في أحيان كثيرة نحاصر أنفسنا بالمشكلات والعقبات ، نعم هي موجودة قطعاً لكن لدينا إمكانيات جيدة لنتجاوزها ، وعدم الوقوف عندها ، مستعينين بالله ، معتصمين بحبله ، مرددين كل حين " إياك نعبد وإياك نستعين " 00 ومن الأدعية المأثورة في بعض الروايات عن الأنبياء السابقين : ( اللهم لك الحمد وأنت المستعان وعليك التكلان وإليك المشتكى وبك المستغاث ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) 00
نستطيع النظر إلى المشكلات بحجمها الطبيعي ، فتسعى في علاجها أو تخفيفها دون أن تعيقنا عن المسير أو تقعدنا عن العمل والإنجاز ، ونستطيع أن نرجىء بعض المشكلات التي تستعصي على الحل الآن منتظرين فيها فرج الإله العظيم الذي بيده التدبير 00 وفي سنن الترمذي عن ابن مسعود مرفوعاً : ( أفضل العبادة انتظار الفرج ) وهو معلول 00 لكن مما لا شك فيه أن ترقب التفريج من الله عبادة لأنه أحد معاني الصبر ومن الأسرار البديعة في هذا المقام أن هناك مشكلات كثيرة قابلة للحل لكن دون قفز على المراحل أو تسرع يفضي إلى الحرمان ، وهناك مشكلات ليس لها حل الآن فالحل في تأجيلها والصبر عليها حتى تحين فرصة البحث عن حل 0 وهكذا يبدوا الصبر ضرورة لازمة في الحالتين ومن هنا ورد الأمر به والحث عليه في القرآن الكريم ، حيث أحصيت كلمة الصبر ومشتقاتها فوجدتها جاءت في نحو مائة وثلاث آيات بسبع وعشرين تصريفاً
بدون التجمل بالصبر تذهب جهودنا أدراج الرياح ، ولهذا قال عمر – رضي الله عنه - : ( وجدنا خير عيشنا بالصبر ) رواه البخاري
00 إذن نستطيع أن نحل المشكلات – بإذن الله – ونستطيع أن نخفف قسماً آخر منها ونستطيع أن نتكيف مع الشريحة الثالثة من تلك المشكلات التي لم نجد لها حلاً حتى الآن ، لكن يجب أن نعي تماماً أن الإنسان لو أمسك بيده مربعاً بحجم الكف ثم قربه من عينه فهو سيحجب الرؤية عنه لا محالة ، وهكذا المشكلات حين نعطيها حجماً أكبر ونمنحها من وجداننا وتفكيرنا وحياتنا فهي بذلك تحتل حيزاً أوسع وتبدو لنا عائقاً جدياً أمام الانطلاق والعمل ، ولذلك يقول المتنبي :
وتكبر في عين الصغير صغارها 0000 وتصغر في عين العظيم العظائم
ويقول :
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا 000 فأصغر ما يمر به الوجول !
دون أدنى شك 00 سيجد الإنسان عوائق من أهله خوفاً عليه وإشفاقاً أو كراهية لأنه يخالف مألوفاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، أو حباً 00 ومن الحب ما قتل ، وسيجد عوائق من مجتمعه الخاص ( مدرسة أو جامعة أو إدارة ) ، ومن محيطه العام الذي يهتم بملاحظة أفراده والتعليق على مسالكهم 0 بل سيجد عوائق من نفسه التي يجرها إلى الخير وتجره إلى الشر ولسان حاله يقول لها : مالي أدعوك إلى النجاة وتدعينني إلى النار ؟
ولكنه سيجد من مدد الله وعونه خصوصاً للداعين والمبتهلين والمتضرعين ، وسيجد من الإرادة الصلبة التي جعلها الله في نفسه ، وسيجد من معونة إخوانه المؤمنين ورفاق طريقة خير عون وزاد 0
وحتى تكون المشكلة نابعة من أعماقنا يجب ألا تكون سوراً مضروباً علينا ، لم لا ننهض من جديد ! ونلملم جراحنا 00 ونستجمع شتات إرادتنا 00 ونتطلع إلى المستقبل بدلاً من كثرة الالتفات إلى الوراء 000
أليس الله هو التواب ؟ أو لسنا بالخطائين ؟
توضأ القلب من ظني 00 بأنك غفار وصلي 00 وكانت قبلتي الأمل
دع الهوى لذويه يهلكوا شغفاً 00 أو فاقتل النفس فيه مثل من قتلوا
فليفزع المؤمن إلى ربه ، وليستمسك بصحبة من يعينه على مشقة الطريق 00 وليشحذ عزيمته ، ولينهض كلما كبا وهو لابد واصل 0
سدد الله على طريق الهدى خطوك 00 وأصلح قلبك 00 وغفر ذنبك 00 وهو اللطيف الخبير 0
( منقول - للشيخ / سلمان العوده - حفظة الله )
الروابط المفضلة