انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 4 من 4

الموضوع: حلقات محمد هداية لكل من لا يستطيع متابعتها روعة ولله فلا تحرموا أنفسكم هذا العلم...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الموقع
    شعب الجزائر مسلم:وإلى العروبة ينتسب:من قال حاد عن أصله:رام المحال من الطلب
    الردود
    2,722
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    (أوسمة)

    حلقات محمد هداية لكل من لا يستطيع متابعتها روعة ولله فلا تحرموا أنفسكم هذا العلم...

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    أحبتي وجدت حلقات البرنامج "قصص القرآن" الذي يبث على قناة الشارقة و حبيت أنشر لكم حلقاته راجية منكم الدعاء

    و باسم الله نبدأ

    الحلقة الأولى:

    مقدمة

    الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف

    لماذا القصة في القرآن الكريم؟ وما هي عناصر تلك القصة؟ قديماً كتب في القصة القرآنية كثير من المفسرين وعلماء التاريخ. ومن المفسرين ومن علماء التاريخ من أطنب في تحليل القصة القرآنية ومنهم من أوجز القول فيها وربما أخلّ بالمعنى وربما من أطنب القول إعتمد على صنفين أو طريقتين من طرق البحث: الأولى أنه وقف وقفاً حرفياً محدداً عند الآية القرآنية لا يغادرها إلى غيرها. والصنف الثاني نقل ما صحّ وما لم يصحّ نقله فجاء بإسرائيليات مدسوسة في ثنايا تلك القصة. ولكن السؤال الوجيه الذي يطرح نفسه الآن: كيف ننقي القصة القرآنية من هذه الإسرائيليات؟ الناس في هذا على دربين: درب نقل نقلاً أعمى لم يُحقق ودرب آخر توقف ومحّص وأمعن النظر لينقي لنا القصة القرآنية مما علق بها من دسائس وشوائب.

    وأول من كتب في موضوع القصص القرآني وهذه فئة ثالثة بمفردها أبو إسحق النيسابوري المعروف بإسم الثعلبي في عرائس المجالس. ولكن للأسف عرائس المجالس جاءت ملأى بالإسرائيليات مما قد يُدخل الدَخَن على هذا القصص القرآني وبالتالي على نفس المسلم. ثم أعمل العلماء جهدهم وفكرهم إلى أن وصلنا الآن بالقصص القرآني. في هذا البرنامج نحاول وضع برنامج محدد لننقي الإسرائيليات التي وردت في القصص القرآني ودرس هذه القصص والدروس المستفادة منها وأهداف كل قصة على حِدة.

    لمّا كان لهذا الموضوع له من الأهمية الكبرى والقصوى في حياة كل مسلم لا سيما الإسرائيليات التي تؤثر سلباً أو إيجاباً في أحيان قليلة على مصادر الشريعة الإسلامية نستضيف واحداً ممن لهم باع طويل في القصة القرآنية وهو الدكتور محمد هداية.

    وهذه الحلقة هي حلقة تمهيدية نتناول فيها منهج البرنامج.

    ========================

    القصة القرآنية ظلمت ظلماً كبيراً حتى من بعض من أراد أن يصل بها إلى بر الأمان لأن الكثير خلط بين قصص القرآن وقصص الأنبياء. كتاب عرائس المجالس أساء إلى الإسلام إساءة بالغة وهذه الكتب خرجت بمضمون القصة عن حقيقتها. القرآن هذا النبع، هذا الفيض الإلهي يجب أن نقف أمامه على مُراد الله تبارك وتعالى فيه. الكثير من المسلمين الآن للأسف يريدون أن يكون الدين تابعاً لهم لا هم تابعون للدين بمعنى مثلاً لو تكلمنا في أي قصة في القرآن نجد أن الإسرائيليات نجحت أن تحكي القصة. القصة بلا شك حينما أنزلها الله تعالى قرآناً له مُراد ونحن مهما حاولنا أن نصل لمراده لا نستطيع لكننا نحاول. قصة أصحاب الكهف مثلاً لها هدف والحضور عادة أو الناس يريدون أن يعرفوا كم عددهم وما هي أسماؤهم وكل التفاصيل عنهم. وأذكر أني كنت أُحاضر مرة عن سورة يوسف فسألني أحدهم ما إسم إخوة يوسف؟ وأقول : ما المهم في معرفة الأسماء؟ الله تعالى قال في سورة يوسف عن قَصَص القرآن (نحن نقص عليك أحسن القصص) نفهم منها أنه سيعطينا تعالى طريقة مثلى تختلف حتى عن طريقة القرآن في القصص. قصة موسى عليه السلام جاءت في أكثر من سورة بأكثر من صيغة وقد أخذ بعض المستشرقين (ونحن لا نذم كل المستشرقين) هذا الأمر على أنه تكرار للقصة في القرآن.

    ما هي القصة؟

    القصة هي لون من ألوان التوجيه ولون من ألوان التأثير. لأن كلمة قصة نسمعها الآن ويقولون عن فيلم سينمائي قصة فلان ولكنها من الخيال. لكن القصة يجب أن تكون من الواقع. كلمة قصة مأخوذة من قصّ الأثر ولا يمكن قصّ الأثر لأحد لم يمشِ. القصّاص قديماً كان يعرف تماماً علم قصّ الأثر ويميّز عدد السائرين ويميّز بين أثر رجل بدين أو أعرج أو غيره من آثاره في الرمال ويعرف أين اتّجهوا. المفروض أن القصة لا يمكن أن تُطلق إلا عن واقع (تتبّع) أم موسى قالت لأخته: (قالت لأخته قصّيه) قصّيه أي تتبعي أثره وإعرفي لنا أين هو؟ موسى عليه السلام موجود وله حكاية وآثار. فكلمة قصة لا تُطلق إلا على واقع وليس من وحي الخيال. التي من وحي الخيال تسمى أسطورة.نحن نسهم في بعض الأحيان في توقيع كلام من أراد أن يهدم القرآن (قالوا أساطير الأولين) وهو ليس بأساطير إذا أردنا أن نقص قصة حضرناها لا يمكن أن نعطي القصة كما حصلت تماماً ولكن كل شخص حضرها يقصها بواقعه الشخصي وكل إنسان قد يرويها بحكم معرفته أو محبته أو كرهه لأحد أطراف القصة أو تعاطفك مع أحد أطراف القصة. لكن عندما يقص الحق تبارك وتعالى سيعطيك جميع المشاهد من منطقة إن صح التعبيرعلوية لأنه سبحانه عليم مهيمن وعلمه محيط. ولذلك في تعبير بعض الآيات في القرآن تصوير لبعض الآيات كأنها قصة قال تعالى في المنافقين (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) البقرة) هذه ليست قصة وإنما الآيات تجعلنا نشعر أننا في قصة نعيش في مشاهدها ولكنها ليست قصة وهي تصوير للإنذار والتحذير.

