الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
لا أعرف كيف أبدأ ومن أين أبدأ .. فالعبارات والجمل تتطاير في ذهني..
وسأحاول جمعها وترتيبها .. لأصل معك إلى غايتي من كلامي..
سأدعك أولاً لمخيلتك .. فتخيل معي أن هناك ضيف قادم إليك لا تعلم من هو ..
لكنك تعلم أنه قادم .. فكيف ستستعد لاستقباله؟؟
بالطبع إن أول ما يتبادر لذهنك هو الطعام والشراب الذي ستقدمه له.. وطريقة تقديمه..
ثم ستتجه إلى منزلك.. سترتبه .. وتطيبه بالعود والبخور..
ثم ستبحث عما ترتديه من ثياب أنيقة أمامه ..
وإذا قيل لك إنه ضيف ثقيل قد لا تطيقه .. ماذا ستفعل ؟؟
أعتقد أنك لن ترفض زيارته.. فبيتك مفتوح ولكونك عربي فأنت موصوف بالكرم وحسن الضيافة..
قد تتساءل الآن من هو هذا الضيف القادم..
وأنا أقول لك أنك تعرفه حق المعرفة .. لكنك تتجاهله .. أو ربما تتعمد نسيانه..
إنه الموت..
إنه حتفك ومصيرك .. إنه أجلك الذي لا مفر ولا مهرب منه..
فهل أعددت العدة وهيأت نفسك لاستقباله..
هل فكرت في طريقة ترحيبك به؟؟
فإما أن تكون مرحباً به .. فتستعد له .. وتحسن خاتمتك..
وإما أن تغلق الباب في وجهه .. فتنشغل بدنياك .. وتسوء خاتمتك..
وهل فكرت بالزاد الذي ستقدمه له؟؟
إنه عملك في الدنيا وطاعتك لله وثباتك على دينك..
وماذا عن منزلك ؟؟ هل رتبته وطيبته ؟؟
إنه قبرك .. وبيتك بعد الموت ..
الموت.... هذا الضيف الثقيل على قلوب البشر إذا ذٌكِر ..
هادم اللذات .. مفرق الجماعات ..
ماذا تنتظر أخي !!! ماذا تطلب من هذه الدنيا أكثر مما لديك !!!
مالي أراك تخطط لسنوات مقبلة وأنت لا تضمن العيش إلى الغد ..
مالي أراك تغفل أنك قد لا تعيش إلى العشاء .. أو إلى الفجر ..
هل تضمن أن تعيش خمس دقائق أخرى .. أو هل تضمن أن تكمل قراءة هذا الموضوع..
بل إنك لا تضمن أن نَفَسُك الذي خرج منك قد لا يرجع إليك مرة أخرى ..
إذاً لماذا الانتظار ؟؟ لماذا التأجيل ؟؟ لماذا الكسل والتقاعس ؟؟
الآن أخي .. الآن إبدأ .. الآن .. فماهي إلا دقائق أو ربما ثواني قد تحول بينك وبين الموت ..
فهلا بدأت بإعداد العدة لاستقباله .. وهيأت نفسك جيداً لملاقاته..
فإما الجنة خالداً فيها .. وإما النار خالداً فيها ..
الآن أخي ارفع يديك إلى خالقك .. تب إلى الله من ذنوبك ..
الآن أخي وليس غداّ .. الآن وليس بعد شهر .. الآن وليس إلى رمضان القادم ..
الآن أعقد العزم على التوبة لتلقى الله خالياً من الذنوب .. بل لتلقاه وقد تبدلت ذنوبك كلها وصارت حسنات ..
لماذا الانتظار ؟؟ لماذا التأجيل ؟؟ لماذا الكسل والتقاعس ؟؟
لا يغرك أخي طول الأمل واستعد جيداً للقاء الموت ..
واسمع لقول الشاعر:
تـزود من التقـــوى فإنـك لا تــدري ********* إذا جـنّ ليـل هـل تعيـش إلـى الفجرِ
فكـم من صحيح مات من غير علـةٍ ********* وكم من سقيم عاش حيناً من الدهرِ
وكم من صغار يرتجى طول عمرهمُ ********* وقـد أدخلـت أجسـادهـم ظلمــة القبرِ
وكم مـن عــروس زينـوها لزوجـها ********* وقـد نسجـت أكفانـها وهـي لا تدري
ولاتنسى أخي:
"فإن لم تمت بالسيف مت بغيره *********** تعددت الأسباب والموت واحد"
نسأل الله أن يثبتنا على دينه .. وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا..
ونعوذ بالله من فتنة الدنيا.. وفتنة القبر.. ومن سوء الخاتمة..
والله من وراء القصد..
الروابط المفضلة