السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بكل حسرة نسمع الكثير عن الغرب بأنه هو الذي يعترف بالنظام و يطبقه بصورة توضح أنه هو أهلٌ له ..
و بكل ألم نسمع أن هذا النظام الرباني لا يُطبَّق في بلادنا الإسلامية ...
متى الصحوة يا مسلمون ؟؟؟
فإن كان الغرب الكافر يُطبِّق القوانين و التي أصلها في النهاية يعود الى الكتاب و السنة ..
فلماذا لا نطبِّقها نحن ؟؟؟
ألسنا نحن الأولى و الأجدر بذلك ؟؟؟؟
سؤال مطروح ... حريٌّ بالإجابة ...
كفانا فوضوية ...
كفانا تخبُّط ...
كفانا والله كفانا ...
هذا موضوع كتبه أخي عن مشاهدة و قراءة واقعية أتمنى أن تصل الى القلوب بكل هدوء ...
* في يوم الثلاثاء الماضي .. كنت قد اشتريت صحيفتي المفضله كل ثلاثاء ( الجزيره ) من احد المراكز التجاريه في شارع ( الخانسه ) وهو احد شوارع اطهر بقاع الارض ( مكه المكرمه ) وهو معروف بكثرة السيارات فيه بالاضافه الى ازدحامه بالماره والمتسوقين نظرا لتواجد عدد كبير من الاسواق التجاريه فيه .. وانا كنت احرص دائما على زيارة كفتيريا متواضعه موجوده هناك .. احببتها وادمنت زيارتها والمكوث فيها لبعض الوقت .. لا لسبب الاّ لأن العامل فيها يكثّر المايونيز على الطعميه .. فتكتمل بذلك وجبتي المفضّله ! ..
* وبمجرد ان شاهدني العامل في تلك الكفتيريا مُقبل عليه قال لي : ( اتنين طأميه وواحد اسير كوكتيل ! ) فقلت له : ( ايه .. بس كثّر مايونيز ! ) .. وجلست بعد ذلك لأقرأ الصحيفه .. وبينما انا اقلب صفحات المجله التابعه لها ( مجلة الجزيره ) شدني كثيراً خبر كان يتحدث عن شاب امريكي قام برفع صوت موسيقى البوب الصاخبه بدرجه كبيره اثناء قيادته لسيارته في احد شوارع مدينته .. ومن سوء حظه ان قانون مكافحة الضوضاء في ولايته – قد يكون يجهله - اعطى رجال الشرطه المنتشرين الحق في القبض على امثاله من المزعجين ومثيري الضوضاء , بل وتغريمهم .. وكان المدعو ( مايكل كاريراز ) صاحب السياره احد المخالفين لهذا القانون مما جعله يُعاقب على فعلته كما ينص القانون بسماع اوبرا ( لا ترافيتا ) للمسيقار الايطالي فيردي – كما جاء في الخبر - وهي على ما اظن اوبرا مزعجه للغايه تصلح بان تكون عقوبه للمزعجين من وجهة نظرهم على اعتبار ان الجزاء من جنس العمل !
* وبعد ان اكلت وشبعت خرجت للعوده من حيث اتيت .. وبينما انا اسير , اذ بي اسمع صوت موسيقى مرتفع للغايه لدرجة اني عرفت المغنيه من مكان ليس بالقريب من المصدر وكانت نانسي عجرم خاطفة عقول الشباب العربي ! , وبعد ان تتبعت المصدر وقفت مستغرباً وانا اشاهد مجموعه من الشباب قد التفوا حول سيارتهم بعد ان رفعوا صوت الاغنيه بدرجه كبيره واحدهم كان يتراقص على كلماتها والحانها وكأنه في مرقص ! .. امام هذا المنظر المخجل حقاً تذكرت قصّة الامريكي ( مايكل ) عندما عُوقب في امريكا لرفعه صوت الموسيقى فندبت حالنا كثيراً .. فكيف يُمنع مثل هذا الطيشان في امريكا النصرانيه وطيشان شباب المسلمين لازال يحصد ضحاياه من ارواح الابرياء قبل ان يعكّر عليهم صفو الاجواء وينغص عليهم لحظات هدوء ورواقة بال ربما يكون انتظارها قد طال ؟!
* كانت حالة الشباب تلك جدا مؤسفه بالنسبه لي لكنّي وللأسف لم استطع ان اقدم النصيحه لهم فوليت مدبراً وانا استرجع .. فالشباب كما ظهروا لي ( فتوّه ) ولا اود ان اكون ضحيه عافيتهم بعد ان ذهب الهدوء المنشود ضحيّة لطيشهم ! ..
