بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
- في أحد قطارات نيويورك كان هناك رجل يجلس وحوله أبناؤه الذين أزعجوا الركاب بتحركاتهم وأصواتهم ومشاغباتهم .. ولكن الأب ظل ساكتاً لا يتدخل .. بل بدا غير مكترث لما يحدث حوله .. تضايق الركاب من الأطفال أيما تضايق .. وكان الركاب ينظرون إلى هذا الأب الغير مبالي ويقولون لبعضهم :
إن هذا الأب لم يحسن تربية أولاده .. كما أنه لا يحترم حقوق الآخرين ..
لكن لم يجرؤ أحدهم على تنبيه الأب مما يفعله أولاده ..
وأخيراً تقدم أحد الركاب وقال للأب : يا هذا هل أنت عديم الإحساس .. ؟!!
ألا تنظر إلى ما يفعله أولادك في القطار .. ؟!!
لقد أزعجونا وضايقونا إلى درجة لا تطاق .. لماذا لا تسيطر على أولادك وتريحنـا .. ؟!!
فنظر إليه الأب وبدا وكأنه يصحو من نوم أو يستيقظ من غفوة .. وقــال بصوت متهدج :
آ .. آ .. آ .. آسف ! صدقني لم أنتبه إلى ما يحدث حولي !!! إنا للتو راجعون من المستشفى الذي ترقد فيه زوجتي أم الأولاد .. ولقد أخبرني الطبيب أنها توفيت .. والأولاد إلى هذه اللحظة لا يعلمون شيئاً .. وأنا منذ ركبت القطار وأنا أفكر في كيفية إخبارهم بالأمر .. لذا فاعذرني عما فعله أبنائي ببقية الركاب !! ..
كثيراً ما نرى إنساناً في موقف معين .. وقد نستغرب تصرفه أو نتضايق منه دون أن نعرف بقية جوانب القصة أو نحيط بكافة تفاصيل الأمور .. لذا تخرج أحكامنا ناقصة .. جائرة .. غير دقيقة ..
نعم ..قد تبدو الأمور في ظاهرها مؤيدة لحكمنا الإبتدائي على هذا الشخص .. ولكننا عندما نعرف بعد مدة باقي التفاصيل .. تجدنا نعذر هذا الشخص ونؤيده فيما ذهب إليه ! ..
الإستعجال في إصدار الأحكام أفقد الأصدقاء أصدقاءهم .. والأحبة أحبابهم .. والأهل أقاربهم .. لدينا حب وميل نحو إصدار الأحكام على الآخرين قبل أن نعرفهم جيداً أو نفهم ظروفهم .. والطريف أن كل هذه الأحكام سلبية في غير صالح المتهم !! .. فتجدنا من أول لقاء تعارف مع بعض الأشخاص في ديوانية أو ملتقى إجتماعي نعطيه حكماً سلبياً مثل بأنه ( ملقوف ) أو ( خفيف شويه ) أو ( دفاشة ) .. إلخ .. وقد يكون هذا الشخص قد قام بعمل ما بحسن نية .. وله أكثر من تفسير .. ولكننا أحببنا أن نتبع الطريقة الآمنة والسهلة وهي إصدار الأحكام بناء على الأمور الظاهرية .. و( خلصني ) ..
وأحياناً نحكم على الآخرين ليس من خلال أفعالهم .. ولكن من خلال أشكالهم وهيئتهم الخارجية فقط .. وهنا يصبح الأمر أشد .. ويغدو الحكم قاسياً .. فهذا طيب وذاك شرير .. والآخر حبوب والثاني يخوف وهذا في الجنة وهذا في النار !! ... إلخ ..
وأمثلتنا الشعبية تغذي الأمر وتدعمه .. فالطويل هبيل .. والقصير ذو فتنة .. والمتين دمه خفيف وهكذا ..
لكي نفهم الآخرين كما يجب علينا ألا نصدر الأحكام عليهم جزافاً وباستعجال ..
بل التروي دائماً هو الأفضل .. والتريث في مثل هذه الأمور لا يأتي إلا بخيــر ..
-- مقال قرأته في جريدة الوطن الكويتية أمس وأعجبني .. وها أنذا أضعه بين أيديكم الآن وأتمنى أن تسفيدوا منه .. --
الروابط المفضلة