حمالة الحطب:
إن ما يزيد في الوعي النسائي ويرفع الاهتمامات تقديم النماذج المشرقة في تاريخنا وتكرار الحديث عنها، فاستعراض سير أمهات المؤمنين ودراسة أخلاقهن وكذا الصحابيات والتابعيات من شأنه تقديم المثل الواقعي للمرأة المثقفة العاملة لدينها، كما أن من فوائده الرد على من يقلل من شأن المرأة إن هي التزمت بدينها وحافظت على عفافها، كما أن من عظيم منافعه إثبات أن المرأة تكون في أعلى مستوى حضاري فقط عندما تقدم رضاء الله على رضا من سواه.
ونحتاج فعلا إلى الحديث الدائم عن حياة هؤلاء العظيمات في تاريخنا، ولكن نحتاج أيضا إلى دراسة مواقف حاملات لواء العداوة لهذا الدين وتسليط الأضواء عليهن لا لتلميعهن وإنما لتحقيق هدف أخذ العبرة. إن هذا الدين لم يقف في طريقه أعداؤه من الرجال فحسب بل أيضا شاركت المرأة في بعض المراحل.. وقد حكى القرآن من ذلك قصصا وأورد نماذجا. يقول الله تعالى في سورة تبت (وامرأته حمالة الحطب )) أم جميل امرأة أبي لهب أرادت قتل نبي هذه الأمة، وإطفاء نور الله في القصة المشهورة عند الكعبة، الله- عز وجل حمى نبيه وأعمى الله بصرها فلم تره، وأخذت تسال أبابكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنه كان جالسا بجواره في مسيرتها من بيتها إلى الكعبة كانت دماؤها تغلي حقدا على نبينا وديننا فنحن نكرهها في الله ونعوذ بالله من أفعالها وأفعال خلفها.
فكم في عالمنا اليوم من حمالة للحطب تحمل القلم استهزاء بدين الله، ولو استطاعت حمل حجارة لقتل ورثة الأنبياء لفعلت، وكم في مشهدنا الثقافي من تلامذة لذلك الرمز النسائي الذي يوصف بمصطلح اليوم المتحرر الذي يرفض ثقافة الشرق.
وفي حين ينتصر المسلمون لدينهم ونبيهم ينتصر الحداثيون لأمثال حمالة الحطب، فيصف أحدهم حديث القرآن عن حمالة الحطب بأنه امتهان لكرامة المرأة فيقول: "منذ تبت وحتى ظهور القناع تشترى لتباع وثانية تشترى لتباع " كبرت كلمة تخرج من أفواههم.
وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله في تفسير لقوله تعالى. (حمالة الحطب ) أربعة أقوال " الأول أنها كانت تمشي بالنميمة والثاني أنها كانت تحتطب الشوك فتلقيه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم والثالث أن المراد بالحطب : الخطايا، والرابع: أنها كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر، وأنها كانت تحتطب فعيرت بذلك.
أبو لهب وامرأته يمثلان البيت الذي يتربى أبناؤه بعيدا عن منهج الله، فلا قرآن يتلى، ولا صلاة تقام، بل إن للشيطان فيه مقاما، وأي مقام لا جوع فيه ولا عرى ولا برد، قوارير الخمر تدار، وانتهاك الحرمات على ساق.
فإلى من اتخذت من حمالة الحطب مثلا أعلى لها، ووقفت في وجه الدعوة إلى الله بقلبها أو بحالها أو بلسانها أو بمالها، نقول لها اقرئي الآية الأخيرة (في جيدها حبل من مسد)) وتفكري في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون وتأملي في جيد كان يزين في هذه الدنيا بالحلي والألماس كيف يزين يوم القيامة..!
مجلة الشقائق – العدد (الخامس والعشــرون)
بقلم د: رقيه المحارب
------------------
تناس مساوئ الإخوان يدم لك ودهم .
الروابط المفضلة