إمراة تعظ الرجال الجزء ( 1 )
1- الحب في الله تعالى
قالت زجلة رحمها الله تعالى كنا جلوسنا مع أم الدرداء رضي الله عنها فقال إسماعيل بن هشام والي المدينة ياام الدرداء ما أوثق عملك في نفسك ؟ قالت الحب في الله عزوجل .
الحب في الله عزوجل منزلة عظمي ودرجة فضلى يقول ابن القيم رحمه الله هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون واليها شخص العاملون وإلى علمها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروح العابدون .
فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون وهي الحياة التي من حرمها فهو في جملة الأموات والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام .
وصدق الإمام رحمه الله فالحب في الله عزوجل ليس مما يشترى بمال أو يورث عن أباء وأجداد وإنما المحبة في قلب المؤمن يلقيه الله في قلب من شاء من عباده ولذلك قال عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم (لو أنفقت ما في الأرض جمعيا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ) إذا إن كل محبة لا تكون لله فهي باطلة وكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل فالدينا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله وكل عمل أريد به غير الله لم يكن لله وكل عمل لا يوافق شرع الله لم يكن لله ولهذا كان على من امن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا أن يتنافس ويتسابق إلى أن يصل إلى محبة الله تبارك وتعالى فمحبة الله هي المنزلة العليا التي من اجلها سار السائرون وعبد العابدون فهي النور لمن كان في الظلمات والحياة لمن كان من الأموات والحب في الله تعالى هو الطريق إلى حلاوة الإيمان والنجاة من النيران فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وان يقذف الرجل في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه وان يحب العبد لا يحبه إلا في الله )
وحلاوة الإيمان إنما تكون بفعل الطاعات وتحمل المشقات في طلب مرضاة الله تعالى وإذا أراد المرء الوصول إلى حب الله ورسوله عليه السلام يعني إيثار ما فيه رضاهما على هوى النفس بحيث يصير هوى الإنسان تبعا لما جاء عنهما .
______________________


2- تذكر غداة الحشر
يقول خالد الوراق رحمه الله تعالى كانت لي جارية شديدة الاجتهاد فدخلت عليها يوما فأخبرتها برفق الله وقبول يسر العمل فبكت ثم قالت : يا خالد إني لأومل من الله تعالى أمالا لو حملتها الجبال لأشفقت من حملها كما ضعفت عن حمل الأمانة واني لأعلم أن في كرم الله مستغاثا لكل مذنب ولكن كيف لي بحسرة السباق قال قلت وما حسرة السباق ؟
قالت غداة الحشر إذا بعثر ما في القبور وركب الأبرار نجائب الأعمال فاستبقوا إلى الصراط
( وحسرة السباق أي التنافس في الدخول إلى الجنة سيرا على الصراط )
والله لا يسبق مقصر مجتهدا أبدا ولو حبا المجد حبوا , أم كيف لي بموت الحزن والكمد ؟ إذا رأيت القوم يتراكضون وقد رفعت أعلام المحسنين وجاز الصراط المشتاقون ووصل إلى الله المحبون وخلفت مع المسيئين المذنبين ؟ ثم بكت وقالت يا خالد انظر لا يقطعك قاطع عن سرعة المبادرة بالإعمال فانه ليس بين الدارين دار يدرك فيها الخدام ما فاتهم من الخدمة .
فهلا كانت الأعمال توقظه إذا نام البطالون
إنها موعظة نسائية إلى النفوس المتكاسلة
أنها تذكرة إلى القلوب الغافلة
إنها دعوة إلى التفكر في تقصير الواحد منا في حق ربه سبحانه وتعالى
إنها رسالة إلى متكبر و متكبرة بما لديهما من الأعمال
___________________

ونكمل المسيرة مع امرأة تعظ الرجال قريبا أن شاء الله