هي شجرة غريبة ، جلبوها من أحراش الغرب الفكرية ، وغرسوها في تربة ليست بتربتها … لم تنبت كما أرادوا ، فراحوا يعملون في أشجار هذه التربة تقطيعاً و تحريقاً ؛ لاستنبات الشجرة الغريبة … قالوا : إن هذه الشجرة لا تنبت وسط أشجار من غير فصيلتها ، حرثوا الأرض لها ، اقتلعوا كل ما عداها ، ثم راحوا يجففون المنابع عن كل ما سواها ؛ لتوفير التربة المناسبة والمناخ الملائم .. شجرة مدللة محمية !..
وعدونا بقطف ثمارها عندما تينع باسقة ، ووعدونا بالراحة في ظل رخائها ، ووعدونا بالتمتع بشمس الحرية وبالتنعم بنور العلم اللذين حرمنا منهما عندما حجبتها الأشجار المقتلعة … هكذا وعدونا وهكذا زعموا !..
استوت الشجرة الغريبة الغربية واينعت ، فإذا بنا نطعم ثمارها حنظلاً ، وإذا بظل رخائها يتخم بطوننا فقراً وفساداً ، وإذا بشمس حريتها تلهب ظهورنا قمعاً وقهراً ، وإذا بنور علمها يغشى بصيرتنا وهماً وسراباً ..!
قالوا : صبراً ! فلا بد من دفع ضريبة التقدم ، ولابد من تحمل مشاق الطريق .. فمن زرع حصد ، ومن جد وجد .. صبرنا وصبرنا وتحملنا ، نعم .. هم حصدوا وهم وحدهم وجدوا ، أما نحن فوجدنا في أنفسنا نجلس في العراء لنشاهد تساقط أوراق شجرتهم غير مأسوف عليها .. عندها قالوا : إن ما ذقتموه ليس حنظلا ، بل هو شهد مصفى والعيب في ذائقتكم ، وإن تساقط أوراق الشجرة ليس علامة مرض واحتظار ، بل علامة صحة وتجديد ، والعيب في بصيرتكم .. عليكم بتجرع المزيد ..!.
تلكم هي قصة العلمانية …
فحتى متى المخادعة ؟ وإلى متى نستمريء الدجل ؟
متى نقتلع هذه الشجرة ونتخلص من سمومها وحنظلها ؟
هذه مقدمة كتبت في مجلة البيان ..كمقدمة لجزء كامل يتكلم عن العلمانية .. بالتفصيل ..
أعجبتني هذه المقدمة .. والتي شرحت .. العلمانية .. بأسلوب أدبي موجز ..
أختكم
خزامى نجد
الروابط المفضلة