* انا دائما كنت ارى مثل هذه المناظر في مدينه تعتبر قبلة الملسمين ومهبط الوحي واطهر بقاع الارض .. والقصه الانفه الذكر - في مكه ! - ليست الاولى ولن تكون الاخيره .. فمثلا عندما يقف احدنا عند الاشاره بانتظار الضوء الاخضر قد يحاط بمجموعه من المراهقين المتكدسين في سيارات تتصاعد منها مختلف النغمات والالحان العربيه والغربيه التي تحيط باذن هذا المسكين المحشور بينهم والمحاصر بجنون المراهقه من اليمين ومن الشمال ومن الامام ومن الخلف .. وليترحم من وقع في مثل هذا المأزق على حال طبلة اذنيه .. وان كانت زوجته ايضا بجواره فعليه التوجه الى اقرب مركز طوارئ قبل ان يفقد حاسة السمع كلّياً ! .. وبأعتقادي ان الضوء الاخضر الذي وقف ينتظره مثل هذا المسكين سيكون ضوء اخضر الى المشفى مباشره ! .. - الحمد لله انني لست متزوج ! -
* وعندما ينظر احدنا ايضا الى حال بعض طلاب المتوسطه والثانويه بعد ( الصرفه ! ) يُخيّل له ان هؤلاء الاقوام خرجوا من معتقل كبير حُشروا فيه حتى كُتمت انفاسهم .. والسبيل الامثل لهم الى الترويح والترفيه بعد الخروج هو مسك مقود السياره ثم رفع اصوات الاغاني عالياً واستعراض فنون التفحيط امام اقرانهم ( المفتونون بهم ! ) .. وربما يتطور امر هؤلاء المزعجين فتصبح الساحات المجاوره لمدراس البنات او حتى كليات البنات – هو اختيارهم الامثل بحثا عن المعجبات بعد ان اُشبعوا من المعجبين في زمن انقلبت فيه الموازين .. وهم بلاشك قد يحصدون بعملهم هذا ارواحهم وارواح الابرياء وقد يكون الكرسي المتحرك هو ماينتظرهم بعد انتهاء العروض المجنونه هذه .. هذا كله قد يحدث لاقدر الله بعد ان يذهب الهدوء المنشود ضحية دائمه لهم ويحل محله الازعاج والصداع الدائم للآخرين ! ..
* هنا يبرز بالطبع تقصير مكشوف من قبل الاسره في التربيه .. والابن المراهق قد يشعره الدلال الزائد انه بمنأى عن مقص الرقيب .. وانه كبر ونضُج بينما الواقع انه في مرحله خطيره لم يدرك الابوان مدى خطورتها عليه .. ولكن لو وفقت الاجهزه الحكوميه ذات العلاقه في معالجة مشكله مفاتيح السيارات السائبه في ايادي المراهقين التي تتسع دائرتها ويكثر ضحايا طيشها بمرور الوقت لكانت نتائج اهمال المنزل في التربيه اخف وطأه على المجتمع .. ليته وُجد نظام صارم يوقف هذا العبث البارد بالهدوء الذي يعشقه الكثير وبالدماء المهدوره بشكل يومي ..
* ونحن اذ نفتخر بأننا حملة لواء هذا الدين العظيم والداعين اليه لكننا نخجل كثيرا عندما نشاهد المزعجين للغير يُعاقبون في امريكا بينما يترك لهم الحبل على الغارب في ديار الاسلام .. وكذلك الوضع عندما نشاهد بعض تعاليم ديننا تُطبق في العالم الغربي في وقت ابتعدنا فيه عن موروثنا الثقافي العظيم وخُدعنا بالنموذج الغربي واخذنا نتسابق بسرعه نحوه .. نحو الهاويه .
*^~^*^~^*
ومضه :
(( ان لحظة هدوء .. يبتعد فيها المرء عن ضجة الحياه وسخطها ويختلي فيها بنفسه .. يصعد الى سطح منزله في ليله قمريه جميله .. يبقى وحده ليتأمل في هذا الكون العجيب .. وتلك النجوم المتلألأه .. المتناثره بشكل بديع في السماء العاليه .. ثم يلتفت برهه الى القمر الجميل .. ويتفكر في تلك الايه البينه الداله على عظمة الخالق .. ويسأل نفسه .. من امسكه الا يسقط على الارض فتهلك الحياه ؟! .. من جعل من تلك الكتله الترابيه سراجا منيرا يسرّ الناظرين ؟! .. من قدّر له السير في مساره لايقترب الينا فنفجع به ولا يبتعد عنا فترتبك حسابات البشر وتختلط عليهم التواريخ والايام ؟! .. كل هذه التأملات والاسئله ان تحققت في لحظة تهدأ فيها النفس قد تكون منعطف كبير يغيّر مجرى حياة المرء ويخرجه من ظلام المعصيه الى نور الطاعه لخالق هذه الاكوان .. واخيرا .. كم هو الهدوء مهم .. بل هو مهم جدا .. لكن لمن يدرك جيدا قيمته ))
تقبلوا خالص تحياتي و تقديري
الروابط المفضلة