هوجمت المؤسسات الخيرية في الآونة الأخيرة هجوماً عنيفاً لا يدرك أثره ومداه سوى من كان قريب منها حيث اتهمت في إدارتها وخونت في مصروفاتها ، وشكك في نياتها ، وما خفي كان أعظم !

لكن حقيقة كانت تلك المأساة نعمة عظيمة ، فرب ضارة نافعة ، حيث نفعت في استفاقة بعض الأخوة العاملين في المؤسسات الخيرية على أهمية ترتيب الأوراق الداخلية وإقامة الدورات في الجوانب المحاسبية لتتم مراقبة وتنظيم الأعمال الخيرية على أكمل صورة لكي لا يجد حاقد منفذاً إليها .

يلوح في المستقبل قرب الهجوم على حلقات تحفيظ القرآن الكريم لكونها تضم بين جنباتها الكثرة الكاثرة من فئة الشباب سواء من الذكور أو الإناث ، ولا يخفى عظم وخطورة هذه المرحلة أي الشباب حيث سرعة الاستجابة والعاطفة الجياشة والتأثر المباشر المقترن بالفعل حين الاقتناع .

وفي ظل الهجمات والتفجيرات الواقعة أخيراً في الرياض بدأت الأصوات تتساءل عن حلقات تحفيظ القرآن والقائمين عليها ، وماذا تقدم لأبنائها ،

وهل اقتصرت على الهدف الأساسي من افتتاحها أم ضمت إليها أهداف أخرى كالتربية والتوجيه ..

تساؤلات عديدة تطرح بين الفينة والأخرى ، وتقارير مختلفة ترد إلى الوارد في وزارة الشؤون الإسلامية ، وتقارير تصدر إلى الجهات المعنية .

فما هو الحاصل ؟

وماذا سيكون مصير الحلقات ؟

وما دور القائمين على حلقات تحفيظ القرآن الكريم قبل أن تحل الكارثة ؟


أسئلة مختلفة تحتاج لحلقات نقاش متعددة لكي تؤتي حقها من الإجابة ،

وبخاصة من ذوي الشأن ودعاة الإصلاح والغيرة ..

ولعل فيما يأتي عرض لبعض الصور التي حتماً ستجد من يتلفت لها من المتربصين بالحلقات :


l وأولها وأعظمها : مصادر الأموال التي تقام فيها أنشطة حلقات تحفيظ القرآن ومواردها وكيفية صرفها ، وهل تتم العملية بنظام محاسبي محكم أم هي الثقة والمعرفة التي لا يدرى ما نهايتها ؟

وهذا الجانب جد خطير والعارف المبصر بالأمور سيدرك فجوة كبيرة في هذا الشأن لدى البعض من العاملين في الحلقات ،

وإذا كانت الجمعيات الخيرية قد انكشفت بعض حساباتها وظهر الخلل في مصارفها فكيف بمؤسسات كحلقات تحفيظ القرآن لا تجد الحسب والرقيب غالباً على أعمالها .

l فيما يتعلق بالجوانب المالية : البذخ الزائد والترف الظاهر على المكاتب الإدارية والملصقات الدعائية والرحلات الترفيهية والتي تحتاج لمتابعة وإعادة تقديم من قبل الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لتسد بعض الثغرات التي قد يلج منها المتنفذين ..

وإلا ألا يبعث العجب والحيرة وجود مكاتب فخمة وفاخرة تفوق قيمتها (5000) آلاف ريال في حلقة تحفيظ لا يتجاوز عددها (30) طالباً ،

ويزداد العجب عندما تعلم أن ذلك المكتب مشترى بأموال الحلقات المجلوبة من قبل الأثرياء .


هناك مصانع تدار ومؤسسات تعمل بنجاح باهر دون أن يوجد لها مكتب بهذه القيمة ..

هل هنالك حاجة إذن في أعمالنا الخيرية لمثل هذه المظاهر ؟


l مما يتبع أولاً أيضاً : الفروقات العظيمة في الميزانيات دون مراعاة وسد احتياجات البعض وكأننا في حلبة منافسة أيهم يحصل على الأكثر فمثلاً تجد حلقات تحفيظ القرآن تمتلك ميزانية طيبة لكن الجبهة المستهدفة وهم الطلاب قلّة قليلة تسد حاجتهم نصف الميزانية الموجودة .


وبجانب هذه الحلقات جامع كبير يضم عدد هائلاً من الطلاب لا يجدون ربع ما يملك أولئك وتسير أمورهم بالتسول بين الفينة والأخرى من أهل اليسر ..

ولعل من أكبر الشواهد على اتضاح الهدر المالي لدى البعض المراكز والأنشطة الصيفية للحلقات ، فكل يقدم ويبذل لكي يجذب أكبر عدد ممكن دون تنسيق وترتيب مع المراكز والحلقات المجاورة التي لو تكاتفت لانخفضت ميزانيتها إلى النصف من الميزانية الحالية .


للحديث تتمة ......