المصدر: صالح أحمد الشامي
هي بدر الموعد، التي تواعدوا إليها في أحد بناء على طلب أبي سفيان·
وكان أبو سفيان كارها لهذا الخروج، وحاول تثبيط المسلمين عن الخروج، فأرسل نعيم بن مسعود الأشجعي وجعل له عشرين بعيرا على أن يخذل المسلمين، فقدم المدينة وأرجف بكثرة العدو، وأدلى المنافقون بدلوهم، مما كان له بعض التأثير على بعض النفوس، حتى قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد· فأذهب الله عن المسلمين ما كان بهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر بألف وخمسمائة من أصحابه· وخرج أبو سفيان في قريش وهم ألفان، فلما كان في بعض الطريق وقد علم فشل خطته في تخذيل المسلمين عن الخروج قال: يا معشر قريش، إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن، فإن عامكم هذا عام جدب وإني راجع فارجعوا·· فرجع الناس فسماهم أهل مكة: جيش السويق·
وأقام صلى الله عليه وسلم ببدر ثمانية أيام، التقى خلالها بمخشي بن عمرو الضمري، وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان، فقال: يا محمد أجئت للقاء قريش على هذا الماء؟ قال: نعم يا أخا بني ضمرة، وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك، ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك· قال: لا والله يا محمد ما لنا بذلك من حاجة· ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا·
وهذه الغزوة وإن لم يجر فيها قتال فقد كان لها الأثر الكبير، فقد تسامع الناس بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم وإقامته ببدر وتخاذل أبي سفيان· وقد أحسّت قريش بهزيمتها النفسية فقال صفوان لأبي سفيان: والله نهيتك يومئذ أن تعد القوم، وقد اجترأوا علينا ورأونا قد أخلفناهم·· وهكذا جعل بعضهم يلوم بعضا·
ولم يكن هذا قاصرا على قريش، ففي اللقاء الذي جرى بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين مخشي بن عمرو الضمري التأكيد الكبير لمعنى القوة التي كان يتمتع بها المسلمون، وأن العقد الذي كان بين الفريقين يستمر بعامل قوة المسلمين لا بعامل ضعفهم، وبناء على طلب الطرف الثاني·· وفي هذا ما فيه من القوة للمسلمين وإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم·
وقد تناقل الناس قوة المسلمين، وذلك أن بدرا كانت موضع سوق من أسواق العرب في الجاهلية، وكان تواجد المسلمين فيها خلال الموسم مما هيأ لهم وسيلة إعلام·
الروابط المفضلة