نعم إنها دعوة من مَلَكٍ كريم هنيئاً لمن يفوز بها صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " إن لله ملكين يناديان في كل صباح يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً . ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً ".

يا باغي الخير :

تستطيع أن تحصل على هذه الدعوة كل يوم وخاصة في أيام رمضان .. نعم تستطيع ذلك إذا تصدقت كل يوم ولو بصدقة يسيرة فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ربما تصدقت بحبة عنب واحدة فلما قيل لها في ذلك كانت تقرا قوله سبحانه "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره" وكم في حبة العنب من ذرات ؟

وكان بعض السلف لا يدع يوماً دون أن يتصدق حتى ربما تصدق ببصلة نعم حبة بصل.

و لا تحقرن من المعروف شيئاً . ألم يقل عليه الصلاة والسلام "فاتقوا النار ولو بشق تمرة "

يا باغي الخير :

ما أجمل البذل وما أحسن الصدقة وما أجلّ العطاء

الله أعطـــــاك فأبذل من عطـيته ****** فالمال عاريه والعمر رحــــــــــال

المال كالماء إن تحبس سواقيه ****** يأسن وإن يُجْرِ يعذب منه سلسال

كلما أنفق العبد أخلف الله عليه ببسطه في الجسم وراحة في البال وسعة في الرزق .

يا باغي الخير :

يقول سبحانه وتعالى : "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله " .

ويقول سبحانه : "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم " .

وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" .

والخطايا لها حرارة في القلوب واشتعال في النفوس ، ونار موقدة في الحياة، ولا يطفئ هذه الحرارة والاشتعال إلا الصدقة .

يا باغي الخير :

الصدقة باردة على القلب طيبة على الروح، تحت الخطايا حتا .

صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، حتى يقضى بين الناس".

يا باغي الخير :

شهر رمضان موسم للمتصدقين وفرصة سانحة للباذلين والمعطين :

عجيب ! جدُّ عجيب، للصدقة ظل وارف ولها أفياء يتظلل في ظلها العباد يوم القيامة، وكل بحسب ظله الذي أنتجته صدقته في الدنيا.

يا باغي الخير :

في الناس صائم لا يجد كسرة خبز ولا مذقة لبن ولا حفنة تمر .

في الناس صائم لا يجد بيتاً يؤويه ولا مركباً يحمله ولا صاحباً يواسيه .

في الناس صائم لا يجد ما يفطر به أو يتسحر عليه .

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من فطر صائماً كان له أجره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئاً" .

يا باغي الخير :

الصالحون يزيد كرمهم في رمضان ن فيذلون ويعطون وينفقون .

كان كثير من الأخيار يتكفل بإفطار جماعات من الفقراء والمساكين طلباً لأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى .

كانت مساجد السلف تمتلئ بالطعام المقدم للفقراء فلا تجد جائعاً ولا محتاجاً .

والعجيب أن كل ما ينفقه العبد في أكله وشربه ولباسه ، فإن زائل لا محالة إلا ما ينفقه في مرضاة الله عز وجل.

يقول عز وجل من قائل : " إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم، والله شكور حليم " .

أيها الصائم :

إنك ببذلك وعطائك تقرض ربك ليوم فقرك وحاجتك وضرورتك يوم الفقر والمسكنة، يوم التغابن .

أيها الصائم شربة ماء ومذقة لبن وحفنة تمر وقليل من الطعام والمال واللباس والفاكهة تسديها إلى محتاج هي طريقك إلى الجنة .

أيها الصائم :

تالله لا يحفظ المال مثل الصدقة ، ولا يزكي المال مثل الزكاة .

مات كثير من الأثرياء وتركوا من الأموال والكنوز والدور والقصور ما الله به عليم ، فاصبح كل ذلك حسرة عليهم ، وندامة وأسفاً ، لأنهم ما صرفوه مصارفه.

وغداً يظهر لك الربح من الخسران والله المستعان .

_________

بتصرف من كتاب ثلاثون درساً للصائمين


------------------
(اللهم آتنا في الدنياحسنة وفي الآخرة حسنة وقناعذاب النار)