كيف جعلونا نمسك الجمر؟؟

لماذا يبدو للكثير من الناس أنّ هناك تعارضا بين الإسلام ومنظومة الحضارة الحاليّة؟
سؤال طالما شغَلني وأرهق تفكيري..
حتّى وصلت إلي إجابة شافية له، عبر رحلة معاناتي الطويلة في مصر..
نعم: أنا متّفق تماما مع الرأي القائل:
الإسلام غير مناسب الآن للتطبيق في مجتمعاتنا العربيّة الحديثة!!
وليس العيب في ذلك من الإسلام..
هل يعتبر عيبا في الأذان أنّه لا يمكن أن يُرفع في خمّارة؟
هل يعتبر عيبا في الصلاة، أنّها لا يمكن أن تؤدّى في بيت دعارة؟؟
وهل يعتبر عيبا في الشريعة الإسلاميّة، أنّها لا يمكن أن تطبّق في مجتمعات، هي عبارة عن نسخة مشوّهة من المجتمعات الغربيّة؟؟؟
إنّ هناك خللا جوهريّا في نمط حياتنا الحاليّ، يجعل محاولة أيّ منّا الالتزام الدينيّ إمساكا للجمر..
بل ويجعل تطبيق الشريعة الإسلاميّة حتّى في السعوديّة، تخلّفا بالنسبة لكثير من أبنائها!!
وذلك لأنّنا نطبّق الإسلام في ظلّ مؤسّسات غربيّة 100%!!!
الدستور والقانون والديمقراطيّة.. كلّها مفاهيم غربيّة..
البنوك الربويّة (أو حتّى غير الربويّة) هي مؤسّسات غربيّة..
شكل التسلسل الإداري، ونظم العمل، هي غربيّة (على فكرة: تمتلك اليابان نظاما إداريّا مختلفا تماما عن النظام الغربيّ.. أقول ذلك، لأنّ أحاديّي الرؤية في وطننا، يعتقدون أنّ الهرم الإداريّ الغربيّ واحدا من ثوابت الكون مثل الشمس والقمر!!)
نظم التعليم غربيّة.. حتّى وإن كانت تدرّس علوما دينيّة!
الإعلام غربيّ، حتّى وإن كان ناطقا بالعربيّة!
الأدب والفنّ، من ألفهما ليائهما بكلّ مدارسهما ابتكارات غربيّة، نقلّدها بطريقة ممسوخة (ما عدا الشعر العربيّ القديم، والذي يلاقى حربا شعواء بدوره، باعتباره من منجزات عصور التخلّف!!!، وأنّه تقليديّ تقريريّ محبوس في أطر جامدة، وغير مناسب لروح العصر... إلى آخر نفس الشعارات التي تقال في كلّ المجالات!!)
وسط كلّ هذا، لم يبق إلا مؤسّسة واحدة فقط، ترمز لعصر الإسلام، وتحمل أسماء إسلاميّة: المساجد..
ولكنّها للأسف محاصرة:
فوسط كلّ الدعوات الرنّانة للحرّيّة وتعدّد الرؤى، وحقّ الخروج عن الدين ومهاجمته، يلاقي رجال الدين والخطباء العنت والقهر، لإرهابهم عن تبليغ ما هم مؤمنون به، وما أمرهم الله سبحانه أن يبلّغوه!
بل إنّ الناس أنفسهم محاصرون عن المساجد!
محاصرون بالأفلام والمسلسلات والتفاهات والمغريات والفتن والفساد، والصورة المشوّهة التي يلقّنونها طوال حياتهم عن الإسلام، عبر الإعلام والتعليم!!!!
***
لقد جاء الإسلام بمنظومته الحضاريّة، وقضى على الجاهليّة ومجتمعها وفرض مجتمعه.. لهذا فإنّ بتر المنظومة الحضاريّة الإسلاميّة من الإسلام، تجعله مشوّها يستحيل تقبّله أو تطبيقه!!
هل جاء الإسلام في رأيك، ليفرض غضّ البصر على مراهقين يبلغون في سنّ 14، ويتزوّجون في سنّ 30، أو على رجال يمكثون 8 ساعات يوميّا في أماكن العلم والعمل المختلطة، مع نساء شبه عاريات؟؟
ألن يقول هؤلاء المراهقون والرجال والنساء، إنّ غضّ البصر نوع من التخلّف الذي ينافي العقل والمنطق والفطرة وواقع المجتمع، ويجب إعادة التفكير في الإسلام وصياغته بنظرة حضاريّة، لتخليصه من مفاهيم المجتمع البدويّ الذي نزل فيه؟؟؟
ألن تعذرهم على جهلهم لو قالوا ذلك؟
إنّهم أشبه بالمحبوس في فقّاعة نفد ما بها من أكسجين، ولكنّه يدافع عمّا بها من هواء ملوّث، لأنّه يعتقد أنّه هو الهواء الوحيد المتاح في الكون؟
أما آن الأوان أن يحطّم الفقاعة، ليتنفّس الهواء الطلق؟
***
والآن:
نريد أن نفصّل قليلا بعض ما أجملناه..
ولكن الحديث عن كل ّالعناصر السابقة يحتاج لمجلدات ضخمة، لأنّه يشمل كلّ شيء في الحياة المعاصرة!!
لهذا أنصحكم بقراءة هذا الكتاب للمزيد من المعلومات..
كيف انحرف العالم:
http://khayma.com/alhkikh
ويمكن أن نخصص مواضيع أخرى نتكلّم فيها عن الإعلام والتعليم وعمل المرأة.. ونضع روابطها هنا..
وبالنسبة للإعلام: أرجو قراءة هذه المواضيع:
جراثيم إعلاميّة:
http://www.lakii.com/vb/showthread.p...threadid=78626
الزنا في نظر الشباب:
http://www.lakii.com/vb/showthread....;threadid=42692
شفتي ستار أكاديمي أمس:
http://www.lakii.com/vb/showthread.p...threadid=85828
كلام إجباري عن الشذوذ الغريزي:
http://www.lakii.com/vb/showthread.p...threadid=86126

