ماذا تعرف عن كتاب دلائل الخيرات؟
أما بعد فإن كتاب دلائل الخيرات لمؤلفه محمد ابن سليمان الجزولي منتشر في العالم الإسلامي ولاسيما في المساجد ، يقرأه المسلمون كثيراً ،بل ربما قدموه على قراءة القران ، ولا سيما يوم الجمعة ، وتتسابق المطابع في طبعه طمعاً في الربح المادي والدنيوي دون النظر إلى الخسارة الأخروية التي تلحق أصحاب المطابع ، والنسخة التي بين يدي مكتوب على ظهرها .
( الحرمين للطباعة والنشر والتوزيع سنغافورة جدة )
ولو تصفح المسلم العاقل المطلع على أحكام دينه الكتاب لوجد فيه مخالفات شرعية كبيرة ، وأهم هذه المخالفات :
1- يقول مؤلفه في المقدمة (ص12 ) ( مستمداً من حضرته العالية ) ويقصد به الرسول صلى الله عليه وسلم .
أقوال هذا الكلام يخالف القران الكريم الذي لا يجيز طلب المدد إلا من الله حيث يقول في كتابه الكريم :
( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة ءالاف منن الملآئكة مسومين
سورة آل عمران آية 125
وكلام دلائل الخيرات يخالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله " ( رواه الترمذي وقال حسن صحيح )
2- ثم يقول في (حزب النصر لأبي الحسن الشاذلي )
المكتوب على الهامش ص7 :
( يا هو ، يا هو ، يا هو ، يا من بفضله لفضله نسألك العجل )
أقول إن كلمة ( هو ) ليست من أسماء الله الحسنى ، بل هي ضمير يعود على الكلمة التي قبلها ، ولذلك لا يجوز إدخال (يا) عليها كما يفعل الصوفية ، وهي من بدعهم يزيدون في أسماء الله ما ليس منها .
3- ثم يذكر المؤلف أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم ويعددها ، ويصفه بأسماء وصفات لا تليق إلا بالله عز وجل ، علماً بأن أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم وردت في قوله صلى الله عليه وسلم : " إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي . وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد وقد سماه الله رءوفا رحيماً ( رواه مسلم )
وعن أبي موسى الأشعري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء ، فقال :
" أنا محمد ، وأحمد ، والمقفي ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة )
4- وأسماء الرسول التي ذكرها كتاب ( دلائل الخيرات ) هي بدءاً من ص 37 – 47 .
( محيي ، منج ، ناصر ، غوث ، غياث ، صاحب الفرج ، كاشف الكب ، شاف ) . ( ص 38 ، 40 ، 43 ، 47 )
أقول هذه الأسماء والصفات لا تليق إلا بالله ، فالمحيي ، والمنجي ، والناصر ، والمغيث ، والشافي ، وكاشف الكرب ، وصاحب الفرج هو الله سبحانه وتعالى ، وقد أشار القرآن إلى ذلك فقال إبراهيم عليه السلام :
( الذي خلقني فهو يهدين . والذي هو يطعمني ويسقين . وإذا مرضت فهو يشفين . والذي يميتني ثم يحين )
سورة الشعراء الآيات 78_ 81
وقد أمر الله تعالى رسوله أن يقول للناس :
( قل إني لآ أملك لكم ضراً ولا رشداً ) سورة الجن آية 21 )
وقوله عزوجل :
( قل إنما أنا بش مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد )
سورة الكهف آية 110 )
أقول إن صاحب ( دلائل الخيرات ) خالف القرآن ، وسوى بين الله ورسوله في أسمائه وصفاته ، وهذا مما يتبرأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم ولو سمعه لحكم على قائله بالشرك الأكبر .
جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له : ما شاء الله وشئت "فقال " أجعلتني لله نداً ، قل ما شاء الله وحده "
( الند : المثيل والشريك )
وقال صلى الله عليه وسلم : " لاتطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد ، فقولوا عبد الله ورسوله " رواه البخاري
( الإطراء : المبالغة والزيادة في المدح ، ويجوز مدحه بما ورد في الكتاب والسنة )
5- ثم ذكر بعض أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم : مهيمن ، جبار ، روح القدس " (ص 41 – 42 )
والقرآن ينفي عن الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصفات فيقول له في القرآن : ( لست عليهم بمصيطر ) سورة الغاشية آية 22
( وما أنت عليهم بجبار ) سورة ق آية 45
وروح القدس هو جبريل عليه السلام لقوله تعالى : ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ) سورة النحل آية 102
6- ثم ذكر صاحب الكتاب صفات لا تليق بمسلم فضلاً عن رسول هو من أفضل البشر فيقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( أحيد ، أجير ، جرثومة ) ( ص 37-115 ) وفي أول الكتاب رفع المؤلف الرسول صلى الله عليه وسلم إلى درجة الإله حينما قال ( محي ، ناصر ، شاف ، منج …) إلى آخر الأوصاف التي مرت ، وهنا ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى درجة ( جرثومة ، أجير ) وهذا ما تقشعر له الأبدان ، وتشمئز له النفوس ، فهي في عف الناس الشيء الضار الذي يكافح كجرثومة السل مثلاً ، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وهو الذي نفع الأمة ، وبلغ الرسالة ، وأنقذ بتعاليمه الناس من الظلم والشك والتفرقة ، إلى العدل والتوحيد وإن أراد بالجرثومة الأصل والسبب فهو غير صحيح أيضاً .
7- ثم بعد هذا الكلام الباطل يعود ليصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأوصاف كاذبة فيها الشرك الذي العمل يحبط العمل كقوله في صفحة 90 ( اللهم صل على من تفتقت من نوه الأزهار ، واخضرت من بقية ماء وضوئه الأشجار ) فالله الذي خلق الأشجار وهو الذي فتق أزهاها ، وأعطاها لون الخضرة .
8- ثم يقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( ص 100 ) ( والسبب في كل موجود ) إن كان قصده أن الموجدات خلقها الله لأجل محمد صلى الله عليه وسلم فهذا كذب وضلال ، لأن الله تعالى يقول ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) سورة الذاريات آية 56
9- ثم يقول المؤلف ص 198 ( اللهم صل على محمد ما سجعت الحمائم ، وحمت الحوائم ، وسرحت البهائم ، ونفعت التمائم ) وهذا الكلام يخالف كلام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن التمائم فقال " من علق تميمة فقد أشرك " صحيح واه أحمد
( والتميمة هي الخرزة أو الودعة أو غيرها تعلق على الولد ، أو السيارة أو البيت لرد العين ) وهي من الشرك : وكلام المؤلف يخالف القرآن الذي يعتبر النفع والضرر من الله فيقول : ( وإن يمسسك الله بض فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير ) سورة الأنعام آية 17
10- ثم يقول الجزولي ( اللهم صلى على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء ، وارحم محمداً حتى لا يبقى من البركة شيء ، وسلم على محمد حتى لا يبقى من السلام شيء ) ص 64
هذا كلام باطل يخالف القرآن فإن صلاة الله ، وحمته وبركاته ، وسلامه دائمة لا تنفذ ولا تفنى ، قال الله تعالى : ( قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مداداً ) سورة الكهف آية 109
11- ثم يذكر في آخر الكتاب ( الصلاة المشيشية ) ص 259 – 260 التي على الهامش ، وهذا نصها : اللهم صل على من منه انشقت الأسرار ، وانفلقت الأنوار ، وفيه ارتقت الحقائق ..ولا شيء إلا وهو به منوط . إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط )
أقول هذا كلام باطل في أوله ، وسخيف معقد في آخره .
ثم يقول في تتمة هذا الدعاء ص 26 ( وزج بي في بحار الأحدية ، وانشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة ، حتى لا أرى ، ولا أسمع ولا أحس إلا بها )
لا حظ أخي المسلم أ، في هذا الدعاء أمرين : 1- قوله : (وانشلني من أوحال التوحيد ). والأوحال هي الأوساخ ، فهل للتوحيد أوساخ ؟.