    ما مقومات القصة في القرآن؟

    القصة القرآنية تقوم على واقع قد حدث يشهد به بعض الكتب السالفة على القرآن قبل التحريف ويأتي القرآن ليحكي القصة ويحكيها محمد صلى الله عليه و سلم وهذا من ألوان التأييد لمحمد صلى الله عليه و سلم. قال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)) الرسول محمد صلى الله عليه و سلم وُلِد في عام الفيل فكيف يحكي؟ ولكن الله تعالى يحكي له وكأنه رأى بعينيه بل هو الأفضل لأن الله تعالى المهيمن المحيط علمه بكل شيء هو الذي يحكي. كلمة فكأني بالله تعالى يقول إذا حكى الله تعالى فكأنك يا محمد قد رأيت بعينك وأفضل. (تر) هنا بمعنى علم رؤية يشرحها تركيبة (أرأيتكم) في القرآن وهي تركيبة من أصعب تراكيب القرآن الكريم وهي قضية لغوية كبيرة: الهمزة والفعل رأى والتاء والضمير. أي أخبروني إخبار من له علم دراية بالموضوع وهذا مستحيل إلا إذا أخذت القصة من المنبع: من المهيمن المحيط. القصة لها مقومات لا نقدر عليها. القرآن يروي لنا من عهد آدم عليه السلام إلى بعثة محمد صلى الله عليه و سلم وكان غيباً بالنسبة لمحمد صلى الله عليه و سلم. عندما يحكي له قصة الوليد بن المغيرة المعاصر له يحكيها كأنها غيب عن الرسول صلى الله عليه و سلم وعن جميع المسلمين لأنه يتحدث عن داخلية الوليد وما يفكر به الذي حتى لو رأيته لن تعلم ما في داخله وهذا لأنه سبحانه الخبير العليم. في قصة المجادِلة خولة بنت ثعلبة حينما ذهبت للرسول صلى الله عليه و سلم كانت السيدة عائشة بجوار النبي صلى الله عليه و سلم وخولة من أدبها كانت تشتكي زوجها للرسول صلى الله عليه و سلم بصوت خافت ولم تسمعها السيدة عائشة ولما قال لها صلى الله عليه و سلم ما أراك إلا وقد حرمت عليه إلتفتت عن الرسول صلى الله عليه و سلم وشكت إلى الله تعالى حاجتها فنزلت الآية (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)) فبكت السيدة عائشة عندما سمعت قول الله تعالى وقالت: تبارك سمع الله، والله لقد كنت بجواررسول الله صلى الله عليه و سلم فلم أسمع ما تقول وسمعها الله من فوق سبع سموات طباق. فهو السميع سبحانه ليس كسمعنا . عندما نستمع من السميع العليم الخبير فيكون من واقع قد لا تفكر أنت فيه.

    مسألة تكرار القصة:

    هو ليس تكراراً وإنما ملمح آخر في القصة. قصة آدم عليه السلام جاءت في مطلع الكتاب لا القرآن ثم تعددت داخل الكتاب في قرآن كثير. وهناك فرق بين الكتاب والقرآن: الكتاب كل القرآن والقرآن بعض الكتاب. إقرأ هي أول ما نزل من القرآن وهذا مأخوذ من الكتاب. حينما أراد الله تعالى أن يكون لهذه الأمة رسالة وأن ُيبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم أنزل الكتاب إلى السماء الدنيا بالجمع الذي بين أيدينا الآن (الفاتحة – البقرة- آل عمران..) يؤخذ منه لكل واقعة قرآناً. عندما تسأل من جمع القرآن يقول الناس أن عثمان جمع المصحف أو أبو بكر لكن نقول لهم أن الله تعالى هو الذي جمع القرآن قبل إنزاله وما فعله أبو بكر وعثمان هو جمع على الجمع. حينما كان القرآن ينزل كان الرسول صلى الله عليه و سلم ببشريته يتعجل بالقراءة ليحفظ فنزل قوله تعالى (لا تحرك لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه) هذا القرآن مجموع قبل أن ينزل لأنه جاء من جمع بدليل أن جبريل عليه السلام كان يقول للرسول صلى الله عليه و سلم هذه آية كذا في سورة كذا قبلها آية كذا وبعدها آية كذا. في سورة فصلت قال تعالى (حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)) كتاب جُزّيء مجموعه إلى قرآن ينزل بحسب الحادثة (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) الإسراء) الكتاب موجود يؤخذ منه القرآن بدليل: أول القرآن إقرأ وأول الكتاب الفاتحة (إقرأ في الجزء الثلاثين وليس في أول الجزء حتى). الجمع قضية وإن ترتيب نزول القرآن كان يناسب العصر. بالنسبة لنا هذا الجمع هو الذي يناسبنا. هذا الفكر يؤيد هذا الرأي من حيث أن القصص القرآني عندما يتعدد في بعض السور لا يعطيك معنى آخر وإنما يعطيك ملمحاً ثانياً وثالثاً ولكن لا تكرار في القصص القرآني.

