قال ابو العلاء المعرى فى سبيل المجد
وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل
تعد ذنوبى عند قوم كثيرة و لا ذنب لى الا العلا و الفضائل
ان العلم نور و اجتهاد و مثابرة و جد و مجد و ابداع و ابتكار
اصوله التعامل الحسن و الخلق النبيل و السلوك الجميل
الناس بمختلف طبائعهم و سلوكياتهم و مناهجهم لا يستغنى بعضهم عن بعض
يحتاجون للتواصل بكل انواعه
الصغير يحتاج للكبير و الصديق يحتاج للخليل و الصانع يحتاج للبائع
و المنتج يحتاج للمستهلك و المعلم يحتاج للطلب و الطالب يحتاج للمعلم
فلابد من التواصل ايا كان نوعه
فلابد ان يتم هذا التواصل على نهج قويم و سلوك مستقيم و اساس سليم
وقديما قيل *لا يستقيم الظل و العود اعوج*
اذا علينا ببناء اساس متين لكى يتم التواصل الاخلاقى المطلوب
اذا تم التواصل تحت سياج حسن الخلق و كرم المعاملة و حلو اللسان
و حسن الصمت و الاداء
يتم المطلوب و نصل للغايات و نسلك دروب النجاح بكل انواعه
ان العلاقة بين المعلم و الطالب منذ القدم علاقة احترام و تقدير و محبة
و حسن الخلق و فن التعامل له دور كبير فى الوصول للهدف المنشود
و تحقيق الطموحات و نيل المراد
فاذا اردت ان تصل الى النجاح فلابد ان تتبع خطواته
و اول دروب النجاح حسن الاداء الذى بدوره يتطلب
فن التعامل مع الطرفين
وهذا فى نظرى يشتمل على اربعة مبادئ
@الادب@
@الاحترام@
@الهبية@
@التواضع@
اولا -- الادب --
ان الخلق الحسن برفع من مستوى الطالب تجاه معلمه فيكنّ له محبة و تقدير
و يحبب اليه المادة و ييسر له فهمها فادب الطالب امام معلمه واجب .
فلا يكثر من الكلام فيجب عليه الصمت و حسن الاستماع
فلا يقطع معلمه اثناء الحديث و لا يغالطه ليخرج عيبه,
فذلك له كبير الاثر فى نفس الطرف الاخر و يعيق التقدم و النجاح
و لنا فى السلف الصالح أُسوة حسنة فقد قيل ان بعض السلف:
*إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال :
اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني*
و كذلك المعلم لا يقلل من شأن الطالب حتى لا يحز فى نفسه شئ
فلابد ان يتأدب بادب المعلم و يتعامل معاملة الاب لابنه و يتحلى بالخلق الطيب
*ومن أدب العرب ما نُقل عن الأحنف
إن الرجل يحدثني بحديث اعرفه من قبل أن تلده أمه
فأصغي إليه حتى ينتهي منه
واظهر له أني اسمعه لأول مرة*
-- ثانيا -- الاحترام --
ان الاحترام المتبادل بين الطالب و المعلم اهم اسس التعليم و النجاح و التقدم
فعلى المعلم ان يتزن فى تأدية واجبه امام طلابه فلا يكثر من المزاح
و كثرة الكلام حتى لا تهتز صورته امام طلابه فيفقد تقديره و احترامه و ميزانه.
و على الطالب ان يحترم الموعد و الدخول و الجلوس و المكان
فلا يجلس حتى يجلس معلمه و لا يتكلم حتى يسأله
و لا ياكل امامه و لا يشغل نفسه بتصفح الكتب و القرأة و الكتابة
الا باذن المعلم وان يلتزم بكل الاداب و حسن الاخلاق
*قال الشافعي : كنت أصفح الورقة بين يدي مالك ـ رحمه الله ـ صفحًا رفيقًا هيبة له لئلا يسمع وقعها*
ثالثا--الهيبة --
منذ القدم و نسمع كثيرا فى القصص ان المعلم له هيبته مجرد ان يقال معلم ترتبط فى الاذهان الهيبة و الاحترام.
