الحمد لله الحي الذي لا يموت سبحانه قاهرٌ قويٌ عزيزٌ ذو انتقام ، والصلاة والسلام على عبد الله المصطفى ونبيه المجتبى محمد بن عبد الله عليه صلاة الله وسلامه ، وبعد :

صدق الله القائل : { إنهم يكيدون كيدا . وأكيد كيدا }

{ ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين }

لقد حمل لنا مطلع العام الرابع والعشرين بعد الأربعمائة والألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم غزوا عسكريا غاشما على العراق المسلم .

بدء هذا الغزو في محرم الحرام ، ولا حرام عند اللئام .
تولى كبر هذا الغزو قوى آثمة تؤمن بدولة صهيونية كبرى من النيل إلى الفرات .
ولتحقيق غاياتهم وأهدافهم استباحوا الديار وخربوا العمار .
جثث وأشلاء وقتلى ودماء .
لا فرق بين أم وطفل أو أب وشيخ .
لا كبير ولا صغير فالكل سواء .

طفل رضيع يرقد في المستشفى وقد أصيب في رأسه وكسرت ساقه وآخر قد وري الثرى بعد ما قضى .

مشاهد مؤلمة من الخراب والدمار تجلب الدموع وينزف لها قلب من كان له قلب وعقل .

ومن وسط الدمار والخراب تظهر حكم كبرى وآيات عظمى تدل على أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله .

إن هناك جيل يصنع الآن لم يتربى على أفلام الكارتون بل تربى على مشاهدة إخوانه ـ أطفال العراق ـ يهدم العدو منازلهم ويقتل آبائهم وأمهاتهم ويصيبهم ويقتل منهم .

أخبروني بربكم أي شعور ينمو في صدور هذه النفوس البريئة ؟
هل هو شعور الحب لهذا المحتل الغازي ؟
هل يتمنون الآن استقباله بالزهور والورود ؟
أم أنه شعور كل نفس سوية تتمنى انتقام الله من هؤلاء الجبابرة .
بل لربما امتدت تلك اليد البريئة لهذا الطفل الصغير ليأخذ لعبته وسلاحه الذي يتلهى به ليكون في عينيه سلاحا حقيقيا يطعن به هؤلاء الظلمة .

إن التربية في سن الطفولة لها تأثير نفسي كبير في حياة الإنسان يظهر تأثيرها عليه مباشرة عند الكبر .
إنه جيل يتربى عمليا على قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة }

فكيف إذا كبر هذا الطفل وعلم قوله تعالى :{ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفى صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم }

وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث سهل بن سعد « رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها »
وعن أبي عبس عبدالرحمن بن جبر رضي الله عنه وأرضاه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار »

وعند الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله »
هل يتوقع من هذا الجيل أن يقعد بعد كل هذا ؟ !
إنه جيل يصنع ومن بعده أجيال وأجيال .

إنه جيل يتربى عمليا على حب الشهادة فكيف إذا أضيف إلى علمه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث أبي بكر بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه، قال سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف » ،فقام إليه رجل رث الهيئة فقال : يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا ؟ قال نعم ، فرجع إلى أصحابه فقال : أقرأ عليكم السلام ثم كسر جَفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل .

ألا ترون أنه سيكون من بينهم أمثال رث الهيئة العشرات والمئات بل الآلاف ؟ !
بلى سيكون ، وسيموت كاتب هذه الكلمات وستبقى كلماته من بعده شاهد على هذا الجيل .

في الصحيحين من حديث أبي هريرة عنه رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكَلمه يدمي : اللون لون الدم والريح ريح مسك »

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة »

إنها رياح الجنة تهب فاللهم اجعلنا من الصادقين في طلبها .
اللهم ربي لا تحرمني ولا تحرم هذا الجيل المسلم من الجنة .

إنها حياة أبدية

{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . يستبشون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين . الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم }

أيها القارئ المفضال أعتذر منك لدخولي مباشرة في الحديث عن الجيل المعاصر ولكنها نسائم الجنة هبت فلم أتمالك نفسي كي أخبرك أنني أتحدث الآن عن الجيل المعاصر والأحداث تصنعه .
وتأمل ـ يا رحمك الله ـ في شعار تحديد النسل ـ مثلا ـ الذي بذل الغرب ما لا يمكن أن يوصف كي يثبتوه في نفوس المسلمين أين هو الآن ؟ .
تأمل في كل شعارات الانهزام والاستسلام الذي يسمى سلام أين هي الآن ؟

لقد ولت وانتهت ، وبدء تباشير النصر تلوح ورياح الجنة تفوح ، و والله ليأتين على الأرض زمان السلام وليعمن الأرض الإسلام { وكان حقا علينا نصر المؤمنين }

{ ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر }