:
عندما يكون الزواج عباءة يفصلها البعض حسب رغباته وشهواته هو فقط ..
تم هذا الزواج
هو .. رجل فقير تصيد من العمر ما يزيد عن الخمسين عاما .
هي ... فتاة لها من عمر الأيام ما يقل عن العشرين .
وعلى عكس ما يكون عليه الزواج من إشهار تم هذا الزواج <<بما يشبه السر ..>>
ولأن كتمان السر في مثل هذه القرية يعد أمرا بالغ الصعوبة تمت معرفة تفاصيل الحقيقة الغائبة عن الظهور .
فالفتاة وحيدة يتيمة الأبوين منذ طفولتها في رعاية جدتها العجوز
وتم زواجها بأمر وكيلها ( ابن عمها ) دون أن يكون لها في أمرها رأيا ،
وكيف يكون لها أمرا وهي الشابة الطفلة في آن واحد
فقد كانت إرادة الخالق أن ينموا جسدها في حين بقي عقلها رهنا لزمن الطفولة ولم يتعداه ابدااا
قبل الزوج بالأمر كيف لا وهو الذي قضى أعواما طوالا بعد وفاة زوجته يبحث عن من ترضى به زوجا ولكن دون جدوى
ومع ذلك كان من بنود الصفقة أن يتكفل وكيلها بأمور معيشتهم خاصة وانه ذا يدا ميسورة .
تم الزواج .. ومر العام الأول سريعا دون إي خبر عنهم ..سوى ذلك الحريق الذي شب في الدار عندما غفل الزوج عن ما تعود عليه من إبعاد كل ما هو خطير وإغلاق المطبخ
لم يطرق بابهم احد سوى تلك الجارة التي قاسمت الفتاة جزئا من حياتها
إثناء غياب الزوج خارج المنزل وشهدت معها جميع مراحل حملها وولادتها لأربعة من الأبناء رزقها الله إياهم
كان المنزل مغلقا دائما فلم يكن أحدا يعلم ما يدور خلف تلك الجدران مع تلك الأم المسكينة وأبناؤها
خاصة بعد أن انقطعت زيارة الجارة لمرض أصاب زوجها وأعاقه عن الحركة واستلزم بقاؤها معه
لم تشهد طرقات الحي خطوات أولائك الصبية أبدا إلا في العام الذي تم إلحاقهم فيه إلى المدرسة .
كان أول الخارجين من تلك الدار .. صبيان
كان الحي والمدرسة عالمان غريبان جدا بالنسبة إليهما
ومن الطبيعي كذلك أن تكون تصرفاتهم ، حركاتهم ، وحتى الكلمات الخارجة من أفواههم غريبة نوعا ما فجميعها كانت تدل على رغبتهم في الاستكشاف والمعرفة
وما بين اختلاف ردات الفعل اتجاههم إلا إن الجميع اصدر نفس الحكم
فكل خطأ يصدر من الطفلان كان له نفس التفسير ( هذولا مخبل طالعين لامهم )
في أيام الدراسة للسنوات الأولى وبعد عودتهم من المدرسة كانوا يضعوا
كتبهم عند جارتهم ويقضوا طوال النهار في الخارج إلى إن يحل الظلام
وتحين عودة والدهم لأنه المالك الوحيد لمفتاح الدار المغلقة على الأم
وطفليها الآخران
وهكذا مرت الأيام والسنون لا يخرجون من الدار إلا للمدرسة فقط وسرى الأمر على الأبناء جميعهم
مرت الأيام والسنون
عرفوا طريق المسجد وعرف نور العلم إلى تلك العقول الصغيرة بعضا من طريق ،
ولكن مع ذلك لم تتغير تلك النظرة الساخرة التي رافقتهم طوال مشوار الحياة .
وها هو الابن البكر ينهي الثانوية العامة في حين ترك الأخ الثاني والأخت
الصغيرة المدرسة دون إتمام المرحلة الابتدائية
أما ثالث الأبناء فمازال على مقاعد الدراسة
التحق للدراسة في إحدى الكليات بعد إن قضى حياته خالية تماما إلا من صديق وحيد كان زميلا له في الدراسة وجارا له في الحي .
ويبدوا أن عالم الكلية كان اكبر مما تتحمله طاقته خاصة بعد أن فرقت نوعية الدراسة الصديقان
فما أن مضت ثلاثة أشهر حتى انقطع الابن عن الدراسة ولزم الدار لا يخرج منها أبدا ولا حتى للصلاة
وعبثا ذهبت جميع محاولات الصديق في إخراجه فلم يعد يرد على أي اتصال ولا حتى يرد على تلك الرسائل التي بعثت إليه مع احد إخوته
ولم تقوده صداقته إلى أن يجيب صديقة الذي تعود أن يقف خارج باب الدار على أمل أن يجيبه احد .
استمر على ذلك لعدة أشهر ثم .. خرج بعدها باحثا عن عمل ولم يلبث فيه إلا يسيرا حتى عاود عزلته من جديد إلى ... وقت كتابة هذه الأسطر
وهكذا وجب عل هذا الشاب وإخوته أن يرثوا الجنون حتى وان كان الجنون أمرا لا يورث أبدا
.....................
نعم لا احد يعلم الغيب وأمر هذه الأسرة لم تضع التفاصيل الأخيرة له أوزارها بعد
ومع ذلك
يبقى الرجاااء من أن لا تدور رحى نفس الصفقة أو ما شابهها في قرى أو مدن أخرى والناتج أبرياء جدد
وقفه ...
إن تكون محصلة حياتك في هذه الدنيا خالية من زوجة وأبناء
أو أن تكون لك قريبة معاقة ،
ربما كان أمرا استصعبه البعض ،
ولكــــــــن ...
أن تكون المحصلة مثل هذه الأسرة أبناء يفرون إلى الجنون طلبا ... للرحمة
فهو أمرا بالغ الفداحة
الروابط المفضلة