ها أنا أكتب لك يا أم مهدي عن شهر رجب و أرجو منك أن تستفيدي منه و أن تستفيد منه جميع العضوات
شهر رجب
هو أحد أشهر الحرم وقد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا دخل رجب قال : ( اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان )
قال ابن تيمية رحمه الله – بعد أن ساق هذا الحديث- : ( لم يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم في فضل رجب حديث آخر بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه و سلم فيه ....) إلخ و قد وضع أهل البدع أحاديث كثيرة في فضل هذا الشهر المحرم و خصوصية بعض العبادات فيه كالصلاة و الصيام . وممن نبه على هذا الحافظ ابن حجر العسقلاني في رسالته ( تبيين العجب بما ورد في فضل رجب ) و قد قال رحمه الله في هذه الرسالة : ( لم يرد في فضلل شهر رجب ولا في صيامه و لا في صيام شيء منه معين و لا في قيام ليلة مخصوصة في حديث صحيح يصلح لحجة ) ثم ساق رحمه الله عامة الأحاديث المروية في ذلك مع بيان الحكم عليها . و قال ابن رجب رحمه الله : ( لم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به ) و قال : ( لم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه ) و لذا فقد كره أكثر السلف إفراد رجب بالصوم . و قد فصل أبو بكر الطرطوشي هذه المسألة بقوله : يكره صومه على أحد ثلاثة أوجه : أحدها أنه إذا خصه المسلمون بالصوم في كل عام حسب العوام أنه فرض كرمضان أو أنه سنة ثابتة خصه الرسول عليه الصلاة و السلام بالصوم كالسنن الراتبة أو الصوم فيه مخصوص بفضل ثواب على سائر الشهور جار مجرى صوم عاشوراء ثم قال : ولو كان من باب الفضائل لسنة عليه الصلاة و السلام أو فعله و لا هو فرض و لا سنة باتفاق فلم يبق لتخصيصه بالصيام وجه ثم قال فإن أحب امرؤ أن يصومه على وجه تؤمن فيه الذريعة و انتشار الأمر حتى لا يعد فرضا و لا سنة فلا بأس بذلك . و أعنى بكلامه إذا وافق له عادة .
الأحكام المتعلقة بشهر رجب ما بين المشروع و الممنوع :
فمن ذلك : صلاة يسمونها صلاة الرغائب و هي تصلى في أول لليلة جمعة و يضعون أحاديث كذوبة على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و كل ما قيل فيها من أحاديث فهي كذب مختلق موضوع على رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يثبت في ذلك شيء و لا عنه و لا عن صحابته رضي الله عنهم و كل حديث في صلاة رجب إما في أوله أو في وسطه أو آخره فموضوع على رسول الله .
و من ذلك ك تخصيص رجب بصيام و لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بإفراده بالصوم . و قد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه كان يضرب أكفّ المترجبين – أي الذين يصومون في رجب – حتى يضعها في الطعام و يقول : كلوا ؛ فإن أهل الجاهلية يعظمون ذلك أي شهر رجب .
أما إذا كان الصوم في رجب يصادف عادة كصيام يومي الخميس والاثنين أو أيام البيض و لم يقصد تعظيم الصيام في رجب فلا بأس لأن ذلك مسنون عن رسول الله صلى الله عيه و سلم .
و أما أن يختص العبد الشهر بالصوم في بعضه أو يفرده أو يصومه جميعا فهذا مردود على صاحبه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد )
كذلك الاعتمار في رجب مباح وليس ه مزية و ليس فيه حديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم يرغب في هذا و عليه فلو اعتقد شخص بأن الاعتمار في شهر رجب له مزية و فضل فهذا مردود على صاحبه لأن كل أمر أحدث في دين الله فهو رد و قد اعتمر الرسول صلى الله عليه و سلم أربع مرات و كلها في ذي القعدة .
و أما إذا اعتمر الشخص و لم يقصد التعظيم في رجب فعمرته صحيحة و لكن لو اعتمر في شهر رجب و اعتقد أن له فضيلة فعمرته صحيحة و لكنه آثم على هذا الاعتقاد .
كذلك في شهر رجب نسيكة و هي العتيرة و هي الأحاديث عن رسول اله صلى الله عليه و سلم منها : قول صلى الله عليه و سلم ( يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية و عتيرة )و قوله عليه الصلاة و السلام : ( العتيرة حق )
و العتيرة :
هي التي يسمونها الرجبية و هي الذبيحة التي تذبح في رجب يذبحها الجاهليون يعظمون بها الشهر و لكن تذبحها أنت لله لورودها في السنة ليس كفعل الجاهلية. و قد ثبت في صحيح البخاري عن الرسول صلى اله عيه و سم أنه قال : (لا فرع و لا عتيرة ) فاختلف العلماء رحمهم الله مرة يقول : ( العتيرة حق ) و مرة يقول عليه الصلاة و السلام : ( لا فرع و لا عتيرة ) و قد وجه العلماء ذلك بقولهم : أما قوله : ( العتيرة حق ) أي العتيرة المشروعة فقد أبطل الإسلام العتيرة الجاهلية و أقر العتيرة الإسلامية و ذلك بعض العلماء يقول : العتيرة باقية و هي لله تعالى و عليه فإذا ذبح الإنسان في رجب لأجل الله عز وجل ذبيحة فلا حرج و إن لم يذبح فلا شيء عليه .
كذلك من الأمور المحدثة في شهر رجب ما يعتقده كير من الناس بأن الإسراء و المعراج ققد حصل في لليلة سبع و عشرين رجب و للم يأت نص صريح بأن الإسراء و المعراج كان في ليلة سبع و عشرين رجب فدل على أن ذلك بدعة .
و كذلك ما يقوم به بعض الناس أو كثير من الجهلة في البلدان الإسلامية من تخصيص ذلك اليوم أو الليلة بمزيد عناية و رعاية كالقيام و الاحتفال و ذكر بعض الأوراد أو تخصيصها بورد معين أو بذكر معين أو بعبادة معينة فكل ذلك بدعة لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه و سلم و لا عن أحد من صحابته و الله المستعان .
و بإذن الله سأكمل عن شهر شعبان
من كتاب ( أحكام رجب و شعبان ) لفضيلة الشيخ عبود بن علي بن درع
المحاضر بكلية الشريعة و أصول الدين بالجنوب
الروابط المفضلة