هذه قصة لابنة عمة صديقتي - رحمها الله - وهي ..
في محافظتنا الصغيرة .. وفي ظهر يوم السبت خرجت منال
((التي تبلغ من العمر إحدى عشرة سنة)) من المدرسة عائدة إلى البيت راكبة مع الباص ، وقد كانت متحجبة الحجاب الكامل .. غطاء وجه وقفازين وجوارب ..
توقف الباص عند باب بيتهم، أرادت النزول .. حاولت .. ثم حاولت .. ولكن ؟؟
ولكن ..علق نعلها بباب الباص .. حاولت التصرف بسرعة .. ثم ما لبثت إلا وأن سقطت على أرض الشارع ، وصار نصف جسمها تحت الباص والنصف الآخر خارجه
((وفي هذه اللحظة يأتي أخوها فتى المتوسطة فيرى امرأة ساقطة أمام البيت وتحت الباص فيقف منبهرا من هول ما يرى))
ومن ثم يقود القدر سائق الباص إلى أن يتعجل فلا ينظر إليها هل هي دخلت البيت أم لا وأين هي !!؟؟
تحرك الباص من مكانه وبإطاراته الخلفية مر على بطنها وحوضها ، واهتز توازن الباص فكأنما ارتقى حجرا .. ( وأخوها يتابع منظرا مأساويا عقد لسانه ورجليه ) صرخ من في الباص من بنات : الحورية وطأها الباص الحورية تبي تموت .. الحورية ماتت
تنبه سائق الباص على الصراخ نظر بالمرآة إلى الخلف .. ولكن ماذا يرى ؟!
إنه موقف لا يحسد عليه
نزل السائق من الباص مسرعا ..
حرك البنت ( ولا حراك ) !!
ناداها : بنيتي .. بنيتي !! ( ولا مجيب )
- لقد كانت في غيبوبة عن وعيها فلم تمت
كشف السائق عن وجهها ليرقب أنفاسها فأزال حجابها ( وفجأة تفيق فتجذب الحجاب بقوة من يده وتغطي به وجهها )
أتى أخوها إليه قال : من هذه .. رد السائق : بسيطة يا وليدي .. ثم حملها إلى المستوصف القريب من بيتهم فتلقاهم الطبيب عند باب المستوصف وقد انتهى الدوام .. نظر الطبيب إلى وجهها عرف أن الوضع صعب .. فتفاعل الطبيب مع الحدث وأركبها في سيارته الخاصة إلى إسعاف المستشفى العام بتلك المحافظة ..
ذهب أخوها إلى بيتهم ودخل على أمه وسألها : أمي أين منال ؟
قالت : هذا وقت مجيئها يا ابني وقد تأخرت ( الله يستر يا وليدي..الله يحفظها) ..
كان أبو منال في عمله والساعة تشير إلى الثانية إلا ربعا .. دق عليه الهاتف رفع سماعته ..
... نعم ... وعليكم السلام ... نعم أنا فلان ... ولماذا آتي إلى المستشفى .. تقول ابنتي منال فيها جروح من آثار سقوط ... إذن حالا آتيك أنا وأمها - إن شاء الله -
خرج الأب من عمله وذهب الأم المكلومة التي طال انتظارها لابنتها .. قال لها اركبي إلى المستشفى .. منال تعبانة ( شوي ) .
استقلا السيارة إلى المستشفى ..
وحيث وصلا .. سألا أين منال ؟
من أنت أبوها ؟ نعم ..
إنها في العناية المركزة ..
دخلا العناية المركزة فوجدا ابنتهما تتألم .. وتأن أنين المحتضر ..
سأل الأب أحدهم ماذا جرى لابنتي ؟
أتاه الجواب .. فعرف الحال والمآل فحمد الله واسترجع ولاحول ولاقوه إلا بالله ..
فلما رأت منال أمها قالت بصوت منهك من الآلام : أمي ظهري يؤلمني .. سأل الأب الطبيب عن حالها فقال : إن الحوض صار طحينا .. ولديها انفجار في أحد شرايين القلب .
نادت منال أباها : أبي أنا لم أصل الظهر بعد والآن دخل وقت العصر (قلي وشلون أصلي ) ؟
دمعت عيني الأب وقال : يا بنيتي ليس على المريض حرج ..
لحظات .. حتى رفعت سبابتها إلى السماء ونطقت بالشهادتين ففاضت روحها إلى بارئها ..
وأيضاً
(منال في مغسلة الأموات )
لفت الصغيره منال عند إخراجها من العناية المركزة بأقمشة المستشفى الخضراء ..
خرج أبوها ووجد عند بوابة المستشفى رجلا أنهكه الهم والغم إنه سائق الباص .. أتاه وسلم عليه ثم قبل أبو منال رأس السائق ..
وقال لا عليك هذه أقدار وأقضية كتبها رب العزة والجلال ليبتلينا فيرى هل نجزع أم نصبر .. ثم قرأ ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) ..
بكى سائق الباص من كلام أبي منال وتعجب من رباطة جأشه وشدة صبره .. ثم أردف أبو منال قائلا :
يا أبا فلان ( بنيتي فداك فلا تحزن )
حملت منال إلى المغسلة وجاء نساء صالحات يغسلنها ..
فكت اللفافات من أقمشة المستشفى ..
ثم فك جانب اللفافات الآخر ..
نعم فكت ..
ثم ..
رفعت اللفافة الأخيرة عن وجهها ..
آه ثم آه
ياله من موقف صعب ..
بعده شع نور من وجهها ..
شدة في الضياء والسطوع والبياض ..
مشاء الله ..
قالت إحدى المغسلات :
ما رأيت مثلها جمالا قط .. ولقد كان الصلاح ظاهرا جليا على وجهها ..
وعلى يديها ...
كتبت القصه للعضه والعبره ولعل الكبار يتعلمون من الصغار أمر دينهم ....
والله المستعان ..
أختـــكم المحبه ..
تحديت البشر
الروابط المفضلة