(14)
وهكذا حُرِمت الأمة الفارسية في حياتها ديناً عميقاً جامعاً يكون تربية للنفس، وتهذيباً للخلق، وقامعاً للشهوات، وحافزاً على التقوى وفعل الخيرات، ويكون نظاماً للأسرة وتدبيراً للمنزل وسياسة للدولة، ودستوراً للأمة، ويحول بين الناس وطغيان الملوك، وعسف الحكام، ويأخذ على يد الظالم، وينتصف للمظلوم، وأصبح المجوس لا فرق بينهم وبين اللادينيين والإباحيين في الأخلاق والأعمال.
ديانات الصين:
0 وكانت تسود الصين في هذا القرن ثلاث ديانات.
- ديانة " لا وتسو" .
- وديانة "كونفوشيوس.
-" والبوذية.
♥أما الأولى ففضلاً عن أنها تحولت وثنية في عهد قريب فهي تُعني بالنظريات أكثر منها بالعمليات، وكان أتباعها متقشفين زاهدين، لا يتزوجون ولا ينظرون إلى المرأة ولا يتصلون بها اتصالاً، فلم يكن لها أن تكون أُسّاً لحياة سديدة أو حكومة رشيدة، حتى التجأ الذين جاءوا بعد مؤسسها إلى مخالفته والعدول عنه إلى غيره.
♥أما "كونفوشيوس" فقد كان يعني بالعمليات أكثر من النظريات، ولكن انحصرت تعاليمه في شؤون هذه الدنيا وتدبير الأمور المادية والسياسية والإدارية، وقد كان أتباعه لا يعتقدون فى بعض الأزمنه بعبادة إله معين، فيعبدون ما يشاءون من الأشجار والأنهار، وليس فيها نور من يقين ولا باعث من إيمان ولا شرع سماوي، وإنما هو حكمة حكيم وتجارب خبير، يستفيد بها الإنسان إذا شاء ويرفضها إذا شاء.
♥ البوذية- تطوراتها وانحطاطها:
أما البوذية فقد فقدت بساطتها وحماستها، وابتلعتها البرهمية الثائرة الموتورة فتحولت وثنية تحمل معها الأصنام حيث سارت. وتبني الهياكل. وتنصب تماثيل بوذا حيث حلت ونزلت. وقد غمرت هذه التماثيل الحياة الدينية والمدنية التي
ظهرت في عهد ازدهار البوذية (1) .
-يقول الأستاذ "إيشوراتوبا" أستاذ تاريخ الحضارة الهندية في إحدى جامعات الهند: ((لقد قامت في ظل البوذية دولة تعني بمظاهر الآلهة وعبادة التماثيل وتغير محيط الرابطات الأخوية البوذية، وظهرت فيها البدع (2)) . ولا حظ ذلك أيضاً أحد الكتاب العصريين وكبار السياسيين في الهند فقال:
((جعلت البرهمية بوذا مظهراً للآلهة، وقلدتها في ذلك البوذية نفسها، وأصبحت الرابطة الأخوية البوذية تملك ثروة هائلة، وأصبحت مركزاً لمصالح جماعات خاصة، وفقدت
النظام وتسرب إلى مناهج العبادة السحر والأوهام، وبدأت الديانة تتقهقر وتنحط بعدما سادت في الهند وازدهرت ألف سنة
-وقد ذكرت (Mrs Rhys DaVids) ما أصيبت به الديانة البوذية في هذا العهد من الوهن والاعتلال فقالت كما نقل عنها "سير رادها كرشنن" في كتابه "الفلسفة الهندية":
((لقد أظلت الأفكار العليلة تعليم بوذا الخلقي حتى توارى وراء هذه التخيلات السقيمة، لقد نشأ مذهب جديد في الديانة وازدهر، وملك على الناس القلوب، ثم اضمحل وخلفه مذهب آخر، وهلم جرا، حتى تراكمت هذه الأوهام الخلابة، وحجبت الجو وساد الظلام، وقد اضمحلت دروس مؤسس الديانة الغالية البسيطة بسبب التدقيقات الكلامية والتنطعات (3)) .
لقد أصيبت البرهمية والبوذية بالانحطاط، ودخلت فيها العادات الساقطة، وأصبح من العسير التمييز بينهما، لقد اندمجت البوذية في البرهمية وذابت فيها (4)) .
ولم يزل وجود الإله الإيمان به في البوذية موضع خلاف وشك عند مؤرخي هذه الديانة ومترجمي مؤسسها، حتى يحار بعضهم ويتساءل: كيف قامت هذه الديانة العظيمة على أساس رقيق من الآداب التي ليس فيها الإيمان بالله (5) . فلم تكن البوذية إلا طرقاً لرياضة النفس وقمع الشهوات، والتحلي بالفضائل، والنجاة من الألم، والحصول على العلم.
إذن فلم تكن عند الصينيين رسالة دينية للعالم يحلون بها مشاكله، وكانوا في أقصى شرق العالم المتمدن محتفظين بتراثهم الديني والعلمي، لا يزيدون في ثروتهم ولا في ثروة غيرهم.
(1) الزائر لمتحف تكسلا في غربي بنجاب ((باكستان)) يندهش من رؤية كثرة التماثيل البوذية التي استخرجت من حفائر المدن البوذية المطورة ويعرف أن هذه الديانة والمدنية أصبحتا وثنيتين تماماً.
(2) الهند القديمة ((اردو)) للأستاذ ايشور اتويا.
(3) Jawahar Dal Nehru: The Discovery of India P. 201 202.
(4) أيضاً.
(5) اقرأ مقالة ((بوذا)) في دائرة المعارف البريطانية
__________________________________________________ ______
فضلاً ارجو متابعة الكتاب إنَّ معرفة التاريخ وتعريفه للنَّاس امر فى غاية الأهمية إنَّه جزء من دعوتنا لِنُعلم الدنيا لماذا أُرسل محمد صلى الله عليه وسلم
وليقارنوا بين رسالتة السماوية المقدسة وهذا الهراء الذى صنعه البشر
وكيف كانت الدنيا لما ساد اماكن كثيرة منها الإسلام وكيف رجع الظلام والدمار لما انحسر الاسلام
ولتعلم الدنيا [ ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ].
الروابط المفضلة