من كتاب لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية

منقول

يا مسلم هذه عقيدتك تعال تعلمها - 1 من هنا

يا مسلم هذه عقيدتك تعال تعلمها - 4 من هنا



2 - توحيد الألوهية


ويتضمن الفصول التالية :



الفصل الأول :
في معنى توحيد الألوهية ، وأنه موضوعُ دعوةِ الرُّسُل .

الفصل الثاني : الشهادتان : معناهما - أركانهما - شروطهما - مقتضاهما - نواقضهما .

الفصل الثالث : في التشريع : التحليل - التحريم - حق الله .

الفصل الرابع : في العبادة : معناها - أنواعها - شمولها .

الفصل الخامس : في بيان مفاهيم خاطئةٍ في تحديد العبادة ( وذلك كالتقصير في مدلول العبادة أو الغلو فيها ) .

الفصل السادس : في بيان ركائز العبودية الصحيحة : الحب - الخوف - الخضوع - الرجاء .

الفصل السابع : في بيان شروط قَبولِ العبادة والعمل : وهي الإخلاصُ ومتابعة الشرع .

الفصل الثامن : في بيان مراتب الدين وهي : الإسلام - والإيمان - والإحسان . تعريفها وما بينها من عموم وخصوص .



الفصل الأول

في بيانِ معنى توحيدِ الألوهيَّةِ ، وأنه موضوعُ دعوةِ الرُّسل

توحيدُ الألوهية : الألوهية هي العبادة :

وتوحيدُ الألوهية هو : إفرادُ الله تعالى بأفعال العباد التي يفعلونها على وجه التقرب المشروع ، كالدعاء والنذر والنحر ، والرجاء والخوف ، والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة ، وهذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم ، قال تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ، وقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ .

وكلُّ رسول يبدأ دعوته لقومه بالأمر بتوحيد الألوهية ، كما قال نوح وهود وصالح وشعيب : يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ، وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ . وأنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - : قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ .

وقال - صلى الله عليه وسلم - : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله .

وأول واجب على المكلف : شهادة أن لا إله إلا الله والعمل بها ، قال تعالى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ .

وأول ما يؤمر به مَنْ يريد الدخول في الإسلام : النطقُ بالشهادتين ، فتبين من هذا : أن توحيد الألوهية هو مقصودُ دعوة الرُّسل ، وسُمِّي بذلك ؛ لأن الألوهية وصف الله تعالى الدال عليه اسمه تعالى ( الله ) ، فالله : ذو الألوهية ، أي المعبود .

ويقال له : توحيد العبادة ؛ باعتبار أن العبودية وصفُ العبد ، حيثُ إنه يجبُ عليه أن يعبد الله مخلصًا في ذلك ؛ لحاجته إلى ربه وفقره إليه ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

( واعلم أن فقر العبد إلى الله : أن يعبده لا يُشرك به شيئًا ، ليس له نظير فيُقاسُ به ؛ لكن يُشبه من بعض الوجوه حاجة الجسد إلى الطعام والشراب ، وبينهما فروق كثيرة ؛ فإن حقيقة العبد قلبه وروحه ، وهي لا صلاحَ لها إلا بإلهها الله الذي لا إله إلا هو ، فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره . ولو حَصَلَ للعبد لذّات وسرور بغير الله ، فلا يدوم ذلك ، بل ينتقل من نوعٍ إلى نوعٍ ، ومن شخص إلى شخص ، وأما إلهه فلا بد له منه في كل حال ، وكل وقت وأينما كان فهو معه ) .

وكان هذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسل ؛ لأنه الأساسُ الذي تُبنى عليه جميع الأعمال ، وبدون تحققه لا تصحُّ جميعُ الأعمال : فإنه إذا لم يتحقق ؛ حصل ضده ، وهو الشركُ ، وقد قال الله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وقال تعالى : وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، وقال تعالى : لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ .

ولأن هذا النوع من التوحيد هو أول الحقوق الواجبة على العبد ، كما قال تعالى : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا الآية [الإسراء : 23] [الأنعام : 151- 153] /2 .



الفصل الثاني

في بيان معنى الشَّهادتين وما وقعَ فيهما من الخطأ

وأركانهما وشروطهما ومقتضاهما ونواقضهما

أولًا : معنى الشَّهادتين :
معنى شهادة أن لا إله إلا الله : الاعتقاد والإقرار أنه لا يستحقُّ العبادةَ إلا الله ، والتزام ذلك والعمل به ، ( فلا إله ) نفي لاستحقاق من سوى الله للعبادة كائنًا من كان ( إلا الله ) إثباتٌ لاستحقاق الله وحده للعبادة ، ومعنى هذه الكلمة إجمالًا : لا معبودَ بحقٍّ إلا الله . وخبر ( لا ) يجب تقديره : ( بحقٍّ ) ولا يجوزُ تقديره بموجود ؛ لأنّ هذا خلافُ الواقع ، فالمعبوداتُ غيرُ الله موجودة بكثرة ؛ فيلزم منه أن عبادة هذه الأشياء عبادة لله ، وهذا من أبطل الباطل ، وهو مذهب أهل وحدة الوجود الذين هم أكفر أهل الأرض . وقد فُسّرتْ هذه الكلمةُ بتفسيرات باطلة منها :

( أ ) أن معناه : لا معبودَ إلا الله . وهذا باطلٌ ؛ لأن معناه : أن كل معبود بحقّ أو باطل هو الله ، كما سبق بيانه قريبًا .

( ب ) أن معناها : لا خالقَ إلا الله . وهذا جزء من معنى هذه الكلمة ؛ ولكن ليس هو المقصود ؛ لأنه لا يثبت إلا توحيد الربوبية ، وهو لا يكفي وهو توحيد المشركين .

( ج ) أن معناها : لا حاكميّةَ إلا لله ، وهذا أيضًا جزء من معناها ، وليس هو المقصود ؛ لأنه لا يكفي ؛ لأنه لو أفرد الله بالحاكمية فقط ودعا غير الله أو صرف له شيئًا من العبادة لم يكن موحدًا ، وكل هذه تفاسير باطلة أو ناقصة ؛ وإنما نبهنا عليها لأنها توجد في بعض الكتب المتداولة .

والتفسيرُ الصحيح لهذه الكلمة عند السلف والمحققين : أن يُقالَ : ( لا معبود بحق إلا الله ) كما سبق .

2 - ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله : هو الاعتراف باطنًا وظاهرًا أنه عبد الله ورسوله إلى الناس كافة ، والعمل بمقتضى ذلك من طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وألا يُعبدَ الله إلا بما شرع .



أرجو متابعة الاجزاء المتبقيه
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم


[/COLOR]