أيُّهما يغلب الآخر في قلبك؟

الدنيا أم الآخرة؟

حبّ الدنيا أم حبّ الآخرة؟

هموم الدنيا أم هموم الآخرة؟

الحرص على الدنيا أم على الآخرة؟

التفكير في الدنيا أم التفكير في الآخرة؟

الندم على فوات دنيا أم على تفويت مصالح الآخرة؟

وكم من الوقت تشغله فيما لا ينفعك من الأقوال والأفعال واللهو واللعب والسفه، فكلّما زاد همّ الآخرة في قلب المؤمن زاد تفكيره فيها وزاد حِرصه على شغل وقته في مصالحها، وزاد سموّه عن التفاهات والسفاهات والسخافات والسفالات.

وغلبة الدنيا على الآخرة هي الوهن في القلب، وصاحبه من الغثاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يوشك أن تداعَى عليكم الأمم من كلّ أفق كما تداعَى الأكلة إلى قصعتها} قيل: يا رسول الله، فمِن قِلَّةٍ يومئذ؟ قال: {لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يُجعل الوهن في قلوبكم ويُنزع الرعب من قلوب عدوّكم لحبّكم الدنيا وكراهيتكم الموت}(صحيح الجامع) } قُلْ إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين {(24 التوبة) ماداموا مصرِّين على فسقهم أو راضين بحالهم غير مُبَالِين بمرضاة ربّهم

قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يكون في آخر هذه الأمّة خسفٌ ومسخٌ وقذف} قيل: يا رسول الله؛ أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: {نعم إذا ظهر الخبث}(صحيح الجامع) وقال: {في هذه الأمّة خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ إذا ظهرت القيان والمعازف وشُرِبت الخمور}(صحيح الجامع) وقال: {لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبلٍ من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كلّ مائة تسعة وتسعون}(صحيح مسلم).

وغلبة الآخرة على الدنيا ليست هي المقصد المطلوب، بل المطلوب هو ألاّ يكون في قلبك غير الآخرة؛ بأن يكون همّك وغايتك الآخرة وحدها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَن كانت الدنيا هَمّه فَرَّقَ الله عليه أمره وجَعَلَ فقره بين عينيه ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما كُتِب له، ومَن كانت الآخرة نيَّته جَمَعَ الله له أمره وجَعَلَ غِنَاه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة}(صحيح ابن ماجه وابن حبان) وقال: {مَن جَعَلَ الهمُوم هَمًّا واحدًا همّ المعاد كفاه الله سائر الهمُوم، ومَن تشعَّبت به الهمُوم من أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أيّ أوديتها هَلَك}(صحيح الجامع).



من كتاب (الفوائد الجامعة)

منقول