الراعي حول الحمى !
عندما ينتحر الحماس ؛ يقع الغافل في المحظورات ، لا يتورعُ عن مكروهٍ ، ولا يتنزَّهُ عن مخالَفةٍ ، فإذا رُوجع فيها ونُهيَ عنها ، قال : وهل هي حرام ؟!
وهَبْ أنها لم تصل للحُرمَةِ القاطِعَةِ ، أين تَرْكُ ما فيه بأسٍ إلى ما ليس فيه ؟ أينَ الورعُ ؟ أين البُعدُ عن الشبهات ؟!
يقول سفيان بن عيينة : لا يصيب العبد حقيقة الإيمان ، حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلال ، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه .
يا من يرعى حولَ الحمى : أين التقوى ؟ أين الحذرُ من النظراتِ الخائنةِ ، أين الخوفُ من الكلماتِ المحرَّمة ، أين البُعدُ عن السماعِ الممنوعِ .
فها أنتَ تجلسُ في المطاعم المختلَطَة ، حيث النظراتُ الخائنات ، واللقاءاتُ الموبِقات ، فما الذي أدخلكَ مواطن الغفلات ؟!
وها أنت تحادثُ الممرضاتِ والمضيفاتِ ، والعينُ بالعَيْن ، والجُروحُ بالقلبِ مُلتهباتٍ !
وها أنت تنظر إلى القنواتِ الفضائيةِ ، والمجلاتِ المنحرفةِ ، بزعم الوقوف على أفعال أهل المنكرِ ،
فإذا بك من ضحاياها ، فأين دينك عن تلك النظرات ؟!
وها أنتَ تقع في بعض المعاملات التي كنت تحذِّر منها وتنهى عنها ، فما الذي غيَّر الحكم على تلك المعاملات ؟!
وها أنت تلعب ببعض الألعاب التي طالما نابذتَ أهلها ، فما الذي أوقعك في تلك المخالفات ؟!
وها أنت تسمع المعازفَ فوق رأسكَ في المحلاتِ والمراكز والفنادق والكبائن والمقاهي والملاهي ، فما الذي ألزمك بهذه المرديات ؟!
وها أنت تتبع سقطاتِ بعض أهل العلم ، فتفتي بالجواز على المجاز ، فلم زلَّت بك القدم في تلك السقطات ؟!
وها أنت تسافرُ للبلاد التي يظهر فيها الفساد ، فما الذي بدَّل رأيك فيها ؟ أجبني !
يا من هدَّم مجدَه ! وبعثَرَ جهودَه !
ما الذي أوقعَكَ في هذه السيئات ؟!
عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال ، من فعل ذلك استبرأ لدينه وعرضه ، ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى "
كان الأوزاعي يقول : ويل للمتفقهين لغير العبادة والمستحلين الحرمات بالشبهات .
الروابط المفضلة