السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه : صفاء نفس ..
وطمأنينة قلب .. وانشراح صدر .. وراحة ضمير .
السعادة – كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي - :
" شيء ينبع من داخل الإنسان .. ولا يستورد من خارجه . وإذا كانت السعادة شجرة
منبتها النفس البشرية .. والقلب الإنساني .. فإن الإيمان بالله وبالدار الآخرة هو ماؤها ..
وغذاؤها .. وهواؤها "
ويقول أديب مصر ( مصطفى لطفي المنفلوطي ) رحمه الله :
" حسبك من السعادة في الدنيا : ضمير نقي .. ونفس هادئة .. وقلب شريف " .
يروى أن زوجا غاضب زوجته ، فقال لها متوعدا : لأشقينك .
قالت الزوجة في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني ، كما لا تملك أن تسعدني .
فقال الزوج : وكيف لا أستطيع ؟ فقالت الزوجة :
لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني ، أو زينة من الحلي والحلل لحرمتني منها ،
ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون !.. فقال الزوج في دهشة وما هو ؟
قالت الزوجة في يقين : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ،
وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي !..
وتجاربنا في الحياة – كما يقول الدكتور أحمد أمين –
تدلنا على أن الإيمان بالله مورد من أعذب موارد السعادة ومناهلها .
وإن أكبر سبب لشقاء الأسر وجود أبناء وبنات فيها لا يرعون الله في تصرفاتهم ،
وإنما يرعون أهواءهم وملذاتهم . وإذا فشا الدين في أسرة ، فشت فيها السعادة .
ويقول الدكتور كامل يعقوب :
" والحقيقة التي لامستها في حياتي – كطبيب – أن أوفر الناس حظا من هدوء النفس
هم أكثر نصيبا من قوة الإيمان .. وأشدهم تعلقا بأهداب الدين " .
الســعادة .. في ســكينة النـفس :
وسكينة النفس – بلا ريب – هي الينبوع الأول للسعادة .
" هذه السكينة – كما يقول الدكتور القرضاوي في كتابه القيم ( الإيمان والحياة ) –
روح من الله ، ونور يسكن إليه الخائف ، ويطمئن عنده القلق ، ويتسلى به الحزين " .
وغير المؤمن في الدينا تتوزعه هموم كثيرة ، وتتنازعه غايات شتى ،
وهو حائر بين إرضاء غرائزه وبين إرضاء المجتمع الذي يحيا فيه .
وقد استراح المؤمن من هذا كله ، وحصر الغايات كلها في غاية واحدة عليها يحرص ،
وإليها يسعى ، وهي رضوان من الله تعالى . قال تعالى :
" فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا "
ومن أهم عوامل القلق ..
تحسر الإنسان على الماضي ، وسخطه على الحاضر ، وخوفه من المستقبل ،
ولهذا ينصح الأطباء النفسيون ورجال التربية أن ينسى الإنسان آلام أمسه ،
ويعيش في واقع يومه ، فإن الماضي بعد أن ولى لا يعود .
وقد صور هذا أحد المحاضرين بإحدى الجامعات الأمريكية تصويرا بديعا حين سألهم :
كم منكم مارس نشر الخشب ؟
فرفع كثير من الطلبة أصابعهم . فعاد يسألهم : كم منكم مارس نشر نشارة الخشب ؟
فلم يرفع أحد منهم إصبعه . وعندئذ قال المحاضر : بالطبع ،
لا يمكن لأحد أن ينشر نشارة الخشب فهي منشورة فعلا ..
وكذلك الحال مع الماضي ، فعندما ينتابكم القلق لأمور حدثت في الماضي ،
فاعلموا أنكم تمارسون نشر النشارة !!..
الســعادة .. في اجتناب المحرمات :
أي سعادة ينالها المؤمن وهو يتجنب ما حرم الله . وأي لذة يجدها في قلبه عندما يحيد
عن طريق الزلل والفجور . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إِلَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا .
رواه أحمد
ويقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله :
" إذا همت نفسك بالمعصية فذكرها بالله ، فإذا لم ترجع فذكرها بأخلاق الرجال ،
فإذا لم ترتدع فذكرها بالفضيحة إذا علم بها الناس ، فإذا لم ترجع
فاعلم أنك في تلك الساعة انقلبت إلى حيوان " .
الكاتب
الدكتورحسان شمسي باشا
الروابط المفضلة