من أجل إشارة .. ربط نفسه بالسـارية
حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة خمسة وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار ، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا " أبا لبابة " لنستشيره في أمرنا ، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ، فلما رأوه قام إليه الرجال ، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه .. فرق لهم ، وقالوا له : يا أبا لبابة أترى أن ننـزل على حكم محمد . قال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه كأنه يقول لهم إنه الذبح " . أي أن النبي صلى الله عليه وسلم سيقتلهم .
وما أن أشار تلك الإشارة حتى أنب نفسه .. وبدأت الصراعات النفسية تعتلج صدره .. فبهذه الإشارة خان الله ورسوله .. لقد قضى لهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم سيقتلهم .. واحسرتاه .. فقال :
والله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أنني قد خنت الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم
وانطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ربط
نفسه إلى عمود من أعمدة المسجد . وقال :
" لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت ، وأعاهد الله ألا أطأ بني قريظة أبدا ، ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا " . فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وكان قد استبطأه . قال عليه الصلاة والسلام : " أما إنه لو جاءني لاستغفرت له فأما إذ قد فعل ما فعل فما أن بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه .
وتاب الله على أبي لبابة ، فثار الناس ليطلقوه . فقال : لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده .
فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه .
فيا سبحان الله العلي القدير .. لم ترفع قضية على أبي لبابة ولم يجره شرطي للمحاكمة .. ولكن النفس هي التي أنبت .. النفس الذاتية التي تراقب الله عز وجل في عملها .
لقد ندمت نفسه على فعل .. فكان جزاؤها الربط في مكان العبادة .. والمساجد يصلي بها الرجال في اليوم خمس مرات .. فكأنه أراد أن يفضح عمله أمام المصلين .. وكأنه يقول : انظروا إلي ، أنا الذي خنت الله ورسوله .. وما دمت خنتهما فلن يفك رباطي إلا الرسول صلى الله عليه وسلم بيده . فإن كان من أجل إشارة ربط أبو لبابة نفسه في سارية المسجد ، فيا ترى كم هناك من إشارات ورسم خطط ومحاكاة مع اليهود ومع أعداء الله عز وجل للقضاء على الدعاة والمخلصين ، وما زالت دماء المسلمين لم تبرد بسبب تلك الخيانات حتى لحظة قراءة هذه الحروف .. واإسلاماه
الروابط المفضلة