الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
في هذه الايام .....يتحرك في نفوس المسلمين الحنين الى بيت الله الحرام بالحج , والشوق الى لثم الحجر وتمريغ الوجه عند عتباته , فترى من استعد له برحاله , ومن حزم امتعته , واخذ اهبته , وتجهز للرحيل , ولا غرابة .. فمن حج البيت من قبل .. له مع الحج ذكرى لاينساها , ومن لم يحج فحري به ان يستعد ويشمر لفرضه وركنه .
ان للحج مع من حج ذكريات لا تنسى وهل يستطيع من حج ان ينسى لحظة الغروب بعرفة ؟!! وهاتيك الوقفة الخاشعة والناس من حوله كل قد هام بتذللة وخضوعه وهو يناجي ربه في مشهد يبعث على الخشوع والرب جل وعلا من فوقهم يباهي بهم ملائكته يقول (انظروا الى عبادي اتوني شعثا غبرا اشهدكم اني قد غفرت لهم ) هل ينسى هذا ؟ وكيف ينسى تلك الجموع الغفيرة وهي تدفع في لحظة واحدة من عرفة الى جمع المشعر الحرام في منظر جليل عظيم .. وصوت التلبية ينبعث من تلك الافواه يشق الفضاء والاجواء ( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) معلنة بذلك الدعاء والنداء استجابتها لنداء بارئها في قوله :( واذن في الناس ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق ) لتعود يوم تعود من حيث جاءت وقد محيت عنها الذنوب وغفرت لها الخطايا والزلات كما قال صلى الله عليه وسلم : (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه ) .
ان للحج مع ما فيه من الوان المجاهدة والنصب لذكرى ولذة تنسي تلك المشقة والتعب .
وهذا مصداق وتحقيق لما اخبر به المولى جل وعلا حين قال :( واذجعلنا البيت مثابة للناس وامنا واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى )
قال ابن كثير _ رحمه الله _ : مثابة للناس اي محلا تشتاق اليه الارواح وتحن اليه ولا تقضي منه وطرا _ ولو ترددت اليه كل عام _ استجابة من الله لدعاء خليله ابراهيم عليه السلام في قوله :( فاجعل ائدة من الناس تهوى اليهم ) الى ان قال ( ربنا وتقبل دعاء ) فتقبل الله دعائه .
ومن هنا اوجه ندائي لمن يحج فرضه من قبل ولم يعزم على الحج هذا العام ايضا اقول له : كيف تطاوعك نفسك _ اخي _ وانت ترى وتسمع بمن يحج المرة تلو المرة ومع ذلك فهو يستعد للحج هذه المرة ايضا ؟ وكيف تصبر وكيف سيطيب لك المقام وانت ترى جموع الحجيج بعد ايام قليلة تيمم وجهها شطر المسجد الحرام لاداء فريضة الحج وانت ..انت قد رضيت بالقعود .. رضيت ان تكون من المتخلفين .. القانطين عن اداء فريضة ربهم .
ليت شعري ما الذي يمنعك ايها المؤجل انت ايها المسوف ما الذي يمنعك من المبادرة لاداء فرضك وابراء ذمتك .. الا تعلم ان الحج ركن من اركان الاسلام الخمسة والبناء لا يستقيم اذا خلا ركن من اركانه يقول الامام احمد _ رحمه الله _ في معنى ما ينقل عنه : ( اذاكان البناء لا يستقيم ولا يقوم اذا تخلف ركن من اركانه فكذلك اذا تخلف ركن من اركان الاسلام الخمسة ) .
فلم يا اخي هذا التراخي ولم التخلف عن اداء هذا الفرض العظيم .
الاجل دنيا تجمعها ؟!
ام هو العجز والكسل ؟!
ام هو التاجيل والتسويف ؟!
ام للخطا في فهم الحج على الفور ؟!
ام من اجل زوجة زاولاد يعز عليك فراقهم ؟!ام ...؟! ام ...؟!
فان كانت الدنيا تستهويك وهوى النفس يستميلك والشيطان اللعين عن فرضك يسترخيك فاعلم ثم اعلم انه لن يرضيه ان تؤدي فرضك وسيفتح لك من ابواب الانشغال ما كان مغلقا ويضع لك من الوان القيود ما ليس بموجود ليقعدك عن اداء هذه الفريضة حتى توافيك المنية وعندها سيكون قد ظفر منك ما ظفر ونال ما تمنى وانت يا من تصطنع لنفسك الاشغال طوال العمر اعلم ان الحج مرة في العمر
الروابط المفضلة