خطوات الشيطان [4] الوسوسة (أ)
من العلاقات الشيطانية التي تكون بين الشيطان والإنسان علاقة الوسوسة ، فعن طريقها يستطيع الشيطان أن يصل إلى فكره وقلبه ، وقد أخبرنا الله بذلك إذ سماه { الوسواس الخناس ( 4 ) الذي يوسوس في صدور الناس } ( الناس : 4 ، 5 ) والوسواس الخناس : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس .
والوسواس [ فعلال ] من وسوس ، وأصل الوسوسة الحركة أو الصوت الخفي الذي لايحس فيتحرز منه . فالوسواس : الإلقاء الخفي في النفس إما بصوت خفي لايسمعه إلا من ألقي إليه ، وإما بغير صوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد .
والوسوسة هي مبدأ الإرادة ، فإن القلب يكون فازعا من الشر والمعصية فيوسوس إليه ، ويخطر الذنب بباله ، فيصور لنفسه ويمينه ، ويشهيه فيصير شهوة ، ويزينها له ، ويحسنها له ويخيلها في خيال تميل إليه فيصير إرادة ، ثم لايزال يمثل ويمني ويشهي وينسي عمله بضررها ويطوي عنه سوء عاقبتها ، فيقع في المعصية وبهذه الوسوسة أضل الشيطان أبانا آدم عليه السلام ، وأغواه بالأكل من الشجرة { فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين } [ الأعراف : 19 : 22 ].
والشيطان يوسوس للإنسان حتى في أمر العباد ة والطاعة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته )) متفق عليه .
وأخرج البخاري ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة فقال : (( هو اختلاس يختلس الشيطان من صلاة أحدكم )) رواه مسلم .
وإبليس يتدرج في وساوسه مع ابن آدم في سبع مراتب ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله وهي :
المرتبة الأولى : شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله :
فإذا ظفر بذلك ابن آدم برد أنينه واسترح من تعبه ؛ وهو أول واستراح ما يريد من العبد ، فإذا أجابه صار من دعاة إبليس ونوابه ، فإن يئس منه ، نقله إلى المرتبة الثانية من الشر .
المرتبة الثانية : شر البدعة :
وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي ، لأن ضررها في نفس الدين ، وهو ضرر متعد ، وهي باب الكفر والشرك . فإذا نال منه البدعة ، صار من دعاته أيضا ، فإذا أعجزه نقله إلى المرتبة الثالثة من الشر .
المرتبة الثالثة : شر الكبائر على اختلاف أنواعها :
فهو أشد حرصا على أن يوقعه فيها ، فإذا وقع الإنسان في كبيرة جره إلى أخرى ، وهكذا حتى يتمادى في العصيان ، وينسى ربه ويضعف دينه ، ويكون جنديا من جند إبليس يدعو إلى الرذيلة ، ويحارب الفضيلة . فإذا عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الرابعة .
المرتبة الرابعة : شر الصغائر :
وهي الصغائر التي دون الكبائر من الذنوب والمعاصي ، فإذا اجتمعت أهلكت صاحبها كما قال صلى الله عليه وسلم (( إياكم ومحقرات الذنوب . فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ، فجاء هذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم ، وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه )) حديث صحيح .
فالشيطان يوسوس للإنسان حتى يوقعه في صغائر الذنوب ثم الكبائر ، وهكذا . فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الخامسة .
المرتبة الخامسة : شر الاشتغال بالمباحات :
وهي اشتغاله بالمباحات التي لاثواب فيها ولاعقاب ، بل عاقبتها فوت الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها ، فإن أعجزه العبد في هذه المرتبة نقله إلى : المرتبة السادسة
المرتبة السادسة والسابعة في الجزء القادم …… انشاء الرحمن
الروابط المفضلة