و كذا يجب ان يكون المعلم فهو الاساس لاعمار الارض
فكل المهن التى عمرت الارض لم تكن الا عن طريق التعلم و التلقى فالمعلم دوره كبير جدا
لذلك وظيفة المعلم لها هبيتها و كيانها العالى
فهو مربى الاجيال و معلم الخير له قوته و تأثيره على طلابه
فلابد ان يتحلى بالخلق العظيم و السلوك االحسن و ايمانيات عالية و يكون القدوة الطيبة
و يكون ذو رأى سديد و حكمة فى القول و العمل.
*فقد روى الجاحظ أن عتبة بن أبي سفيان لما دفع ولده إلى المؤدب قال له
" ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بَنِيَّ إصلاح نفسك
فإن أعينهم معقودة بعينيك.
فالحسن عندهم ما استحسنت والقبيح عندهم ما استقبحت *
و كذا الطالب لابد ان يكون عند حسن ظن معلمه به فيكن له كل الحب و التقدير
و الاحترام و حسن الصمت و الاستماع بوعى و فهم
فيكون كما قال الربيع :* والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ هيبة له* .
و رابعا--التواضع--
ذُكر ان أحمد بن حنبل انه قال لخلف الأحمر : *لا أقعد إلا بين يديك أُمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه* .
فالتواضع من صفات الانبياء وهو خلق عظيم و سلوك حسن من الطالب او المعلم
فعلى المعلم الا يتعالى بمعرفته و علو مكانته و يتباهى بكثرة علمه
فذاك امرٌ يؤثر على الطالب فى المطلوب
فيكره معلمه و يمل مجلسه و يصعب عليه فهم مادته
وهذا بدوره يؤخر مسألة العلم و التعلم و الرقى و التقدم و يضعف الهمة ويعيق النجاح
و على الطالب الا يكثر مسألته على معلمه ليريه كثرة فهمه و علمه
و الا يقطعه اثناء حديثه و شرحه و لا يسأل عن شئ يعلم اجابته فهذا امر غير محبوب
واعلم أن استلابك للكلام خفةٌ بك واستخفاف منك بالمسؤول،
فعليه ان يستمع اكثر من ان يتكلم و ينصت لمعلمه بكل ادب و احترام و تقدير
*قال لقمان الحكيم لولده: يا بني ..
إذا افتخر الناس بحسن كلامهم فافتخر أنت بحسن صمتك
وتذكر ..من كثر كلامه كثر خطؤه*
فلكى نصل الى القمة و نرتقى بسلم النجاح لابد من:
حسن التعامل و حسن الخلق
و حسن التواصل و حسن الادب و حسن الاستماع و حسن الكلام
فالأدب دليل على الالتزام الحقيقي ،* ولذا جعل جزءًا من أجزاء النبوة* .
نهاية......
اختم بوصية جامعة للإمام علي ـ رضي الله عنه ـ* قال :
من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة وتخصه بالتحية ،
وأن تجلس أمامه ، ولا تشيرنَّ عنده بيدك ، ولا تعمدنَّ بعينك غيره ،
ولا تقولن : قال فلان خلاف قوله ، ولا تغتابن عنده أحدًا ،
ولا تسار في مجلسه ، ولا تأخذ بثوبه ، ولا تلح عليه إذا كسل ،
ولا تشبع من طول صحبته ،
فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء*
(و قل ربى ذدنى علما)
اتمنى ان اكون وفقت فى سرد هذا الجانب المهم فى دروب النجاح
فان اصبت فمن الله و ان أخطأت فمن نفسى و الشيطان
اسال الله ان يجعلنى ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
بارك الله فيكم جميعا
و دمتم فى حفظ الله و رعايته
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
ام هند
منتدى لــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكِ
الروابط المفضلة