السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل ان نأتي إلي الحياة الدنيا ، كم سبقتنا من عصور ؟
وبعد أن نغادر هذه الحياة ، كم ستعقبنا من أجيال ؟
وما نسبة هذا العمر المحدود بين ما سبقه وما لحقه من أزمنة ؟
إنه قليل قليل ! ولكن من هذا القليل الممنوح لي ولك ، تتكون الحياة الدنيا !! ومن هذا الظهور المحفوف بالفناء قبله والخفاء بعده تعمر الأرض ! في طريق الحياة الممتد يجري جيل من البشر وما يزال يجري ، حتى إذا نال منه الكلال وأدركه الإعياء مات . وقبل أن يخلو الطريق من الأنفاس اللاهثة والأقدام اللاغبة ينبت جيل آخر يستأنف السعي ويمثل الدور نفسه .وينسحب الجيل المنهوك ، فيلف في الأكفان ويورى في التراب . وينفرد الجيل الجديد بالسعي ، حتى إذا لحقه ما أصاب خلفه ، سحب - كذلك – وجيء بآخرين ، وهكذا دويليك. هذا هي الحياة .. عمل متواصل من أعمار متقطعة . والعجيب أن هذا العمل الموصول يٌسخر القائمين به ، فهم لا يحسبون أنفسهم حلقه من السلسلة المتقطعة المتراخية مع الأمس ، المتطاولة مع الغد . بل إن الواحد منهم يخدعه الغرور ، فما يفكر أنه جديد على الدنيا ، وأنه – كما ظهر فيها فجأة – سيختفي بغتة . كلا إن الغرور يخيل إليه أنه كان من الأزل وسيبقى إلي الأبد . فمن الخير لك أخي أن تعرف الدار التي تعيش فيها ، فلا تبني طوابق عالية على دعائم منهارة . أختي إن الحياة التي تليها هي الأمل الأسمى والحظ الأوفر . فالحصيف أختي هو من يوزع اهتمامه على كلتا الدارين بقدر ما تستحقانه ، فيجعل عمله لهذه بقدر مقامه فيها ، وعمله لتلك بقدر بقائه فيها .
رحم الله الشيخ محمد الغزالي
وصدق أحد السلف حين قال : الدنيا دار غرور ليست دار قرار ،،
وقال آخر :
ولو أنا إذا متنا تركنا *** لكان الموت راحة كل حيّ
ولكنا إذا متنا بعثنا *** ونسأل بعدها عن كل شيئ
وأصدق منهما قوله جل وعلا (( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) ،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولكم مني خالص التحيه والتقدير والمحبة اختكم في الله رائده
الروابط المفضلة