منقول:
(إكمالا لحديثنا عن الإعلام)

في عصر الفضائيات والتطور التكنولوجي المتسارع ، لم يعد مبررًا ترك أطفال المسلمين يواجهون مصيرهم الخاص، فلقد أصبح لازمًا إعداد استراتيجية عربية خاصة لإنتاج إعلام للطفل ينطلق من الأسس والمقومات الإسلامية، بما يحصن الأجيال الجديدة في عالم يمر بشتى المنتجات الفنية والإعلامية التي تهددها في وجودها وكيانها، ويوجِد البديل المأمون، ويقطع دابر التبعية في هذ! ا المجال
الخطير والحيوي .


إن العولمة الإعلامية واتساع انتشار ثقافة الكلمة والصورة وغزوها كل البيوت تدعونا اليوم إلى التفكير في دخول هذا التسابق الحضاري، ووضع إعلام بديل،
وتحديد برامج كفيلة بترجمة الأهداف الإسلامية الكبرى إلى واقع، وصبغ ثقافة الطفل بصبغتها.

وقد أورد الدكتور نجيب الكيلاني رحمه الله عددًا من الأهداف يستضاء بها في أي خطة لتحضير وإعداد أدب للطفل المسلم، نرى أنها تخدم استراتيجية الإعلام
الإسلامي الموجه للطفل المسلم . وهذه الأهداف هي:
- تشكيل الوجدان المسلم تشكيلاً إسلاميّا من خلال القصص المؤثر الذي يعرض للبطولات والنماذج الفريدة في تاريخنا.
- صبغ الفكر بالمنهج الإسلامي، وتخليصه من الوثنيات والخرافات والشوائب المنافية له.
- طبع السلوك بالطابع الإسلامي في جميع المواقف الحياتية للطفل.
- ترسيخ حب العلم باعتباره فريضة إسلامية.
- تحديد مفهوم السعادة تحديدًا إسلاميّا شاملاً، يقف في وجه المفهوم الغربي للسعادة التي جعلها في الثراء والجاه والقوة والسيطرة والأنانية والأثرة.
- تنمية ملكة الخيال عند الطفل، بشكل يجعله خيالا تربويا بناء بعيدًا عن ال! شطط الذي تقدمه البرامج الغربية.
- إيجاد التوازن النفسي في شخصية الطفل.
- ترسيخ العقيدة الصحيحة.
- فهم الحياة فهما إسلاميّا سليما، حتى يصبح حلم الطفل هو إقامة المجتمع الإسلامي الرشيد.
- بعث مشاعر الوحدة الإسلامية.
- توضيح مفهوم الحب بمعناه الإيجابي.
- إثراء الحصيلة اللغوية.
- تنمية الإحساس بالجمال.

و لكن يبقى دور الأسرة على رأس الأدوار التي يمكنها توجيه الطفل المسلم توجيها سليما، والتوفيق بين القيم الإسلامية والقيم التي يمتصها الطفل من الإعلام المصور، على اعتبار أن الأسرة هي المحيط الأول الذي يفتح عليه الطفل عينيه، فيتلقى منه نماذج التصرف والسلوك والتوجيهات التي تقود خطواته الأولى.
غير أن دور الأسرة لا يكون ناجحا بدون وجود استراتيجية مجتمعية شاملة لإعلام إسلامي قويم، يتكامل مع وظيفة الأسرة بشكل منسجم.