أخفى وجهه .. وما كاد يطرق الباب، حتى خرجت ابنته وعرفته. ولكنه ذهل من هذه المقابلة .. فهي لم تقابله بالحفاوة التي كان يود أن تقابله بها، أنها كانت تود أن ترى والدها مسلماً .. مؤمنا وليس سيفا مسلطا على رقاب المؤمنين.
    ما الذي جاء به؟
    هل يريد خيرا لنفسه بدخوله الإسلام أم يضمر في نفسه شيئا؟
    تقدم أبو سفيان ليجلس على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا بابنته تبعد الفراش عنه..
    ذهل أبو سفيان وقال لها:
    ـ يا بنية أهو أعظم من أجلس عليه أم هو أدنى؟
    قالت له ابنته مجيبة على تساؤله:
    ـ هو فراش رسول الله الطاهر .. وأنت مشرك نجس!!
    زادت دهشة أبو سفيان وقال لها:
    ـ لقد أصابك بعدي يا بنية شر!
    قال له ابنته أم المؤمنين:
    ـ كلا .. أصابني كل الخير والحمد لله..
    ولم يجد أبو سفيان أمامه إلا أن يتوجه إلي مسجد رسول الله وهناك رأى أعظم رسل الله .. وقد أشاح بوجهه عنه .. والصحابة من المهاجرين والأنصار يحيطون به، ويجلونه .. ولا يرفعون أصواتهم فوق صوته .. وإذا تكلم علاه الوقار .. وصمت الجميع كأن على رءوسهم الطير .. وشعر بعظمة وهيبة الرسول..
    وحاول أن يستشفع له أحد من الصحابة .. فطاف على أبي بكر وعمر وعلي .. دون جدوى .. فتوجه إلي بيت علي بن أبي طالب حتى تجيره فاطمة بنت الرسول .. فقال له:
    ـ إنما أنا امرأة.
    فأشار إلي الحسن وهو ما زال طفلا يحبو.
    ـ مري غلامك هذا فيجير بين الناس! فيكون سيد العرب إلي آخر الدهر!
    والله ما بلغ غلامي هذا أن يجير بين الناس!
    وخارت قوى أبو سفيان .. ولم يجد أمامه إلا أن يذهب إلي مسجد الرسول .. عملا بنصيحة علي بن أبي طالب .. وأن يقول للناس:
    ـ أيها الناس إني قد أجرت بين الناس!
    وعاد إلي مكة منكسر الخاطر .. وقد حز في نفسه سخرية الناس منه .. وآلمه أكثر أن تكون ابنته "أم حبيبة" أكثر الناس استهزاء به لأنه لم يدخل في دين الله .. وظل زعيما للكفر .. وظل يعادي زوجها العظيم.
    وتمضي الأيام ..
    ويقرر الرسول الكريم فتح مكة .. ووجد أبو سفيان وقد هاله محاصرة جيش الرسول لمكة أن يصاب بالدوار .. وتنتابه الحيرة ماذا يفعل أمام انتصار المسلمين المحقق..
    سأل العباس عم الرسول لعله يخرج من حيرته عن الطريق الذي ينبغي أن يسلكه. ونصحه العباس بأن يعلن إسلامه وإلا فسوف يفقد رأسه!
    فأعلن إسلامه..
    وطلب العباس من ابن أخيه أن يعطي أبا سفيان شيئا يفتخر به لأنه يحب الفخر.
    فقال الرسول الكريم:
    ـ "دعه ينادي قريش .. من دخل المسجد الحرام فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن!". ودخل الرسول العظيم مكة منتصرا، وحطم الأصنام من حول الكعبة .. ودخل الناس في دين الله أفواجا..
    وتمضي الأيام ..
    ويصبح أخوها معاوية بن أبي سفيان مؤسس دولة بني أمية .. تلك الدولة التي استطاعت أن تمد نور الإسلام والحضارة الإسلامية إلي أماكن لم تكن تخطر على بال. وقد انتقلت إلي جوار ربها ودفنت في البقيع في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان وكان ذلك سنة 44 هجرية.

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الردود
    362
    الجنس
    أنثى
    إنتهى الموضوع يارب يعجبكم

مواضيع مشابهه

  1. شخصيات لها تاريخ (5 )
    بواسطة بنت النيل 4 في روضة السعداء
    الردود: 7
    اخر موضوع: 14-09-2011, 03:09 PM
  2. شخصيات
    بواسطة سحابة حزن في نافذة إجتماعية
    الردود: 4
    اخر موضوع: 16-01-2008, 06:35 PM
  3. شخصيات إسلامية - تستحي منه الملائكة
    بواسطة abdullah9004 في روضة السعداء
    الردود: 3
    اخر موضوع: 16-01-2007, 08:08 AM
  4. أناشيد إسلامية ليست إسلامية((خافوا الله))
    بواسطة بالتوفيق في ركن الصوتيات والمرئيات
    الردود: 37
    اخر موضوع: 15-11-2006, 05:46 PM
  5. أناشيد إسلامية ليست إسلامية
    بواسطة دمعة الساجدين في الملتقى الحواري
    الردود: 4
    اخر موضوع: 10-07-2006, 11:09 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