السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنتم بخير يا خير رفقة، وأحلى أحبة ,,,
أمسكت القلم واعتدلت في جلستي لأجهز نفسي حتى أكتب في هذا المكان الجميل "الحوار الجاد"ولكني تهيبت بعدها وخفت وارتعشت أناملي، إذ أن بيني وبين الجدية أشواط ولا أعرف كيف أكتب حوار "جدّي"، فقررت أن أجعل الموضوع الذي أجهزه لا علاقة بينه وبين الجدية، إنما هي دردشة عيد بريئة، فيها مرح وخفة دم، وادعوا الله أن تكون لطيفة ولا تعكّر عليكم عيدكم ..
قبل أشهر كنت أتسوق أنا ورفيقتي في "فراغ" مول، ورفيقتي مغتربة ولا تقطن في المكان الذي تدور فيه حبكة الحوار، ولو أن حبكته في كل مكان من هذا الزمان.
اشترت رفيقتي بقيمة خمسة دنانير وثلاثة قروش، فأعطت البائع عشرة دنانير، وأعاد الخمسة دنانير بدون القروش الثلاثة ولم يعطيها إياها .
فكان النقاش التالي في طريق العودة إلى المنزل..
رفيقتي: لقد أهمل الثلاثة قروش ولم يعطينها!
قلت: وهل للقروش معنى!
أجابت: إنني أعيش في بلد أغنى والبائع يعطيني حقي ولو كان قرشا.
قلت: ربما قروشكم أسمن من قروشنا
أجابت: لا أقصد الوزن، قصدت بانه حق وعليه أن يؤديه.
قلت : يا حبيبتي إنني حينما أستقلّ الحافلة وتعرفة الحافلة في المنطقة التي أعيش فيها ستة عشر قرشا فأعطي السائق أكثر من هذا المبلغ، يعطيني الباقي بدون القرش وهو أفقر من "فراغ" مول.
أكملت الحوار لتدافع عن نفسها وتنتقد الوضع في بلادنا، ولم أنكر عليها تذمرها، فربما تكون على حق، ولكني سرحت في قصة زبيبة ..
أتدرون حكاية الزبيبة!
إنها قصة رجل كان في الحج في قديم الزمان، وهاهم الحجاج قد جهزوا أنفسهم للرجوع أدعوا الله أن يتقبل حجهم
إذ أن هذا الرجل قد رأى زبيبة في الأرض وبدأ ينادي من سقطت منه زبيبة، من فقد زبيبة
فضج الحجاج وقالوا: هذا ورع مذموم..
فتساءلت:هل صار القرش زبيبة! بل إن الدينار بدأ ينحدر ويصل إلى قيمة هذه الزبيبة!
وتذكرت جارة لي كبيرة في السن، تحدثني عن أيام زمان، وكبار السن حينما تحب أن تداعبهم وتسليهم وتخفف عن همومهم، اسألهم عن طفولتهم وعن زمانهم، فينطلقون بالحديث والبسمة لا تفارق وجوههم، فكانت تخبرني عن القرشين الذين تأخذهما من كدها وتعبها كل أسبوع، فكانت تشتري فيهم القماش والخيوط ذات الألوان الزاهية والدبابيس، لتقوم بتطريز الثوب الفلسطيني الرائع، حتى تلبسه، أو حتى تصنعه لرفيقتها وزمانهم زمان التكافل وقد حرمتنا التكنولوجيا من التكافل، وطار التكافل وطارت البركة .
وكان الرجل يعود إلي بيته يحمل القرشين والثلاثة قروش، وقد اشترى بهم ما يعينه على حياته وما يسعد أطفاله وما يوفر منه ليومه الأسود.
وما يسعد أطفاله!
وقد كان الأطفال في ذاك الزمان يسعدون بالقليل، وهل أطفالنا يسعدون بالكثير حتى يسعدون بالقليل!
وربما على زمان أبنائنا سيصير الدينار زبيبة وقد قلت بركته وطارت قيمته.
وضعت القلم وسرحت في كلام أجدادنا، إذ قال لي: إنه حينما كان صغيرا كان ينتظر بيضة الدجاجة، يأخذها فيعطيها لشيخهم في الكتّاب، أو يأخذها إلى البائع ويشتري أرغفة الخبز وكيس من الشاي و بعض الحلوى، فابتسمت وقلت : لم لا يعود زمان المقايضة بدلا من القروش و الدنانير التي فقدت قيمتها؟
ما رأيكم أن ننتظر كل صباح تلك البيضة لنبيعها ونشتري ما يعيننا على أمور معيشتنا
؟
ولكن سرعان ما تذكرت مرض الاستهلاك الذي نعاني منه، فما تكفينا البيضة ..
مممم
بيضة لأجل الخبز والفطور
وبيضة لأجل الثياب
وبيضة لأجل فاتورة الانترنت والخلوي والكهرباء والماء وأخرى للمدرسة ولا ننسى نوادي الترفيه لأجل أبنائنا ...
لا بد بأننا نحتاج إلى جبال من البيض
..
دعوني أقرأ ما كتبت ...
ويح قلبي لقد ذكرت الفواتير وعكرت عليكم عيدكم و أغلبكم قد يتذكر فواتير العيد، وثمن الخروف المربوط بذكره، وإني سأنهي الحوار وأهرب، فقد كدرت وعكرت عليكم عيدكم دون أن أدري ..
وأرجوا أن تسامحوني وتذكرونني بخير
..
والسلام عليكم
الروابط المفضلة