بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(( وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ))
القصص/10
اخياتي في الله اني احبكم في الله
تصاعدت حوادث الخطف وطلب الفدية بصورة تثير الرعب في قلوب العراقيين، ولتضيف الى همومهم واثقالهم انواعا لم يعهدوها من قبل، وتدعوهم إلى الحرص على فرض كثير من القيود على أولادهم ,وعلى حركاتهم وسكناتهم في دخولهم وخروجهم، حتى انك لا تدري متى تدور الدائرة عليك او على اسرتك,الأمر الذي لم نكن نالفه سابقاً,
ولكن من المستحيل أن تمنع أحداً من ممارسة حياته بصورة طبيعية وتفرض عليه حصارا يضيف الى اعباء حصار الفقر والبطالة حصارا اخر
ومن الملفت للنظر إنّ هذه الحوادث لا تتحدد بعمر معين,,ولا بفئة معينة من الناس,,,بل تطول الصغير والكبير والشاب...
وتختلف العصابات التي تمتهن هذا النوع من الإجرام الدنئ في إستخراج الأموال من الناس المساكين الذين ربما أنفقوا عمرهم في تحصيلها،... فمن تلك العصابات الاجرامية ما يديره الموساد الدولي الذي يحرص على البحث عن كبار العلماء والأطباء أو رجال الأعمال ، ممن لهم تاثير او مكانة علمية او اجتماعية او اقتصادية في البلد، بهدف افراغ الساحة لصالح مشاريع مستقبلية خاصة،وسيكون لنا في ذلك تحقيق خاص إن شاء الله...
ومن هؤلاء المجرمين من يعود إلى عصابات محلية تدنّت في رتب الإنسانية...حتى فقدت أية علاقة لها مع جنس البشر!، وهي تقوم وبشكل يومي بخطف الرجال والاطفال والنساء من الشوارع او من البيوت! وبشكل علني ، دون ان يكون للناس اي وسيلة للدفاع عن انفسهم، حين تبهتهم المفاجاة، او عدد المهاجمين من الخاطفين المسلحين !
وكان لنا وقفة مع هذا النوع الأخير من عصابات الخطف التي زادت في الآونة الأخيرة حتى بات من نعرفهم في دائرتنا الضيقة من المخطوفين مايربو على العشرة أشخاص، اما لو احصينا ما نسمعه بشكل يومي على مستوى المدينة، فلا شك ان الارقام ستكون مرعبة
...ويقال إنّ هذه الأموال تذهب إلى أحزاب معينة لتمويلها، او الى عصابات نمت في ظل الاحتلال ، خاصة بعد اطلاق عتاة المجرمين من السجون في اخر عهد النظام السابق ، وتركهم يسرحون كما يشاؤون بعد الغاء قوى الامن من قبل الامريكان!!!!
أختنا في الله أم يوسف ,,,في العقد الثالث من عمرها,,, ولها ثلاثة أولاد...خُطف ابنها الكبير يوسف ( 15سنة)... وهو في طريقه للذهاب إلى المدرسة الساعة السابعة والنصف صباحاً,,, حيث أطبقت عليه سيارتان ونزل منها مسلحون,,أضطروه للركوب في السيارة تحت تهديد السلاح وكان معه زملاؤه الثلاثة ومدرسته!!!! وفي وضح النهار!!! وأمام أعين الجميع!!!
وهكذا تنهار أبسط قيم الأخلاق في مجتمع يسوده إضطراب وتخبط في جميع ميادين حياته...
وكان هذا قبل شهر تقريباً من الآن... وأبتدأ مسلسل الرعب في بيت أم يوسف,,, وبدأت الإتصالات تتوالى على الأب الذي كاد يفقد أعصابه من هول المبلغ المطلوب,, فبدأت عصابة الأقزام بطلب 25 دفتر, والدفتر عشرة الاف دولار, وهذا هو المتعارف عليه هنا ( والقصد 250000 دولار )!!!
وهذا مبلغ خيالي بالنسبة لأي مواطن عراقي...لايملك قوت عيشه اليومي...
وتتوالى الإتصالات الهاتفية من العصابة التي تحرص على تغيير جهاز الهاتف المستعمل,,,للمساومة على الولد,,,من جهة
وتنهار أعصاب أختنا أم يوسف من جهة أخرى,,, وهي تحدث نفسها بذهول تام وفقدان سيطرة كامل على أعصابها!!!
( إبني يعذّب,,,, إبني يعذّب )
وبالفعل كان هذا... ومر الأسبوع الأول وأتجهت أم يوسف إلى الدعاء,, بعدما أيقنت أن ليس لها سوى رب العزة جل جلاله...