    ترتيب القصص في القرآن:

    في القرآن أم في الكتاب؟ يجب التفريق بين اللفظين. أول قصة في القرآن هي قصة أصحاب الجنة (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة). قصص القرآن من واقع سورة يوسف التي جاءت في الكتاب (نحن نقص عليك أحسن القصص). ترتيب القصص في الكتاب جاء على ما ينفع الناس في هذا العصر. في البقرة أول إخبار عن آدم (الآية 30) وهذا عظيم الترتيب. هذه البداية التي تهم المسلم فالترتيب إعجاز. البقرة ترتيبها 87 من حيث التنزيل وعندما تكون الثانية في الكتاب فلهذا حكمة. (إنا بلوناهم) كانت على عهد الرسول صلى الله عليه و سلم أهم من قصة آدم وهذا الترتيب يفيد أولويات العصر. لأن العجيب في القرآن أن مطلع الكتاب ومطلع القرآن يتفقان في كلمة (الجنة) التي سببت مشكلة بين الناس. ففي أول الكتاب قال تعالى (أُسكن أنت وزوجك الجنة) وفي أول القرآن قال تعالى (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) هذا ليس صدفة ونفهم منها أن كلمة الجنة سيكون فيها مشكلة عند بعض الناس هل جنة آدم على الأرض أو هل هي في السماء، جنة الخلد؟

    أهداف قصص القرآن:

    نرجع بالتاريخ إلى القصة الكاملة في سورة يوسف. ماذا حصل من إخوة يوسف ليوسف؟ كادوا له وأصابوه. يوم أن ذهبوا إليه قال لهم (لا تثريب عليكم اليوم) سامحهم وتنازل عن حقه. والرسول صلى الله عليه و سلم سامح أهل مكة (نفس القضية) ما فعله إخوة يوسف لا يقل عما فعله أهل مكة وما فعله يوسف مع إخوته لا يزيد عما فعله صلى الله عليه و سلم مع أهل مكة. هذا يبين أن الرسول صلى الله عليه و سلم أفاد من القصص لأن قصة يوسف كانت قبل فتح مكة بسنوات فلما حكيت له تأثر بها واستفاد منها وهو الأسوة ويجب أن نفعل مثله وهذا هدف القصة يجب أن تؤثر القصص فينا كما أثّرت بالرسول صلى الله عليه و سلم. فكأني بالرسول صلى الله عليه و سلم يريد أن يبين لنا كيف إستفاد فقال لأهل مكة عند الفتح: ما تظنون أني فاعل بكم؟ هم كانوا أذكى من إخوة يوسف فقالوا: أخ كريم وإبن أخ كريم فقال صلى الله عليه و سلم: إذهبوا فأنتم الطلقاء. محمد صلى الله عليه و سلم نبي هذه الأمة واسوتنا جميعاً أفاد من قصة يوسف كمثال العفو عند المقدرة والتطبيق.

    ترتيب سورة يوسف في النزول 54 وفتح مكة حصل بعد الهجرة بكثير لكنه تذكر يوسف فقال: إذهبوا فأنتم الطلقاء . إن لم تؤثر القصة بالمسلم فأين إسلامه؟. يقول تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) يوسف) العبرة أنه لما يقرأ المسلم يطبّق ويستفيد من القصة. ولا نسأل ما إسم إخوة يوسف وما عدد أصحاب الكهف وكم عاشوا وما إسم كلبهم وأين كان يجلس؟

    لو ذكرنا الأسماء فهل سيخدم هذا القصة؟ كلا. لأن المهم هو هدف القصة وليس مكان القصة ولا من فيها. من عظيم هذا الكتاب أن معظم قصص القرآن ليس فيها أسماء إلا قصة واحدة حدد فيها الإسم قطعاً وهو إسم مريم إبنت عمران لأن هذه القصة لا تنفع بدون إسم مريم عليها السلام لأنه تعالى سيذكر إبنها (المسيح عيسى إبن مريم) ولو لم يذكر إسمها لقالت إحدى النساء أنا ولدت ولداً من غير أبّ. فعندما لا يذكر الأسماء لا نسأل عنها ولا يهمك أسماؤهم وإنما فقط نأخذ العبرة من القصة.

    الغرض من تعدد مواضع القصة في سور القرآن الكريم:

    الغرض أن تستقر القصة في ذهن القارئ ويثبت الهدف منها بأخذ أكثر من ملمح لأكثر من واقعة. قصة آدم في سورة البقرة تحدثت عن عدم الإقتراب من الشجرة وفي الأعراف وطه ذكرت وسوسة الشيطان وفي سورة أخرى ذكرت ملمحاً آخر وكل هذا لتثبيت أخذ الهدف والفائدة من القصة. لو ذكر القرآن قصة آدم كلها في سورة البقرة مثلاً سينساها القارئ عندما يصل إلى آخر الكتاب ولكن عندما تقرأ عنها في العديد من السور وتجدها في أكثر من مكان تبقى في بالك وعندما تعود للقراءة من جديد ختمة بعد ختمة تكون القصة في بالك والرسول صلى الله عليه و سلم علّمنا في قراءة القرآن " خيرقارئ للقرآن الحالّ المرتح" الذي يبدأ ختمة بعد إنتهائه من ختمة.

    سورة يوسف مقطوعة بمعنى أنها قصة حصلت بواقعها بنتيجتها حتى ينهيها المولى تعالى ونأخذ العبرة منها. وسورة يوسف ترد على سؤال لماذا قدّم الإخوة في آية سورة عبس (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)). في علم النفس يقولون أن أقرب إنسان لديك وأنت طفل صغير هو أخوك لأنه إذا كان الطفل عمره 3 سنوات مثلاً فهو بعيد بالنسبة لعمر أبيه لا يتفاهم معه ولكن أقرب واحد له هو أخوه والأخ لما يفِرّ من أخيه هذا شيء غير مُتصور فلما يحدث هذا الأمر ترد على ما حدث في سورة يوسف وإخوته وتجد الإخوة 11 كلٌ إختلف في طريقة تعامله مع يوسف بإختلاف شخصيته كما في قصة أصحاب الجنة (قال أوسطهم) هل هو أوسطهم عدداً أو سناً أو علماً حكمة وعقلاً؟ نقول هو أوسطهم رأيا الذي لا يتطرف يميناً أو شمالاًً.