إن توحيد الله في العبادة والدعاء نظيف ليس فيه أوساخ وأوحال كما يزعم ابن مشيش ، وإنما الأوحال والأوساخ في دعاء غير الله من الأنبياء أو الأولياء ،وهو من الشرك الأكبر الذي يحبط العمل ويخلد صاحبه في النار
2- قوله: ( وزجْ بي في بحار الأحدية ، وأغرقني في عين بحر الوحدة )
أقول : هذه وحدة الوجود عند بعض الصوفية التي عبر عنها زعيمهم ابن عربي المدفون بدمشق حيث قال في الفتوحات المكية :
العبد رب والرب عبد ياليت شعري من المكلف ؟
إن قلت عبد فذاك حق وإن قلت رب فأنى يكلف ؟
فانظر كيف جعل العبد ربا ، والرب عبداً ، فهما متساويان عند ابن عربي وابن شمس الذي ذكر كلامه ( دلائل الخيرات)
12- ثم ذكر المؤلف ص 83 ( اللهم صل على كاشف الغمة ، ومجلي الظلمة ، ومولي النعمة ، ومؤتي الرحمة ) أقول : هذا إطرراء زائد لا يرضاه الإسلام
13- ثم يقول علي بن سلطان محمد القاري في وده الذي سماه ( الحزب الأعظم ) المطبوع على هامش ( دلائل الخيرات ) ص 15
( اللهم صل على سيدنا محمد السابق للخلق نوره ) ص 138
أقول : هذا كلام باطل يكذبه الحديث القائل : " إن أول ما خلق الله القلم " رواه أحمد وصححه الألباني
أما حديث " أول ما خلق الله نور نبيك ياجابر " فهو عند أهل الحديث مكذوب وموضوع باطل
14- جاء في بعض النسخ من كتاب ( دلائل الخيرات ) وفي آخر قصيدة جاء فيها :
يأبي خليل شيخنا وملاذنا قطب الزمان هو المسمى محمد
يقول : إن شيخه محمد يلوذ به ويلتجئ إليه عند المصائب ، وهذا شك ، لأن المسلم لا يلوذ إلا بالله ، ولا يلتجئ إلا إليه لأنه حي قادر ، وشيخه ميت عاجز لا ينفع ولا يضر .
ويعتقد أن شيخه قطب الزمان ، وهذا اعتقاد الصوفية القائلة : إن في الكون أقطاباً يتصرفون في أمور الكون ، حيث جعلوهم شركاء لله في تدبير الأمور ، مع أن المشركين السابقين يعتقدون أن المدبر للكون هو الله وحده ، قال الله تعالى  قل من يررزقكم من السماء والأرض ، أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ومن يدبر الأمر فسيقولون الله ) سورة يونس 31 .
15- لقد ورد في كتاب دلائل الخيرات أدعية صحيحة ، ولكن هذه الطامات الكبرى السابقة الموجودة فيه أفسدت عقيدة القارئ للكتاب إذا اعتقد بها ، فلم تعد تنفعه الأدعية الصحيحة ، وفي الكتاب أخطاء كثيرة ، ومن أراد التوسع فليرجع إلى كتاب ( كتب ليست من الإسلام ) لمؤلفه الأستاذ محمود مهدي استانبولي حيث تكلم عنه ، وعن قصيدة البردة ، ومولد العروس ، وطبقات الأولياء للشعراني ، وتائية ابن الفارض ، والأنوار القدسية ، والتنوير في إسقاط التدبير ، ومعراج ابن عباس ، والحكم لابن عطاء الله الإسكندري ، وغيرها من الكتب التي طالب المؤلف بإحراقها لما فيه من الضرر على عقيدة المسلمين .
16- احذر يا أخي المسلم قراءة هذه الكتب ،وعليك بقراءة كتاب ( فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ اسماعيل القاضي تحقيق المحدث الألباني ، كما أن هناك كتاباً جيداً اسمه ( دليل الخيرات )لمؤلفه ( خير الدين وانلي ) جمع فيه صلوات وأدعية صحيحة يغنيك عن ( دلائل الخيرات ) الذي يوقعك في الشرك والآثام .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وحببنا فيه ، وارنا الباطل باطلاً ، وارزقنا اجتنابه ، وكرهنا فيه وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم .
كتاب : معلومات مهمة من الدين لايعلمها كثي من المسلمين
إعداد : محمد بن جميل زينو
المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة