تدبر القرأن و التأثر به
[COLOR=Blue]معنى التدبر في اللغة :النظر في أوله وأخره ثم اعادة النظر مرة بعد مرة.
ومعنى تدبر القران:هو تفهم معاني ألفاظه والتفكر فيما تدل عليه أياته مطابقة وما دخل في ضمنها وما لا تتم تلك المعاني الا به مما لم يعرج اللفظ على ذكره من الاشارات والتنبيهات وانتفاع القلب بذلك بخشوعه عند مواعظه وخضوعه لأوامره وأخذ العبرة منه.
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)ص29
قال الطبري: لِيَتَدَبَّرُوا حُجَج اللَّه الَّتِي فِيهِ , وَمَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ شَرَائِعه , فَيَتَّعِظُوا وَيَعْمَلُوا بِهِ .
التذكر :وهوضد النسيان وهو احضار العلم الذي يجب مراعاته بعد ذهوله وغيبته عنه ومنه قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)الأعراف201
فالتذكر يفيد تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت ولا ينمحي فيذهب أثره من القلب .والتفكر:يفيد تكثير العلم و استجلاب ما ليس حاصلا عند القلب ,فالتفكر يحصله والتذكر يحفظه وكل من التفكر والتذكر له فائدة غير فائدة الأخر.
التأمل:مراجعة للنظر كرة بعد كرة حتى يتجلى وينكشف لقلبه وتحديق ناظر القلب الى معانيه وجمع الفكر على تدبره وتعقله
الاعتبار:وهو العبور من ذلك الذي قد فكر فيه الى معرفة ثالثة(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ)ال عمران13
الاستبصار:وهو تبين الأمر وانكشافه وتجليه للبصيرة
أهمية تدبر القرأن.
بركة القرأن:يبين الأجري رحمه الله,بركة القرأن على العبد الذي أقبل على كتاب ربه بأدب واعتبار فيقول "من تلا القرأن وأراد به متاجرة مولاه الكريم فانه يربحه الربح الذي لابعده ربح ويعرفه بركة المتاجرة في الدنيا والأخرة,قال تعالى(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)فاطر30
حاجة القلب الى تدبر القرأن:ان في القلب حاجة لايسدها الا ذكر الله والتلذذ بكريم خطابه وان فيه وحشة لا يزيلها الا الانس بكتابه ..(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)يونس 58
والعبد مهما بلغ من العلم ومن التقوى منزلا فانه لايستغني عن القرأن مثبتا وهاديا ومعينا,(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)هود120
ورسوخ القرأن في القلب الذي يحصل به الانتفاع لا يكون ترديدا باردا باللسان لايحرك قلبا ولا يغير واقعا بل رسوخه بأمور بينها الأجوري رحمه اللع"فالمؤمن اذا تلا القرأن استعرض القرأن فكان كالمراة يرى بها ما حسن من فعله ,وما قبح فيه ,فما حذره مولاه حذره, وما خوفه من عقابه خافه ,وما رغب فيه مولاه رغب فيه, ورجاه, فمن كانت هذه صفته أو ماقارب هذه الصفة فقد تلاه حق تلاوته و رعاه حق رعايته وكان له القرأن شفيعا وأنيسا وحرزا ,ومن كان هذا وصفه نفع نفسه ,ونفع أهله, وعاد على والديه وعلى ولده كل خير في الدنيا والأخرة"_"وكان القرأن له شفاء فاستغنى بلا مال وعز بلا عشيرة وأنس مما استوحش منه غيره وكان همه عند التلاوة للسورة اذا افتتحها:متى أتعظ بما أتلوه؟ولم يكن همه متى أختم السورة؟وانما متى أعقل عن الله الخطاب, متى أزدجر, متى أعتبر؟لأن تلاوة القرأن عبادة والعبادة لاتكون بغفلة"
قال ابن القيم"فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر فإنه جامع لجميع منازل السائرين واحوال العاملين ومقامات العارفين وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والانابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الاحوال التي بها حياة القلب وكماله وكذلك يزجر عن جميع الصفات والافعال المذمومة والتي بها فساد القلب وهلاكه فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها"وقال"اذا مر متدبر القرأن بأية وهو محتاج اليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة فقرائة أية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى الى حصول الأيمان وذوق حلاوة القرأن"ابن القيم الجوزية مفتاح دار السعادة
ذم من ترك تدبر القرأن:قال تعالى (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)الحشر21,قال القرطبي" حَثَّ عَلَى تَأَمُّل مَوَاعِظ الْقُرْآن وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عُذْر فِي تَرْك التَّدَبُّر ; فَإِنَّهُ لَوْ خُوطِبَ بِهَذَا الْقُرْآن الْجِبَال مَعَ تَرْكِيب الْعَقْل فِيهَا لَانْقَادَتْ لِمَوَاعِظِهِ وَلَرَأَيْتهَا عَلَى صَلَابَتهَا وَرَزَانَتهَا خَاشِعَة مُتَصَدِّعَة ; أَيْ مُتَشَقِّقَة مِنْ خَشْيَة اللَّه, وَأَنْتُمْ أَيّهَا الْمَقْهُورُونَ بِإِعْجَازِهِ لَا تَرْغَبُونَ فِي وَعْده , وَلَا تَرْهَبُونَ مِنْ وَعِيده"
مختصرمن كتاب(تدبر القرأن_تأليف سلمان بن عمر السنيدي)
الروابط المفضلة