    من خلال القصص القرآني حاول بعض المستشرقون الولوج إلى مقاصد الشريعة الإسلامية فدسّوا فيها الإسرائيليات. ونحن سنتناول القصص من واقع القرآن بإتفاق أهل التفسير واللغة بعيداً عن أية حكايات أو إسرائيليات ومنهجنا بعيد تماماً عن أمرين: عن الإسرائيليات في القرآن وعن الضعيف والموضوع في الحديث وأنا لا أعتمد إلا على الكتاب والسنة الصحيحة والأحاديث المتفق على صحتها وإن كان عند احمد او الترمذي لأن عندنا في كل باب أحاديث صحيحة فلماذا نذهب للحديث الضعيف أو الموضوع؟ في باب الصلاة مثلاً عندنا أحاديث صحيحة كثيرة فلماذا نذهب للأحاديث الضعيفة والموضوعة؟

    مقارنة القصة القرآنية بقصص العهد القديم والعهد الجديد؟

    لا يمكنني أن أقطع فيها لأنه ليس بين أيدينا العهد القديم أو الجديد الصحيحين لأن العهد القديم حُرّف والعهد الجديد أُلّف ولو تكلمت عنهما لظلمتهما والكتاب الصحيح القرآن فنعتمد عليه ولو لم يتم التحريف في العهد القديم والعهد الجديد لوجدناهما متفقان مع القرآن. الكتاب والسنة الصحيحة هي مرجعنا والكلام في القصص لا يحتاج إلى العهد القديم أو العهد الجديد لأن الكتاب فيه ما يكفي.

    هل تنفصل مقاصد القرآن ومقاصد القصة؟

    إطلاقاً. القصة هي لون من ألوان الجذب والتأثير حتى يسمعها كل الناس بمستوياتهم المثقفين وغير المثقفين لكن لا نخرج بالقصة على أنها حكايات لكن نأخذ القصة من واقع القرآن كما قال القرآن. مثلاً في قصة آدم عليه السلام (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) هل الخليفة آدم فقط أو آدم وذريته؟ بالطبع آدم وذريته والبعض قال آدم فقط خليفة. ثم قالوا آدم خليفة الله على الأرض وهذه قضية خطيرة شائكة ونحن سنفهم القرآن بإذن الله تعالى على أوسط ما قاله المفسرون.

    وأنبّه أنه على الذي يريد أن يجتهد في القرآن عليه أن يكون حاصلاً أولاً على الأقل على إختصاص ليسانس في اللغة العربية ثم علم الأصول الذي يتناول علم التفسير وعلوم القرآن لكن بداية يجب المؤهل اللغوي.

    الحروف المقطعة في أوائل بعض السور:

    الحروف المقطعة في الكتاب قضية من أصعب القضايا وتفرض نفسها على كل من قرأ القرآن. هذا الكتاب الذي أنزله الله تبارك وتعالى على الرسول صلى الله عليه و سلم تميّز منذ اللحظة الأولى بالحروف المقطعة. محمد صلى الله عليه و سلم بإتفاق أهل زمانه وبإتفاق القرآن مع هذا الرأي رجلٌ أمّي. ما هي الأمية؟ الأمي هو الذي لا يكتب وإنما يقرأ. قال تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) الجمعة) وهذا أول تعريف أوجد المشكلة. كلمة (يتلو) تدل أنه يتلو عن سماع. القراءة ليست قراءة كتابة فقط وإنما قد تكون قراءة عن سماع. نحن تعودنا أن الأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب وفي لسان العرب لإبن منظور يقول أن الأمي هو الذي لا يكتب. الرسول صلى الله عليه و سلم قال: نحن أمة أمّية لا نكتب ولا نحسب" لكن نقرأ. وفي واقعنا أن أحسن من قرأ القرآن هم الأميين لأنه ليس في عقلهم إلا القرآن فالشيخ في الأرياف وفي الكتاتيب الذي يحفّظ الكتاب ليس في عقله إلا القرآن. لذا يجب قراءة القرآن على يد قارئ. الأميّ قرأ مرة (ألم) في أوائل سورة البقرة على أنها حروف مقطعة وقرأها في سورة الشرح (ألم). ولو كان الرسول صلى الله عليه و سلم لا يقرأ ما أمره الله تعالى أن يقرأ.

    بُثّت الحلقة بتاريخ 24/1/2006م

    تابعوا الحلقة القادمة
    آخر مرة عدل بواسطة ريونتي : 05-09-2006 في 11:56 AM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الردود
    2
    الجنس
    جزاك الله خيرا على هذا النقل الرااائع
    مجهود تشكري عليه

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الموقع
    شعب الجزائر مسلم:وإلى العروبة ينتسب:من قال حاد عن أصله:رام المحال من الطلب
    الردود
    2,722
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    (أوسمة)
    جزاك الله خيرا على الرد أخيتي
    مرور أعتز به منك

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الموقع
    شعب الجزائر مسلم:وإلى العروبة ينتسب:من قال حاد عن أصله:رام المحال من الطلب
    الردود
    2,722
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    (أوسمة)

    الحلقة الثانية قبل البدأ في القصص

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    أحبائي في الله يا من أشهد الله على حبكم فيه عدت إليكم اليوم بالحلقة الثانية من البرنامج الرائع قصص القرآن لمحمد هداية جزاه الله عنا خير الجزاء

    الحلقة الثانية:

    سؤال: نظرة عامة على الحروف المقطعة:

    الحروف المقطعة في القرآن يجب أن نفهم مدلولها لا معناها. فالحرف ليس له عامة في ذاته. إذا سألك أحد ما معنى ألم؟ فسؤاله خطأ لأنه لا معنى للحروف وإنما لها مدلول. المفسرين اجتهدوا فيها وعندنا أكثر من 16 رأي ويعجبني رأي أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما قال: لا تبحث عن معناها ولم يكن يريد أن يلغي الإجتهاد لكنه لا يريد أن يوجه أنه خطأ أن تقول ما معناها؟ المعنى يعني ما معنى نقدّس؟ هذه كلمة يجوز أن يكون لها معنى بل مفروض أن يكون لها معنى أما أن تقول ما معنى النون في نقدّس؟ فهذا خطأ. الحرف له إسم وله مسمّى وأيّ حرف عندما أقول (ألف) هذا إسم و(أ، إي، أو) هذا المسمى لأنه سيدخل في كلمة. والأميّ هو الذي لا يعرف إسم الحرف لكن يعرف مسمّاه. قد تتحدث مع رجل أميّ في أي موضوع في الإقتصاد أو أي موضوع آخر ولكن لو سألناه أن يهجيء كلمة إقتصاد فلا يستطيع لأنه لا يعرف إسم الحرف. ونحن المتعلمون في نعمة لا نعرف قيمتها أو قدرها لأن المتعلم يعرف المسمى ويعرف الإسم أما الأمي فلا يعرف إسم الحرف. فهذه الحروف إذا نطق بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد تعلّم. هو صلى الله عليه و سلم أميّ وتوصيفه إلى يوم القيامة أميّ والأمّية تقريبا سُبّة في أي شخص إلا عنده صلى الله عليه و سلم فهي شرف لأن هذا الرجل صلى الله عليه و سلم أول ما تعلّم علّمه شديد القوى ذو مرة فاستوى. وقد سبق أن ضربت مثالاً في أمية الرسول صلى الله عليه و سلم وهو مثال الورقات الثلاثة واحدة بيضاء وواحدة مكتوب عليها بالرصاص وأخرى مكتوب عليها بالحبر وطلبت منك أن تكتب على ورقة فستكتب على الورقة البيضاء أما التي كُتب عليها بالرصاص فهي مثل رجل تعلّم على يد معلّم ضعيف فسهل أن نمسح ما تعلمه الرجل منه تماماً كما نقولها في حياتنا اليومية (امسح كل ما تعرفه عن هذا الموضوع ولنبدأ من جديد) والتي كتبت بالحبر مستحيل أن تمسحها لتكتب عليها. ولو تعلم الرسول صلى الله عليه و سلم على يد بشر كان سيكون عنده تشويش فلا يتلقّى القرآن كما لو كان أمياً. لهذا فالأمية شرف عند الرسول صلى الله عليه و سلم . ليكون صفحة بيضاء في تلقي الوحي. الأمية هي صفحة بيضاء تجعل الرجل الأمي أحسن مَنْ يحفظ القرآن. هل كان الأنبياء كلهم أميون؟ كلا لكن الرسول صلى الله عليه و سلم سيأخذ أثقل كتاب ويختلف عن سائر الكتب السابقة وهو مهيمن على جميع الكتب السابقة، فهو ثقيل، هو لغة ولذلك فهو محتاج لصفة خاصة في المتلقي صلى الله عليه و سلم فالأمية شرف له صلى الله عليه و سلم لأنه أول ما تعلم (إقرأ باسم ربك الذي خلق).

    التعلّم والأمية:
    التعلّم هي اللغة. العلم بالأشياء معلومة طبيعية. يقولون أن الرسول صلى الله عليه و سلم استمع إلى الشعر؟ كلا الرسول صلى الله عليه و سلم ما ثبت عنه أنه إستمع إلى شعر قبل الرسالة، استمع إلى الخنساء وحسان بن ثابت بعد البعثة. كان صلى الله عليه و سلم ينزل إلى الغار ليتأمل (ولا نقول ليتعبد) ومن قال يتعبد فقد إتهم الرسول إتهاماً يجب الدفاع عنه. لأن في هذا إتهام للرسول. يتعبّد بم؟ صعوده صلى الله عليه و سلم إلى الغار يشبه إبراهيم عليه السلام عندما خرج يبحث عن الإله الحق (فلما جنّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي) لم يكن عنده معطيات بدليل لما أفل قال: (لا أحب الآفلين) يقصد أن الإله الحق لا يتغير.

    ما مفهوم (هذا ربي)؟ (هذا ربي) ظن أنه هو وكان يتمنى أن يجده. إبراهيم رفض الأصنام فخرج يبحث عن الإله الحق . التعبير القرآني يقول (فلما جن عليه الليل) أي أصبحت الظلمة شديدة فبان الكوكب قال هذا ربي لأنه كان في إطار البحث. ننظر في توقيع القرآن: هل هذه المرة الأولى التي يرى إبراهيم الكوكب؟ كلا. إبراهيم عليه السلام رأى الكواكب قبلها عارضاً أما الآن فهو يراها باحثاً.

    والرسول صلى الله عليه و سلم كان يقضي الليالي ذوات العدد في الغار يبحث عن الإله الحق ويتأمل ولا نقول يتعبّد وإنما تأمل كما تأمل إبراهيم بحثاً عن الإله الحق. فكرة الإله كانت معروفة في ذلك الوقت لكن من هو الإله هذا ما لم يكن معروفاً. والرسول صلى الله عليه و سلم لم يشرب الخمر أبداً وذلك بفطرته السليمة السوية. من المسلمين الآن من لا يشرب الخمر لا عن عبادة وإنما يستنكفها أو أنه ممنوع من الدكتور وهناك فرق بين من يرفض الخمر لأنها حرام ومنهم من يرفضها لأن الدكتور منعه وحذره أنه سيموت لو شربها.

    الرسول صلى الله عليه و سلم مصطفى من قِبَل الله تعالى أزلاً لأن كل أفعال الإله الحق أزلية. فكان صلى الله عليه و سلم بفطرته السليمة السوية يرفض المجتمع الجاهلي كله بما فيه وما يحدث فيه وأبو بكر الصديق رضي الله عنه أول ما عُرِض عليه الإسلام قبِل بفطرته السليمة في الوقت الذي رفض صناديد قريش الإسلام.

    (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك) ستأخذ القصص من عند الله تعالى (وإن كنت من قبله لمن الغافلين) جاءت الآية (نحن) ولم يقل (أنا). فمتى يقول (نحن) ومتى يقول (أنا)؟ في القرآن الكريم يختلف إستعمال (أنا) و(نحن): في قوله تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني) عندما يكون هناك توحيد يذكر الإفراد (أنا) لكن عندما يذكر شيء فيه تعدد صفات يقول (نحن) هذه تحتاج لعدة صفات والقصة تحتاج لهيمنة وقدرة وعلم وعدد من الصفات فلا تنفع (أنا). في صلب التوحيد قال (إنني أنا الله) لأنه تعالى يريد موسى أن يوحّده هذه عبادة التوحيد ولا ينفع أن يقال معها (نحن الله). قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون): الذكر يحتاج (نحن) لتعدد الصفات مع التوحيد (أنا). القصة تحتاج لعلم وقدرة وهيمنة وتوصيف في أكثر من ملمح فتحتاج إلى (نحن) لذلك قال تعالى (نحن نقص عليك). كل كلمة في القرآن الكريم حتى الحروف المقطعة تجد أنها عاشقة لمكانها لا ينفع أن تستبدل بغيرها.

