ثالثا : على المرأة المسلمة أن تشعر بأهمية الدور الذي تقوم به في الأسرة وبالتالي في المجتمع :
فالمرأة المسلمة هي بمثابة حارسة القلعة وحامية حصون الداخل , فكل أم ومربية تقف على ثغرة من ثغور المسلمين ألا وهو ((( البيت المسلم ))) فلتحذر أن يؤتى الإسلام من قِبَلها .
أختي الأم الصالحة والمربية الفاضلة :
اعتني بتحصين بيتك من التيارات الفكرية الفاسدة , وطهريه من أدران المعاصي وأسباب الفواحش , من أدوات اللهو والغناء , والمجلات والقصص الهابطة , كوّني أبنائك وبناتك الحصانة ضد أفكار ونفايات الغرب , أبرزي لهم ما فيها من العيوب والعواقب الوخيمة , وذكريهم بأن ما يرونه من تمدنهم وما يبهرهم من رقيهم إنما هو زيف وزخرف لواقع مظلم تعيس منحط , يدفعون ثمنه كل دقيقة بحالة اغتصاب , ومليون طفل من الزنا كل عام في أمريكا وحدها , ومليون حالة إجهاض و600 ألف فتاة في سن المراهقة تلد سنويا دون زواج شرعي .
حصّني أفكارهم بالمبادىء السامية لحمايتهم من الاستغفال , كوّني في قلوبهم العزة بهذا الدين لكي يتحرروا من التبعية والانهزامية أمام الموضات والتقليعات الوافدة المنافية للدين .
ثم تأصيل قضية الولاء والبراء في قلوب الناشئة , حتى يبغض الكفر وأهله ويبتعد عنه قلباً وقالباً , ويحب أهل الإيمان والصلاح ويرتبط بهم بالحب في الله , وبالقدوة الصالحة التي تدفعهم إلى العمل الجاد , وذلك بعرض سير الأنبياء والصالحين وقراءة قصص التائبين , ولتفترض كلُ أم أن لكل ابنٍ من أبنائها دوراً ينتظره لكي يقدم شيئاً لهذا الدين .
على المرأة المسلمة أن تقوم بمسؤولياتها الرئيسية :
فتكون في البيت عوناً للجميع على طاعة الله , فتكون البيوت التي يأوي إليها الرجال والأبناء عوناً على كل خير , بيوتاً تتلى فيها آيات الله والحكمة , بيوتاً يأوي إليها الرجل فيذكر الله ويخرج فيذكر الله .
على المرأة أن تمارس دورها الفعلي الحقيقي في تربية الأبناء , فليست التربية قاصرة على إعداد الطعام وتزيين اللباس ومراجعة الدروس , تبدأ بهذا وتنتهي بذاك , إنما عليها أن تغرس المعاني المباركة في نفس الطفل من تعظيم الله وإجلاله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره .
وتغرس في نفس أطفالها منذ نعومة أظفارهم بشاعة الحرام وآثاره السيئة العاجلة والآجلة , وتفهمهم معنى طاعة الله وترغبهم في ذلك وتدعوهم للتنافس فيه , لقد كان سلفنا الصالح من آباء وأمهات يحرصون على غرس هذه القضايا في نفوس أطفالهم .
لقد خرج الزبير بن العوام بابنه عبدالله إلى معركة اليرموك وأركبه فرساً وأوكل به رجلاً يمسك الفرس , ليقتحم به المعركة , وكان عُمْر عبد الله بن الزبير آنذاك اثنتي عشرة سنة , في عُمْر طفل نخاف عليه اليوم أن ينظر إلى الدجاجة وهي تُذبح حتى لا يحلم بالليل , يذهب به أبوه فيرى السيوف تُشهر والرقاب تقطع والأشلاء تمزق وتتناثر , فيعلم أن هذا كله من أجل هذا الدين , وأن هؤلاء يموتون ليدخلوا الجنة , وأولئك يُقتلون لأنهم يدعون مع الله غيره , لذا عظمت في نفوسهم هذه الأمور فكانوا رجالاً في سن الأطفال .
وهذا سعد بن أبي وقاص يقول : (( عُرض أخي عمير على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم بدر فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصعّد فيه فإذا فتى صغير السن لا يليق بقتال فردّه . قال سعد : فلما أدبر عمير استعبر يبكي 000 ! عجيب هذا !
استعبر يبكي عندما أعطي فرصة للحياة ؟
نعم 00 شعر – وهو الصغير في سنه – أنه قد فُوّتت عليه فرصة تقديم شيء لدينه , فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي رحمه وأذن له , فقال سعد : (( فقد عقدت عليه حمائل سيفه )) أي حتى لا يخط في الأرض ويستطيع حمله .
بل أعجب من ذلك خبر أبي إدريس الخولاني يحدثنا فيقول : (( دخلت مسجد دمشق فإذا شاب أدعج العينين براق الثنايا يحدث الناس , فوقع في قلبي حبه فقلت من هذا ؟ قالوا : هذا معاذ بن جبل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فلما قضى صلاته أقبل إليه فقال أبو إدريس لمعاذ بن جبل : (( إني أحبك في جلال الله )) فقال له معاذ (( أالله ؟ )) قال أالله . قال : أالله ؟ قال أالله
قال معاذ أبشر فإن المتحابين في جلال الله تحت ظل عرش الرحمن يوم لاظل إلا ظله . قال : ثم أمسك
بحوبتي فجمعني إليه يعني حضنه .
تُرى كم كان عمر أبي إدريس الذي أجرى مع معاذ هذا الحوار كله ؟
كم كان عمر هذا الذي يفهم قضية الحب في الله ؟
لقد كان عمره تسع سنوات , يعي ذلك لأنهم كانوا يخرجون من بيوت تعلمهم ذلك , وتغرس في قلوبهم ذلك , وترضعهم هذه القضايا مع ألبانهم منذ نعومة أظفارهم .
يتبع 000
==============
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
الروابط المفضلة