و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته،
جزاكِ الله خيراً أختي الحبيبة ، طرح طيب ما شاء الله ..
أضع بين أيديكن مقتطفات من كتاب عدة الصابرين الذي كنا قد تدارسناه معاً في روضة السعداء هنا :
¤•°•¤ دعوة لقراءة كتاب : عدة الصابرين * شـ الفائدة والمتعة ـاركونا ¤•°•¤
من الناس من يصبر بجهد و مشقة، و منهم من يصبر بأدنى حمل على النفس.
مثال الأول كرجل صارع رجلاً شديداً، فلا يقهره إلا بتعب و مشقة.
و الثاني كمن صارع رجلاً ضعيفاً فإنه يصرعه بغير مشقة.
فهكذا تكون المصارعة بين جنود الرحمن و جنود الشيطان، و من صرع جند الشيطان صرع الشيطان.
فمن اعتاد الصبر هابه عدوه، و من عز عليه الصبر طمع فيه عدوه و أوشك أن ينال منه غرضه.
...
فالشكوى إليه سبحانه لا تنافي الصبر الجميل.
بل إعراض عبده عن الشكوى إلى غيره جملة، و جعل الشكوى إليه وحده هو الصبر.
و الله تعالى يبتلى عبده ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه..
وقد ذم سبحانه من لم يتضرع اليه ولم يستكن له وقت البلاء كما قال تعالى :
وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ
والعبد أضعف من أن يتجلد على ربه، و الرب تعالى لم يرد من عبده أن يتجلد عليه، بل أراد منه أن يستكين له و يتضرع إليه. وهو تعالى يمقت من يشكوه إلى خلقه ويحب من يشكو ما به إليه..
قيل لبعضهم : كيف تشتكي إليه ما ليس يخفي عليه ؟ فقال : ربي يرضى ذل العبد إليه.
... وهو سبحانه إنما قدره و قضاه (أي المكروه) لأنه ذريعة إلى حصول محبوبه من عبده و من نفسه تعالى؛
أما من عبده، فالتوبة و الاستغفار و الخضوع و الانكسار...
أما من نفسه، فبالمغفرة و التوبة على العبد و العفو عنه والصفح و الحلم و التجاوز عن حقه...
قيل : فاز الصابرون بعز الدارين، لأنهم نالوا من الله معيته. قال تعالى :
إنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ
وها هنا سر بديع، وهو أن
من تعلق بصفة من صفات الرب تعالى، أدخلته تلك الصفة عليه وأوصلته اليه.
والرب تعالى هو الصبور، بل لا أحد أصبر على أذى سمعه منه.
كل أحد لا بد أن يصبر على بعض ما يكره إما اختياراً و إما اضطراراً
فالكريم يصبر اختياراً لعلمه بحسن عاقبة الصبر
و أنه يحمد عليه و يذم على الجزع
وأنه إن لم يصبر، لم يرد الجزع عنه مكروهاً، وأن المقدور لا حيلة في دفعه وما لم يقدر لا حيلة في تحصيله، فالجزع ضره أقرب من نفعه
قال بعض العقلاء : " العاقل عند نزول المصيبة يفعل ما يفعله الأحمق بعد شهر "
فإذا كان آخر الأمر الصبر والعبد غير محمود، فما أحسن به أن يستقبل الأمر في أوله بما يستدبره الأحمق في آخره
قال بعض العقلاء : " من لم يصبر صبر الكرام، سلا سلو البهائم "
أما اللئيم فإنه يصبر اضطراراً
فإنه يحوم حول ساحة الجزع فلا يراها تجدى عليه شيئاً، فيصبر صبر الموثق للضرب .
... أن يعلم العبد أن الله سبحانه
خلقه لبقاء لا فناء له
ولعز لا ذل معه وأمن لا خوف فيه وغناء لا فقر معه ولذة لا ألم معها وكمال لا نقص فيه
وامتحنه في هذه الدار بالبقاء الذي يسرع إليه الفناء، والعز الذي يقارنه الذل، والأمن الذى معه و بعده الخوف، وكذلك الغناء واللذة والفرح والنعيم الذي هنا مشوب بضده، لأنه يتعقبه ضده وهو سريع الزوال.
فغلط أكثر الخلق في هذا المقام إذ طلبوا النعيم والبقاء والعز والملك والجاه في غير محله، ففاتهم في محله وأكثرهم لم يظفر بما طليه !
والذي ظفر به انما هو متاع قليل والزوال قريب، فإنه سريع الزوال عنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من يتصبر يصبرّه الله، و ما أُعطي أحد عطاء خيراَ و أوسع من الصبر/ صحيح الجامع
الروابط المفضلة