( 7 ) المسلمة المتصدقة
إن الصدقة برهان المحبين، ودليل الصادقين، إذا خرجت من نفس طيبة زكتها، فلا يبذلها إلا المخلصون، ولا يخرجها إلا الذين آمنوا بيوم الدين ، وأيقنوا بثواب رب العالمين .
عن عطاء قال: بعث معاوية ـ رضي الله عنه ـ إلى عائشة رضي الله عنها بطوق من ذهب فيه جوهر قُوّم مائة ألف، فقسمته بين أزواج النبي صـلــى الله عليــه وسلم.
وعن عروة قال: لقد رأيت عائشة رضي الله عنهــا تـقـسـم سـبـعـيـن ألـفـاً وهـي ترقع درعها، نعم ترقع درعها وتنفق مالها ليرضى عنها ربها وخالقها .
أيـن هــذا مـن نسـاء اليــوم اللاتــي تشتــرى احداهن الدرع واللباس بآلاف الريالات لتلبسه مرة واحدة ثم تتركه فضلاً عن أن ترقَعه، وإذا طُلبت منها الصدقة، أخرجت أسوأ ما لديها من لباس وتخلصت منه وقالت صدقة لله تعالى ونسيت [ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ] .
أما زينب بنت جحش رضي الله عنها يبلغها عطاء عمر رضي الله عنه فتنفقه كله ولم تبق منه شيئاً.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء وجودهما مختلف أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمت، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغد.
روى ابن الجوزي عن ابن السماك: أن نفراً وردوا على عجوزٍ في بعض البوادي يسألونها بيع شاة. فقالت: ما كنت لأبيع ابن السبيل شيئاً ولكن خذوها على ما عند الله فبكى ابنُ السماك راوي القصة وقال: رحمها الله فقهت في بدوها.
رحم الله المتصدقات الفقيهات، وأصلح الله نساء المسلمين اللاتي تنفق أحداهن على تحسين ثيابها وحذائها أكثر مما تتصدق به.
( 8 ) مسلمات بعيدات عن مواطن الريب
المسلمة حقاً تربؤبنفسها عن مواطن الشبه فلا تسير في أماكن الفجور ، ولا تخلو بغير محرم ، ولا تنظر نظراً محرما ولا تركب مع سائق أو أجنبي عنها ، لأن ذلك كله سبب لأن تلصق بها تهمة باطلة أو سمعة سيئة .
روى الذهبي رحمه الله بسند صحيح في سير أعلام النبلاء الجزء الثاني ص291 في سيرة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها ، قال : روى عروة عن أسماء ، قالت : تزوجني الزبير وما له شئ غير فرسه ، فكنت أسوسه وأعلفه ، وأدق لناضحه النوى ( أي تطحن نوى التمر ليأكله بعيره ) وأستقي وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير _ التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم _ على رأسي _ وهي على ثلثي فرسخ _ فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر فدعاني ، فقال : إخ إخ ليحملني خلفه ، فاستحييت وذكرت الزبير وغيرته ... إلخ ...
نعم تذكرت غيرة زوجها وأبت أن تركب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيره وهو عليه الصلاة والسلام أتقى خلق الله وصاحب أبيها وزوج أختها وهو في نفر من الناس ، نعم أبت أن تركب وفاءً لزوجها وبعدا عن إثارة غيرته وبعدا عن مواطن الريب ، إنها والله مثال للمرأة الصالحة .. وهنا صرخة تنبيه لمن تركب مع سائقي الأجرة أو مع السائقين الذين ليس بينها وبينهم قرابة ، أقول لهن اتقين الله تعالى في أنفسكن وفي أهليكن وابتعدن عن مواطن الريب وأماكن الشبه ، فلا تركب إحداكن إلا مع ذي محرم ، ولتبتعد الصالحة عن الشبهات فضلاً عن المحرمات ، ولتعلم أن شرفها وعزها وفخرها في حيائها وعفتها وحسن سمعتها .
وإلى اللقاء في المقال التاسع بإذن الله .
الروابط المفضلة