    الحكمة من الحروف المقطعة سنعرفها يوم القيامة ولو عرفنا كل معاني القرآن نقلل من شأنه ومن عظمة الكتاب أننا نبحث فيه ونستنبط منه ولكن يوم القيامة سنجده أعظم مما وصلنا إليه ومما نظن جميعاً وأن ما حققناه ما هو إلا جزء بسيط مما هو عليه حقاً.

    سؤال: ما دلالة إستخدام (نقص)؟ ولماذا لم يستخدم كلمة العلم أو النبأ؟

    نقص: هي من قصّ الأثر كما ذكرنا في الحلقة السابقة وسميت القصة لأنها من قص الأثر (وقالت لأخته قُصّيه) أي تتبعي أثره. الخطاب في الآية هو للرسول صلى الله عليه و سلم (نحن نقص عليك)لأن الذي يقص هو الله تعالى وهو يقص على الرسول صلى الله عليه و سلم حتى لا نأخذ نحن من غيره صلى الله عليه و سلم . الذي فعله يوسف مع إخوته لما قُصّت على الرسول أفاد منه صلى الله عليه و سلم في فتح مكة وفهم المغزى من القصة فطبّقها، نحن لا نروي حكاية ولكن نعطي ملمحاً من قصة يحكيها المهيمن سبحانه وتعالى، من لدن حكيم خبير حتى نقص أثر القصة.

    سؤال: سمي القصص في سورة يوسف أحسن القصص وفي سورة الكهف (نحن نقص عليك نبأهم بالحق) فما دلالة أحسن القصص؟

    من آية سورة الكهف (نبأهم بالحق) نفهم منها أن هناك قصص بالحق وأخرى ليست بالحق وهذا حصل عندنا من دخول الإسرائيليات وفكرة الإسرائيليات تشويش مصادر الشريعة لأنهم فشلوا في تحرف الكتاب فدخلوا بالإسرائيليات على التفسير بعد أن تأكدوا من أنهم لن يتمكنوا من تحريف القرآن . ونحن نرى في المساجد إذأ أخطأ الإمام في القراءة في الصلاة تجد المصلين كأنهم سيهجمون عليه لتصحيح خطئه. لما نزلت الآية (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون): هناك مادة للحفظ وسبيل للحفظ. القرآن لم يحرّف لأن الله تعالى تصدى بحفظه هذه مسلّم بها ولكن سبب هذا الحفظ أن هذا الكتاب حُفِظ في الصدور فلا يمكن تحريفه. الله تعالى أجرى تجربة عملية بالتوراة والإنجيل فحُرّف الأول وزُوّر الآخر، اما جاء الكتاب الأخير تصدى الله تعالى لحفظه ولهذا الحفظ سبب أنه يحفظ في الصدور. مادة الحفظ هي أن القرآن لما كان ينزل كان يُحفظ في الصدور ولو أراد أن يحرّف أحدهم يصحح له الحُفّاظ.

    سؤال: ما دلالة الغافلين في قوله تعالى (وإن كنت من قبله لمن الغافلين)؟
    (من قبله) تعمي قبل القرآن. (بما أوحينا إليك هذا القرآن). والغافلين: هي الأمي. غفِل يعني لم يهتم بأمر ما فغفل عنه وهذه ليست سُبّة كما يفهمها الناس ولكنها شرف للرسول صلى الله عليه و سلم وهو صلى الله عليه و سلم لم ينشغل بأمر إلا لمّا أوحى الله تعالى له به. الرسول صلى الله عليه و سلم بفطرته السليمة لم ينشغل بأمر قصة سمعها من بشر وإنما ظلّ عل فطرته السليمة حتى أوحى الله تعالى إليه بالقرآن عن القصص الذي يُحكى ويروى قبل القرآن. القصص الذي كان يحكى ويروى قبل القرآن لم يشغل الرسول صلى الله عليه و سلم باله بالسؤال عن الأمم السابقة لأنه مُعدٌ من قِبَل الله تعالى لتلقي الوحي. وهو صلى الله عليه و سلم يقول: "من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" هذه هي الغفلة فالشيء الذي لا تراه مهماً لا تشغل بالك به فما بالك برجل مُعدّ بالفطرة السليمة لتلقي الوحي. هو صلى الله عليه و سلم مُعدٌ لدرجة أنه لم يشغل باله بشيء وهناك فرق بين تلقي الوحي من الله تعالى وبين سماع القصص من الناس.

    (وإن كنت من قبله لمن الغافلين) أي : وإن كنت من قبله لمن الأميين الذين لم يتعلموا عن طريق البشر. وسورة النجم أنصفت الرسول صلى الله عليه و سلم في هذه النقطة (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علّمه شديد القوى) تقابل قوله تعالى (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا). (لمن الغافلين) هذه مدح للرسول صلى الله عليه و سلم والأمية كما قلنا في حقه وحده شرف دون غيره من البشر.لأن باقي الأميين تعلموا على يديه صلى الله عليه و سلم فهو ا الأميّ الذي علّم العلماء بهذا الكتاب العظيم.

    سؤال: هل هناك دلالات وتوجيهات محددة لإختلاف التعبير القرآني (أحسن القصص) (نبأهم بالحق) (منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص )؟
    طبعاً لأن قصّ هي تتبع الأثر والمفروض أن القصة يجب أن يكون لها أثر في الواقع ولا تكون من وحي الخيال وقلنا سابقاً أنه إذا كانت من وحي الخيال تسمى أسطورة. لكن عندما يقص عليك شيئاً حصل فهي قصة. هناك فرق بين التوصيف (أحسن القصص) والتوقيع (نبأهم بالحق). التوصيف هو أن تشرح صفة شيء لكن التوقيع أسمع التوصيف وأنفّذ .

    (نحن نقص عليك نبأهم بالحق) تعني عندما تسمع منا يا محمد ستأخذ الحق ولو سمعت من غيرنا لن تأخذ الحق.

    المُنصِف من اليهود تركوا التوراة المحرّفة واعتمد على القرآن في القصص. الرجل الذي زار الرسول صلى الله عليه و سلم عندما مرض ابنه فوجد عنده ملائكة الموت فجلس الرسول صلى الله عليه و سلم بجانبه بحنانه وعطفه وقال له: إشهد أنه لا إلا الله وأن محمداً رسول الله فنظر الولد إلى أبيه الذي قال له" أطِع أبا القاسم وهو نفسه لم يسلم. اليهود تركوا التوراة وأخذوا من القرآن بعض القصص لأنهم يعلمون أنها حُرّفت في كتبهم. ولذلك لما قال تعالى (نحن نقص عليك نبأهم بالحق) لفت نظرنا إلى أن هناك ما هو غير الحق وما من عند الله تعالى يأتي بالحق.

    سؤال: بعض الآيات تزيد كلمة أو تنقص كلمة للقصة نفسها فهل إختلاف النظم له دلالة في القصة؟

    تجد قصة موسى في أكثر من سورة لكنها ليست كلها ملمحاً واحداً. وردت في سورة (فاقذفيه في التابوت) ووردت في سورة أخرى (فألقيه في اليم) ولكل منهما ملمح مختلف عن الملمح الآخر. لو جمعت قصة موسى عليه السلام في القرآن كله أو قصة آدم أو قصة نوح أوقصص الأنبياء نجد قصة واحدة فقط من القصص كله التي جاءت بالأسماء وهي قصة مريم إذ ورد ذكر إسمها (مريم ابنت عمران) وإسم ابنها (عيسى ابن مريم) لكن لم يذكر الأسماء في باقي القصص فلم يذكر إسم إخوة يوسف ولا أصحاب الكهف ولا من كان مع قارون ولا غيرهم لأن القصة في القرآن كما قلنا هي ليست قصة وإنما هي مدلول نسير عليه. فرعون مثلاً وصل العلماء على أنه رمسيس الثاني وهذا لا يهم لأن فرعون في الكتاب مقصود به كل حاكم ظالم وقارون يمثل كل من يعبد المال فلا يجب على المسلم الحق أن يقرأ عن فرعون وقارون وغيرهم ولا يستفيد. قصة سليمان مثلاً نقف عندها: سليمان عليه السلام هيمن على الجنّ والهدهد أحاط بما لم يحط به سليمان على علمه وقوته (أحطت بما لم تحط به) وكذلك قصة موسى والعبد الصالح تمثل لنا أن موسى نبي يتعلم من العبد الصالح فالمولى عز وجل لا يريد أن يغترّ أحد بمعطيات الله تعالى له.

    نضرب مثلاً الرجل الذي يصلي جيداً ويعبد جيداً وصادق وأمين ومتقي تأتي عليه لحظات من كثرة العبادة الحقّة يقع في غلطة لا يقع فيها كافر وهذه المعصية تأتي لأنه أصبح على ثقة أنه قريب من الله تعالى فغفل. إذن إياك أن تغتر أو تركن لإيمانك.

    القرآن الكريم لفت نظرنا في القصص (سليمان والهدهد) حتى لا نغترّ بالمعطيات. فآدم عليه السلام في القرآن مثال لكل بني آدم وموسى عليه السلام مثال لطالب العلم لأنه مهما كان عليه من العلم سيتعلم ممن هو أعلم منه وسليمان وغيرهم في القرآن الكريم هم أمثلة لشيء في قصص القرآن.

    سؤال: الآيات تحتلف كثرة أو قلة لنفس القصة فهل لهذا الإختلاف دلالة من حيث كمّ الآيات؟
    القصة واحدة لها أكثر من ملمح. قصة آدم جاءت في أكثر من سورة لكنها لها ملامح. وقصة آدم لو أردنا أن نذكرها بإختصار فهي أن الله تعالى أمره أن لا يأكل من الشجرة فأكل منها فأُخرج من الجنة وهبط إلى الأرض بعد أن تاب الله تعال عليه. لكن هذه القصة لهاملامح متعددة في القرآن من أول إخبار عن آدم. قصو يوسف عليه السلام لما قال ليعقوب (إذ قال يوسف لأبيه) ,(إذ) تعني: إذكر يا محمد صلى الله عليه و سلم ساعة قال يوسف لأبيه كأن محمد صلى الله عليه و سلم عاشها. يوسف قال لأبيه (يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) وقال يعقوب (يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك) إذن إخوة يوسف هنا مثال لكل إخوة حقدوا على أخيهم فإن لم نفد نحن المسلمين من هذه القصة فلا نكون قد فهمنا المقصود من القصة. يجب أن أحب إخوتي وأتلافى ما فعل إخوة يوسف بيوسف. وإخوة يوسف اجتمعوا أوجدوا لنفسهم المبررات (إذ قالوا ليوسف وأخوه لأحبّ إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال) ثم طرحوا حلولاً (أقتلوا يوسف أو إطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم) لأنهم كانوا مقتنعين بأن لهم مبرر (وتكونوا من بعده قوماً صالحين) وعملوا الحيلة فالله تعالى يأخذ يوسف من بينهم ويجعله عزيز مصر. القصة واحدة ولكن على مدار القصة هناك ملامح متعددة تعني أحداث مختلفة. عند آدم عليه السلام مثلاً إذا أردنا الحديث عن قصته فلا يحسن أن نبدأ بقوله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) وإنما يجب أن نرجع إلى الوراء آيتين من قوله تعالى (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم) أمواتاً هل تعني أنه لا يوجد خلق؟ ثم قال تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) هذه توحي بهذه. ستبدأ الدنيا والخلق ولا يمكن أن نقول أن الخلق بدأ من العدم لأن العدم غير مفترض في وجود الله تعالى.

    سؤال: يختلف نهج الآية القرآنية من ترغيب وترهيب وترجي واستفهام وخبر وإنشاء وتمني وغيرها فهل لهذا دلالة وهل هو مقصود لذاته؟
    أساس القرآن كتاب منهج. القضية في جزئية المنهج مهمة في أن (الرحمن علّم القرآن خلق الإنسان علّمه البيان) هذا الترتيب من وجهة نظر الإنشاء البشري يكون خلق الإنسان أولاً لكن (علّم القرآن) أي علّم المنهج. لم يأت بشر إلا على منهج لذا تجد في القصة نفسها تحذير وترهيب وترغيب لأن الغرض من القصة التطبيق بعد سماع القصة وهذا حدث بيقين عند المسلمين الأوائل، الحقبة الأولى في الإسلام كانت كلها تطبيق. بدأ التطبيق يضعف ببعدنا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لأننا ابتعدنا عن المنهج وعن التدبّر. المولى سبحانه وتعالى لم يأمرنا بالقراءة في القرآن كله وإنما أمرنا بالتدبر (أفلا يتدبرون القرآن ) وعكس التدبر (أم على قلوب أقفالها). عندما تقرأ القرآن فقط فلن تفيد لكن الإفادة الحقيقية تكون عند التدبر, ومن قرأ القرآن ولم يطبقه ما أفاد شيئاً.