وبدأت تدعو,, وندعو معها نحن...
سألت الله بقوة...أن يثبت يوسف,, ويرفع الخوف من قلبه إلا من الله!!
وتستمر المساومات... وتخفيض الأسعار وكأن يوسف هذا سلعة تباع وتشترى ... وتأخر الولد عن موعد دراسته وإمتحاناته النهائية... وكل هذا والعصابة تتصل كل ثلاثة إلى أربعة أيام ..
والأب جالس بجوار الهاتف ,,, وقد توقف الزمن من حوله!!
وطلبوا منه في نهاية المطاف بيع بيته!!!
فلم يكن من الأب المسكين إلا أن قال لهم,,إن نصب سرادق عزاء في باب بيتي وإحتساب ابني شهيداً في سبيل الله خير لي من تشريد بقية عائلتي وإضاعة حصيلة عمري,,
( مع العلم إن أبا يوسف لا يملك إلا هذا البيت )
وكان هذا فصل الخطاب مع المجرمين الذين ذهبوا إلى يوسف
وقالوا له هذا ما قال أبوك...فما كان من الولد الشجاع الذي أستجاب الله_سبحانه_ دعاء أمه له... إلا أن قال :
( أضربوني الآن بهذا السلاح في رأسي,,,,فأنا أرجو أن أكون مثلما قال أبي )
فسقط في يد المجرمين وأعادوا يوسف (بإذن الله) نظير مبلغ خمسة ملايين دينار عراقي ..أي ما يعادل 3500 دولار وهو مبلغ ضخم بالنسبة للأب المسكين ...
( نٍسأل الله أن يخلف والديه خيراً )
أما سيناريو العودة فكان له بقية متعلقات بأفلام الرعب التي كانت مدرسة لكثير ممن أختاروا لانفسهم الضياع في هذه الفانية ,, حيث تم الإتفاق على موعد معين في منطقة معينة وحضرت العصابة في موكب حافل!!!!! يتكون من 30 سيارة
كل هذا!!!!!
لتأخذ مبلغ من أب مسكين وحيد,,,,يرجو من الله عودة فلذة كبده...
وخرج يوسف من سجنه المرير
وكان لنا معه لقاء,,,كيف قضيت هذه الفترة يايوسف؟؟
ماذا كنت تأكل؟؟
أين كنت تنام؟؟؟
يقول يوسف : في البداية وضعوني في مكان مظلم وكيس أسود يغلف رأسي,,,لا أرى شيئاً, وأشعر بالفئران من حولي... وبعد ثلاثة أيام توسلت بالشخص المسؤول علي أن يرفع عن رأسي هذا الكيس لأستطيع التنفس!!!
فرُفع الكيس البغيض عن رأسي,, وأستبدلوه بنظارات سوداء قاتمة وفوقها لاصق أسود...لتزداد الظلمة حول يوسف ولا يستطيع رؤية شئ !!!
ولكن هيهات ...هيهات فإنّ نورنا في قلوبنا...ولو حاربتنا الدنيا لما أستطاعت نزعه منّا...(بإذن الله)
يقول يوسف ... أما حاجتي فأقضيها في سطل داخل الغرفة!!
وأما أكلي ...فكان الخبز اليابس وشربة حليب,,,
وفي أحد الأيام طلبوا مني أن أتصل بأمي في الهاتف وأبكي لأستثير عطفها,,, رفضت ذلك بقوة.. وإذا بهم يضربونني بشدة وركلات وصفعات من جميع الجهات حتى جعلوني أبكي من الألم..ولكن لم يستطيعوا أن يُسمعوا أمي صوت بكائي..
الحمد لله...
وحاولوا أيضاً صعقي بتيار كهربائي,,, ولكن –سبحان الله- لم يعمل الكهرباء في حينه...
يوسف، وبعد شهر قضاه كرهينة لدى الخاطفين يبدو نحيلا هزيلا، وتدمي قلبه جروح لا يمحوها الزمن، وستبقى لتحكي قصة صغيرة من قصص الظلم والالم التي سببها الاحتلال لبلدي
هذه صورة مؤلمة لما يحدث في العراق المسكين المتعب أهله,,,
تتناوشهم المصائب من كل مكان,,, فلا يكادون يجدون فسحة للأمل!!!
ولولا رحمة ربي....لذهب بنا اليأس كل مذهب
اللهم
أحفظنا بحفظك أجمعين
إنّك أنت أرحم الراحمين
اللهم
آمين
أختكم المحبة في الله
الروابط المفضلة