الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , أما بعد :
فإن الحياة بين غمضة عين وأخرى تنتهي , والسائرون على الأرض اليوم هم في الغد
بباطنها , بل وقد لا يمر عليهم اليوم إلا وهم ماضي يطوى , فأدركِ نفسك !
يا من طرقت تباشير النبوة باب قلبك , لكن حال بينك وبينها التكاسل , والتشاغل بالدنيا
وتلهف على زينتها .
ويا من شعرتِ بثقل الذنب , وآثرتِ اللجوء لربك الرحيم , ثم تثاقلتْ خطواتكِ عن طريق المجاهدة .
اسمعي إلهك وهو ينادي على الناس جميعاً فيقول : { وَسَارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِن رِبَّكُمْ وَجنَّةٍ عَرْضهَا
السَّمَوَات والأرضُ أُعِدَّتْ للْمُتَّقِيِنَ } " آل عمران : 133 "
يا من أردتِ الصلاح ثم مالت بك نفسك لبئر الاستمتاع بالحياة الدنيا , اسمعي رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو يقول : (( بادروا بالأعمال سبعاً , هل تنتظرون إلا فقراً منسياً , أو غنى مطغياً
أو مرضاً مفسداً , أو هرماً مفنداً , أو موتا مجهزا, أو الدجال فشر غائب ينتظر , أو الساعة
فالساعة أدهي وأمر ثم
ها هو صلى الله عليه وسلم يحذرك من فتن الزمان فيقول : (( بادروا بالأعمال الصالحة فتناً
كقطع الليل المظلم , يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً , ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً , يبيع
دينه بعرض من الدنيا )) " مسلم "
يا من ظننتِ أن الموت لا يزال بعيداً ؟ ذّاك نبيك صلى الله عليه وسلم يقول : " يقول الله تعالى :
اعمل كأنك ترى , وعد نفسكِ من الموتى ... " " أحمد وحسنه الألباني "
فليس ذلك الظن يا أختي إلا حيلاً شيطانية لإغفالك وإضعاف عزيمتك .
يا من تأخر بكِ ظنكِ أن الزمان قد يأتيكِ في الغد بفرص أقوى وأكثر للصلاح ؟ احذري , واعتبري
بقول نبيك صلى الله عليه وسلم : ( لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه ..... " البخاري "
أختي الحبيبة !
إن نظرة واحدة في كتاب الله تعالى تعطيكِ آلاف الحسنات , وربما الملايين , فلم تنتظر
حتى تفتحه وتقرئي فيه ؟ !
إن سجدة واحدة لربكِ تعالى , ترفعكِ درجة في الجنة , وتمحو عنكِ كثيراً من السيئات , بل
تجعلكِ في حضرة الله تعالى ,
فـــ " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " فعلام الانتظار كي تسجدي هذه السجدة ,
إن دعوة واحدة منكِ لأخيكِ المسلم عن ظهر الغيب تجعل الملائكة يدعون لكِ بمثلها ,
بل بأفضل منها , فلماذا تمسكي لسانك عن هذه الدعوة ؟ !
أختي ...!
أسرعي إلى عمل الآخرة , فإنها أقرب للإنسان من أنفاسه .
أسرعي فإن الجنة قد تزينت لكِ . تنتظركِ بلهفة واشتياق .
أختي ....!
صفوف الملائكة تنتظرك , والجنة في انتظارك , فهيا , ارفعي يديك , وركزي ناظريكِ , وثبتي
قدميكِ , وابدئي في طرق أبوابها . فإني أراها عن قريب ستفتح لكِ .... ولكن أسرعي
وصلى الله على محمد وآل بيته وصحبه أجمعين .
الروابط المفضلة