بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
عزيزاتي نكمل معكم ما بدأناه من مشاهد الاحتضار
من مشاهد الاحتضار لبعض الصحابة رضي الله عنهم 00
لما حضرت أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – الوفاة جاءت عائشة – رضوان الله عليها – فتمثلت بهذا البيت :
لعمرك ما يُغني الثراءُ عن الفتى ** اذا حشرجت يوماً وضَاَقَ بها الصَّدْرُ
فكشف عن وجهه وقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) (قّ:19)
أُنظروا ثوبيَّ هذين ، فاغسلوهما ، وكفنوني فيهما فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت 0
إحتضار عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –
عن ابن عمر قال :
كان رأس عمر في حجري لما طُعن فقال : ضَعْ رأسي بالأرض ، قال فظننت أنّ ذلك تَبَرُّماً به ، فلم أفعل ، فقال :
ضع خدي بالأرض لا أم لك ، ويلي وويل أمي ، إن لم يغفر الله – عز وجل – لي 0
إحتضار أبي هريرة – رضي الله عنه –
عن همام قال :لما حضر أبا هريرة الموت جعل يبكي ، قيل له ما يبكيك يا أبا هريرة ؟ قال : قلة الزاد وبعد المفازة ، وعقبةٌ هبوطها الجنَّة أو النار 0
إحتضار أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها –
عن ابن أبي مُليكة : أن ذكوان أبا عمران حدثه قال : جاء ابن عباس – رضي الله عنهما – يستأذن على عائشة ، وهي في الموت ، قال : فجئت وعند رأسها عبد الله ابن أخيها عبد الرحمن ، فقلت : هذا ابن عباس يستأذن ، قالت دعني من ابن عباس ، لا حاجةََ لي به ، ولا بتزكيته ، فقال عبد الله : يا أمَّه ، إن ابن عباس من صالحي بَنيك ن يودِّعُك ويسلِّم عليك 0
قالت : فائذن له إن شئت 0 قال فجاء ابن عباس ، فلما قعد قال: أبشري ، فوالله ما بينك وبين أن تفارقي كل نصب ، وتلقي محمداً صلى الله عليه وسلم والأحبة ، إلا أن تفارق روحك جسدك0
قالت : إيهاً ، يا ابن عباس ! قال : كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني إليه – ولم يكن يحب إلا طيبا ، سقطت قلادتك ليلة الأبواء ، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتقطها ، فأصبح الناس ليس معهم ماء ، فأنزل الله ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) ( النساء : 42 ) فكان ذلك من سببك ، وما أنزل الله بهذه الأمة من الرُّخصة ، ثم أنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات ، فأصبح ليس مسجدٌ من مساجد يذكر فيها الله إلا وبراءتك تتلى في آناء الليل والنهار 0 قالت دعني يا ابن عباس فوالله لوددت أني كنتُ نسياً منسياً 0
احتضار عبد الله بن سعد بن أبي السرح –
عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : لما احتضر ابن سرح وهو بالرملة ، وكان خرج إليها فاراً من الفتنة فجعل يقول من الليل : آصبحتم ؟ فيقولون : لا 0 فلما كان عند الصبح ، قال : يا هشام ! إني لأجد برد الصبح فانظر 0 ثم قال : اللهم إجعل خاتمة عملي الصبح ، فتوضأ ، ثم صلَّى ، فقرأ في الأولى بأم القرآن والعاديات ، وفي الأخرى بأم القرآن وسورة وسلّم عن يمينه وذهب يسلم عن يساره فقبض رضي الله عنه 0
احتضار عمرو بن العاص
عن عوانةَ بن الحكم ، قال : قال عمرو بن العاص : عجباً لمن نزل به الموت ، وعقله معه كيف لا يصفه ؟ فلما نزل به الموت ذكَّره ابنه بقوله ، وقال : صفه ، قال : يا بني ! الموت أجلُّ من أن يوصف ، ولكني سأصف لك ، أجدني كأن جبال رضوى على عنقي ، وكأن جوفي الشوك ، وأجدني كأن نفسي يخرج من إبرة 0
وعن عبد الله بن صالح قال : حدثني يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه : ان عمرو بن العاص حين حضرته الوفاة ذرفت عيناه فبكى 0 فقال له ابنه عبد الله : يا أبت ، ما كنت أخشى أن ينزل بك أمر الله عز وجل إلا صبرت عليه فقال : يا بني : إنه نزل بأبيك خصال ثلاث : أما أولهن : فانقطاع عمله ، وأما الثانية : فهول المطلع ، وأما الثالثة : ففراق الأحبة ، وهي أيسرهن 0 ثم قال : اللهم إنك أمرت فتوانيتُ ، ونهيتَ فعصيتُ ، اللهم ومن شيمتك العفو والتجاوز 0
الروابط المفضلة