نادِمةً تائِبةً مُستغفِرةً، قد تتساءَلِين: كيف أثبُتُ على الطاعةِ ولا أعودُ للذنبِ ثانيةً؟
".. فَجـرٌ جَـدِيــدٌ .." [ 5 ] وِقَايَـةٌ وثَبَـاتٌ ~
بعد أن عَرفتِ شُرُوطَ التَّوبةِ، وطبَّقتيها على نَفْسِكِ، وعُدتِ إلى رَبِّكِ- سُبحانه-
كيف أقِي نَفْسِي من الوقُوعِ في المعصيةِ؟ هل مِن وسائل تُعينُني على ذلك؟
فنقولُ لكِ: بالتَّأكِيدِ هُناك وسائلُ تُعينُ على الثَّباتِ على الطاعةِ،
وتقِي مِن الوقُوعِ في الذَّنبِ، منها:
1- الإخلاصُ للهِ عَزَّ وجَلَّ، وصِدقُ الإقبال عليه، والتَّوبةِ إليه.
2- أن يمتلئَ قلبُكِ بحُبِّ اللهِ سُبحانه وتعالى.
3- تعظيمُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، واستشعارُ مُراقبتِهِ لكِ، وعِلْمِهِ بحَالِكِ.
وقد قيل: ‹‹ مَن راقَبَ اللهَ في خَواطِره، عَصَمَه اللهُ في جَوارِحِه ›› .
4- تقوى اللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ وهِيَ الخَوْفُ مِنه سُبحانه، والعَمَلُ بكِتابِهِ،
والاستعدادُ ليَوم الرَّحِيل عن هذه الدُّنيا.
5- أن تَصبِري على فِعل الطاعاتِ، وتَصبِري عن المعاصي، خاصَّةً
في بِدايةِ تَوبتِكِ.
6- أن تُكثِري مِن دُعاءِ اللهِ- عَزَّ وجَلَّ- وسُؤالِهِ الثَّبات.
7- أن تُجاهِدِي نَفْسَكِ، فإنْ جاهَدتِيها، فإنَّ اللهَ تعالى سيُعينُكِ ويَهديكِ،
قال سُبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾
العنكبوت/69.
8- أن تتذكَّري دائمًا أنَّ الدُّنيا قَصيرةٌ، وأنَّها مَزرعةٌ للآخِرة، وفُرصةٌ لكَسب
الحسنات وعَمل الصالحاتِ، فلا تُعلِّقي قلبَكِ بها، ولا تُكثِري مِن متاعِها،
ولا تنغمسي في ملذَّاتِها وشَهَواتِها، وتتزوَّدين منها للآخِرة. واسمعي قولَ
النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لابن عُمر رَضِيَ الله عنهما:
(( كُن في الدنيا كأنَّكَ غريبٌ أو عابِرُ سَبيل )) رواه البُخاريّ.
9- حاولي قَدْرَ الإمكان أن تتجنَّبي الوِحْدَةَ؛ فكُوني مع أُسرتكِ، حاولي التَّقرُّبَ
إليهم، والتفاعُلَ معهم، فرُبَّ ذلك كان سببًا في اجتماعِهم ووحدَتِهم وتكاتُفِهم،
وقُربهم من بعضهم قُلُوبًا وأجسادًا.
10- أشغلي وقتَ فَراغِكِ بما يُفيدُكِ في دِينكِ ودُنياكِ؛ كأن تلتحقي بإحدى دُور
التحفيظ، وتبدأينَ في حِفظِ القُرآن الكريم. وهناك ستَجِدِينَ صُحبةً صالحةً
تُعينُكِ على الخَير بإذن الله، وتأخذُ بيَدِكِ للجِنان.
11- ابتعِدِي تمامًا عن صَديقاتِ السُّوءِ، إنْ لم تستطيعي نُصحَهُنَّ أو تغييرَهُنَّ
أو التَّأثيرَ عليهِنَّ.
12- ابتعِدِي كذلك عن الأسبابِ التي تُوقِعُكِ في المعصية، بل ابتعِدِي
عن كُلِّ شيءٍ يُذكِّركِ بها.
13- إذا دَعتكِ نَفسُكِ للمَعصيةِ، فتذكَّري أنَّ اللهَ تعالى يَراكِ، ويطَّلِعُ عليكِ،
ويَعلمُ ما تفعلين، وازجُري نَفْسَكِ، وألجِمِيها.
14- فكِّري في عاقبةِ المعصية التي تدعُوكِ نَفْسُكِ أو شيطانُكِ لفِعلها،
وما ستجُرُّه عليكِ، واستحضري تلك اللحظاتِ المُؤلمة التي سَبَقَ وأن
عِشتيها بسبب اقترافكِ للذنوب والمعاصي، سواءٌ كانت في قلبكِ أو في
بَدنكِ أو في مُعاملةِ الناس حولَكِ، حتمًا حِينها ستثبُتينَ على الطاعةِ
بإذن الله، ولن تُفكِّري في العَودةِ للمَعصية؛ لأنَّكِ لا تُريدينَ ظُلمةَ
قلبكِ، ولا وَهَنَ بَدنِكِ، ولا تُريدينَ أن تشعُري بالوَحشةِ بينكِ وبين
رَبِّكِ سُبحانه ولا بينكِ وبين الناس، بل لا تُريدين أن يَغضبَ رَبُّكِ
عليكِ، أو يَطرُدَكِ من رحمته، أو يُخلِّدكِ في ناره.
15- حافِظِي على الصَّلاةِ، وأدِّيها في وقتها، ولا تُقصِّري فيها، وأكثري
من ذِكر الله- عَزَّ وجَلَّ- واستغفاره، ولا تنسي أذكارَ الصباح والمَساء،
فإنها ستحفظكِ بإذن الله، وستُقرِّبكِ إلى رَبِّكِ، وتُعينُكِ على الثباتِ.
إذا فعلتِ كُلَّ ما سَبَقَ، فسيكونُ ذلك سببًا- بإذن الله- في ثباتِكِ على الدِّين،
ووقايتِكِ من المعصية، وستكونُ حَياتُكِ أفضلَ وأجملَ، وسيهدأ قلبُكِ،
ويَرتاحُ بالُكِ، وستشعرين بسَعادةٍ وإقبالٍ على الحَياة، لا للحياةِ ذاتِها،
ولكنْ لأنَّها تُقرِّبُكِ من الله سُبحانه، فكُلُّ يَومٍ من عُمُركِ- بل كُلُّ ثانية- فُرصةٌ
غاليةٌ تستطيعين استثمارَها في طاعةِ الله سُبحانه، فتَزيدُ حَسناتُكِ، وتُمحَى
سَيئاتُكِ، وترتفعُ دَرجاتُكِ بإذن الله.
وفَّقكِ اللهُ أخيَّة، ويَسَّرَ لكِ أموركِ، وثبَّتنا وإيَّاكِ على طاعتِهِ.
وقبل أن نُغادِرَ، بالتَّأكِيدِ لا يَخلُو ذِهنُكِ مِن تَساؤلاتٍ تَحتاجُ لإجابةٍ.
اطرحي تساؤلاتِكِ هُنا، وسنُحاولُ الإجابةَ عليها سَويًّا
في دَرسنا القادم والأخير بإذن الله تعالى.
الروابط المفضلة