أنت والدنيا
الدنيا هي الدار التي نحن نعيش فيها ، وهي مزرعة الآخرة فمن زرع فيها خيراً رآه يوم الحصاد ، ومن زرع شراً فيحصد مثل ذلك ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) الزلزلة *
وهي في الحقيقة دار ممر ، مصيرها الى الفناء ، يخرب عمرانها ويموت سكانها ،الناس فيها ما بين مغتر بها
وبين عارف لها .
والعاقل لا يغتر بدنياً عرفه الله بحقيقتها في قوله (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) الحديد .
ولا يغتر بدنيا شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم بجدي أسك ميت ، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كنفتيه ، فمر بجدي أسك ميت فتناوله فأخذ باذنه ثم قال ( أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم ) فقالوا : ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به ؟ ثم قال : ( أتحبون أنه لكم ) قالوا : والله لو كان حياً كان عيباً ، إنه أسك فكيف وهو ميت !! فقال: ( فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم ) رواه مسلم .
فما دامت الدنيا أهون على الله من ذلك الجدي الأسك الميت حري بنا أن نزهد فيها . ونعلم أنها تضطرب ما بين هم وفرح ، ومد وجزر ، وسرور وحزن ، وعسر ويسر . فيوم علينا ويوم لنا
ويوما نساء ويوماً نسر
كذاك التقارض بين الأنام
فخير بخير وشر بشر
الروابط المفضلة