( و أذن في الناس ِبالحجِ يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر ٍ يأتين من كل فجٍ عميقٍ )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مصرف الدهر مقلب الليل والنهار والصلاة والسلام على خير من وطئ الأرض أما بعد :
قال تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا ) وقال صلى الله علية وسلم فيما معناة : ( خير الناس من طال عمرة وحسن عملة ) ( اعتذر عن تخريج الحديث فهو لا يحضرني ) جعل الله الأيام لعبادة ليتزودوا من الباقيات الصالحات فيزدادو بذلك في الجنان درجات
وها نحن الآن على أبواب موسم من مواسم الله العِظام .......ها هي العشر المباركة قد أقبلت إلينا تنادينا هلموا إلي فضل عظيم ......إِيةِ والله وأيُ فضل أعظم و أفضل من الجهاد في سبيل الله فعن إبن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلي الله من هذة الأيام العشر , قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله , قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسة ومالة فلم يرجع من ذلك بشئ ) ولعظم هذة الأيام وشرفها عند الله أقسم بها في القرآن قال تعالى : ( والفجر ـ وليال عشر ) ( الفجر 1 ـ 2 ) قال فعن كثير رحمة الله : المراد بها عشر ذي الحجة كما قال إبن عباس والزبير ومجاهد وغيرهم ورواة الإمام البخاري .
ويذكر ابن حجر في الفتح : والذي يظهر أن السبب في إمتياز عشر ذي الحجة لمكان إجتماع أُمهات العبادة فية وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يأتي ذلك في غيرة .
ولما كان للأعمال الصالحة من أجر عظيم في سائر الأيم ففي هذة الأيام من باب أولى تضاعف الأجر لشرف الزمان لذلك لا ينبغي لذوي الألباب والعقول ان يفرطوا في هذا الخير العظيم ....فمن كان في غيرها مُجِداً فليستمر وليجتهد أكثر من ذي قبل , ومن كان مفرطاً في غيرها فها قد أتتة الفرصة فليتدارك نفسة وليجد ويجتهد فيهن قبل أن يأتي يوم لا ينفع فية مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم , فكم من أُناس صاموا العام الماضي تلك الأيام وجدوا واجتهدوا وهاهم اليوم قد وارهم الثرى ....صبروا قليلاً فاسترحوا كثيراً .
فلنحاول أن نجتهد في هذة الأيام ولنصل الطاعة بالطاعة ليل نهار فما هي إلا أيامٌ معدودات وسرعان ما تنقضي وما تبقي الا ذكرياتها .
ومن أنواع العبادات في هذة الأيام
(على سبيل المثال لا الحصر ) :
1 ـ الذكر :
وهو التكبير والتهليل والتحميد فعن إبن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( ما من أيام أعظم عند الله سبحانة ولا أحب إية العمل فيهن من هذة الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) [ رواة أحمد ] , وقال الإمام البخاري رحمة الله : ( كان إبن عمر و أبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلي السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ) وقال أيضاً : ( وكان عمر يكبر في قبتية بمنى فيسمعة أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً ) , وكان إبن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشة وفي فسطاطة ومجلسة وممشاة تلك الأيام جميعاً والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر و إبنة وأبي هريرة .
صفة التكبير :
أ ـ الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر كبيراً .
ب ـ الله أكبر . الله أكبر . لا إلة إلا الله . والله أكبر . الله أكبر ولله الحمد .
جـ ـ الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر . لا إلة إلا الله . والله أكبر . الله أكبر . الله أكبر ولله الحمد .
فلنحاول إخواني و أخواتي أن نحافظ على هذة السنة المهجورة ونطبقها في هذة العشر ليبقتدي الناس بنا ( فالدال على الخير كفاعلة ) .
2 ـ الصلاة :
فلنحاول المحافظة على الصلاة في وقتها وللرجال التبكير للصلاة في المساجد في سائر أيام العام عامة وفي هذة الأيام خاصة ومن كان مفرطاً في النوافل فليحافظ عليها في هذة العشر على الأقل عسى أن تكون فاتحة خير لة فيما بعد ومن كان محافظاً على النوافل سائر العام فليزد عليها في هذة الأيام إغتناماً لشرف الزمان , ومن النوافل التي نوصي بالمحافظة عليها :
أ ـ الرواتب ( ركعتان قبل الفجر وأربع ركعات قبل الظهر ـ وفي رواية ركعتان ـ وركعتان بعد الظهر وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء ) .