    سؤال: يقول بعض الناس وبعض المستشرقين أن القرآن عندما أهمل الأسماء في القرآن فكأن هذا دليل عجز؟
    أذكر ما حدث خلال محاضرتي عن قصة يوسف فرفع أحدهم يده وسألني عن أسماء إخوة يوسف فقلت له ما عليك من أسمائهم وشرحت له الأمر وللحضور فاقتنع الجميع بحمد الله إلا هو فقال لي لو كنت تعرف أسماءهم لذكرتهم ولكن يبدو أنك لا تعرفهم فقلت له لا أنا أعرفهم هذه أسماؤهم وذكرتها له. لكن ما الفائدة؟ إتهام الناس شيء مسلّم به ونحن نعرف الأسماء لأننا تتبعنا واقع قصص القرآن مع كل ما هو موجود.

    سؤال: يقول الناس عندما يذكر القرآن إسماً تجدون له مبرراً وعندما يُهمل إسماً تجدون له مبرراً وتقولون لا يهم فكيف نبرر ذلك؟
    محمد صلى الله عليه و سلم عندما بَشّر به عيسى عليه السلام فقال (ومبشراً برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد) تلكأ بعضهم على هذه الكلمة وقالوا ننتظر أحمد. لكن هل عرف الناس أن هذا الرسول لأن ذكره من عهد آدم إلى يوم القيامة كان يجب أن يكون إسمه مشتقاً؟ الذي تدبّر عندما سمع قول عبيسى عليه السلام (إسمه أحمد) قال في نفسه لماذا قال أحمد ولم يقل محمد؟ لأن عيسى عليه السلام ما كان يستطيع أن يقول محمد لأن محمد إسم مفعول ومن عظمة الرسول صلى الله عليه و سلم أن يُشتق إسمه. فهو صلى الله عليه و سلم قبل الميلاد كان عند عيسى أحمد كأني بعيسى عليه السلام يقول ومبشراً برسول يأتي من بعدي أحمد مني لرب الناس فإذا ولد الأحمد (إسمه أي صفته) فهو محمد.

    في قوله تعالى (بئس الإسم الفسوق) فهل نسمي أحداً الفسوق؟ كلا لأن الإسم هو الصفة. الإسم في اللغة يشتمل على معنيين: إما على الذات أو الصفة. فلما تكلم عيسى عليه السلام قبل محمد بـ 610 سنوات قال (ومبشراً برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد) إسمه أي صفته أحمد. لأنه لما ولد الرسول صلى الله عليه و سلم سمي محمداً. إسم المفعول من الحمد. ومن عظمة هذا الرجل أنه قبل ميلاده أحمد وبعد ميلاده محمد ويوم القيامة محمود المنقلب وكلها إشتقاقات من الحمد.

    سؤال: في القرآن الكريم في قوله تعالى في قصة نوح (يا بني اركب معنا) يقولون أن إسم إبن نوح سآو ونحن نقول سام وحام هما أبناء نوح والقرآن حجب هذا الإسم لماذا؟ ومن أين أتينا بإسمي سام وحام؟

    سام وحام هم إسمين ونوح عليه السلام لم يكن له ولد واحد وهما اللذين تفرعت منهما الذريّة. والذي يهم كنه القصة لا الأسماء. نوح يسمى آدم الثاني أو آدم الصغير لأنه بعد الطوفان بدأت الذرية بمن كان معه في السفينة والذي غرق لا يهم إسمه لأنه غرق, وطالما نحن نتمسك فيما لا يفيد ولا يعني نكون قد ضيعنا التعلم من هذا الكتاب.

    بالتالي من الزمن الذي استغرقه أهل الكهف لا يهم وذكر العدد: (309) سنة نأخذ العبرة منها أنه مدّة. العرب يستعملون الألف والأعداد للدلالة على الكثرة (يود أحدهم أن يعمر ألف سنة) الألف تدل على الكثرة في وقتها. وكذلك قوله تعالى (إن تستغفر لهم سبعين مرة ) لا تعني الرقم 70 وإنما تعني الكثرة وكان صلى الله عليه و سلم يقول لو أعلم أني لو استغفرت أكثر من سبعين يغفر الله لهم لاستغفرت. فالعدد 70 لا تعني الرقم وإنما الكثرة والتهويل. القرآن الكريم نزل بالمدلول اللغوي عند العرب. ويجب أن نأخذ هذا القرآن بما له وبما قال من لدن حكيم خبير كما قال ابراهيم عليه السلام (إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) هذا هو الإسلام نسلّم بالقصة كما هي في القرآن ولا نذهب لكتاب عرائس المجالس أو قصص الأنبياء لأن كلها إسرائيليات بعيدة عن لب القرآن. وتأويل القرآن يؤخذ من القرآن نفسه. وفي الحلقات القادمة سنبدأ بتناول القصص من واقع الكتاب بدءاً من سورة البقرة وإذا كان هناك حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وسلم في أي قصة سنذكرها.

    بُثّت الحلقة بتاريخ 30/1/2006م

مواضيع مشابهه

  1. عايزين أحلى تهاني وأحلى هداية
    بواسطة jihane maroc في الحمل والولادة و الرضاعة
    الردود: 28
    اخر موضوع: 26-01-2011, 10:39 PM
  2. الردود: 6
    اخر موضوع: 03-07-2010, 06:40 PM
  3. الردود: 30
    اخر موضوع: 25-09-2006, 04:58 PM
  4. الردود: 2
    اخر موضوع: 05-09-2006, 12:26 PM
  5. يا رب لا تحرمنا من العلم ...
    بواسطة مسلمة في فيض القلم
    الردود: 8
    اخر موضوع: 22-10-2002, 02:50 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