ب ـ قيام الليل : وهو من أفضل الصلوات بعد المكتوبة وشرف المؤمن قيامة بالليل لنزد[/من ركعاتها في هذة الأيام قدر المستطاع .
جـ ـ ركعتي الضحى : طبعاً أقلها ركعتان ومن زاد فالله أكثر و أطيب .
د ـ سنة الإشراق : وهي الجلوس في المصلي من بعد صلاة الفجر إلي بعد شروق الشمس بثلث ساعة في ذكر الله ثم صلاة ركعتين تسمى إلاشراق واجرها أجر عمرة وجدة تامة تامة .
هـ ـ سنة الوضوء : وهي ركعتان عند الوضوء .
و ـ أربع ركعات قبل العصر . ( رحم الله امرؤاً صلى قبل العصر أربعاً ) .
ز ـ ركعتان زائدة على الركعتين التي بعد صلاة الظهر فتصبح أربع ركعات قبل الظهر و أربع بعدة ( من حافظ عليها حرمة الله على النار ) .
ي ـ ركعتان بين كل آذان وإقامة .
ولا ننسى المحافظة على الترديد مع المؤذن في هذة الايام خاصة ثم الإتيان بالذكر الوارد عن النبي صلى الله علية وسلم . ( راجع حصن المسلم ) .
3 ـ الصيام :
فصيام هذة الأيام مستحب إستحباباً شديداً كما قال الإمام النووي , وقد ثبت صيام النبي صلى الله علية وسلم لهذة الأيام فعن هنيدة بن خالد عن إمرأتة عن بعض أزواج النبي صلى الله علية وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله علية وسلم يصوم تسع ذي الحجة , ويوم عاشوراء , وثلاثة أيام من كل شهر ) [ رواة الإمام أحمد و أبو داود والنسائي ] , ومن لم يستطع لعذرٍ أو لغيرة فليصوم ما استطاع منها يوم أو يومين أو يوم عرفة على ألاقل , وبهذا أُوصي أخواتي اللواتي يأتيهن العذر الشرعي يصمن ما يُيسر لهن الرحمن منها .
4 ـ الصدقة :
فالصدقة أجرها عظيم ولا سيما في هذة الأيام فهي تقي مصارع السوء وهي كذلك دواء للمرضى بل وسبيل محبة الله عز وجل لان إبن القيم يقول : من آثر ما يحبة الله على ما يحبة أحبة الله , فلنتعاهد جيراننا في هذة الأيام بإهداء الطعام لهم و الإحسان إلي الفقراء , ولا ننسى كذلك إحتساب الاجر في الإنفاق على الأهل والأولاد فهو صدقة يعظم أجرها في هذة الأيام .
5 ـ الحج والعمرة :
فلنحاول أيها الإخوة والأخوات أن نكون من حجاج بيت الله الحرام ولئن الكلام يطول عن الحج والعمرة فسوف أُرد لهن موضوع كاملاً ـ إن شاء الله ـ في وقتة .
( همسة أخيرة أحبتي في الله )بما تُستقبل مواسم الخير :
1ـ حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة الصادقة النصوح والإقلاع عن الذنوب والمعاصي , فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربة وتحجب قلبة عن مولاة .
2 ـ كذلك تُستقبل مواسم الخير عامة بالعزم الصادق الجاد على إغتنامها بما يُرضي الله عز وجل , فمن صدق الله صدقة الله ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) [ العنكبوت : 69 ] .
فيا أخي المسلم احرص على إغتنام هذة الفرصة السانحة قبل أن تفوتك فتندم حين لا ينفع الندم .
اللهم تقبل منا أعمالنا واجعلها خالصة لوجههك الكريم يا رب العالمين .
والصلاة والسلم على رسول الله .
المراجع :
مطوية : فضل أيام عشر ذي الحجة / راجعها فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين , ويليها من أحكام الأضحية / لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين .
ومحاضرة حضرتها لإحدى الداعيات فجراها الله خيراً .
وفقنا الله وإياكم لاستغلال هذة الايام وقبلها بلغنا إياها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الروابط المفضلة