مما لا شك فيه أن عالمنا العربي يمر في الوقت الحالي بأسوأ حالاته على الإطلاق ..
وذلك بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية.. و تفشي ظاهرة الفقر و البطالة في
اغلب الأقطار العربية.. فمواطن الشغل محدودة.. والحكومات عاجزة عن إيجاد الحلول المناسبة..
و سياسة قانون الغاب هي السائدة.. حيث أصبح الغش و الرشوة احد افضل الوسائل التي
يعتمدها أصحاب النفوس الضعيفة من اجل الحصول على مبتغاهم دون أدنى اكتراث
للعشرات الذين لا يستطيعون نيل وظائف محترمة لا لشيء سوى لأنهم فقراء.. أو أن
ضميرهم و حسهم الإنساني العالي لا يستطيع أن يمنحهم السعادة على حساب الآخرين..
لكن للأسف هذه الفئة أصبحت تمثل نسبة مئوية ضئيلة في مجتمع استفحلت فيه المظاهر
الخادعة.. و سيطر على عقول أفراده حب المال والمادة..
حتى تحصل على وظيفة جيدة ما عليك ألا أن تدفع أكثر... فكل الموازين انقلبت في زمن
طغى فيه الكذب والغش..
لذلك نجد أن الكثير من شبان عالمنا العربي الذين امضوا سنوات طويلة من عمرهم في
النهل من بحور العلم قد انتابتهم حالة من اليأس و الدمار النفسي أمام اصطدامهم بالواقع
المرير الذي يحتم عليهم أن يطلق عليهم لفظ "باطل عن العمل"، فالشهادات التي تزين جدران
غرفهم لم تعد إلا مجرد ذكريات ماضية.. رسمت حلما جميلا أصبح يتلاشى شيئا فشيئا أمام
عيونهم.. حلم الحصول على "وظيفة" .. مجرد وظيفة يستطيع أن يسد بها رمق عائلته
أو يكون بها أسرة صغيرة..
ذلك هو وضع اغلب شبابنا اليوم.. وضع غلب عليه التشاؤم و اليأس من الواقع المرير..
فمن المؤلم ان تجد شابا متخرج من كلية الهندسة مثلا.. شاء القدر أن يعمل مجرد حارس
ليلي بأحد المستودعات بمرتب لا يفي بأتفه حاجياته..
ومن المحزن أن تجد معلما بائعا متجولا في احد الأسواق..
أو طبيبا لا يكاد يجد عملا..
هذا حال الشاب في مجتمعنا العربي..
حالة من اليأس و القنوط التي تحيط به و تدمر كيانه .. شعوره بالنقص و القهر يجعلانه
يفكر في حلول بديلة ..
لعل أهم هذه الحلول الهجرة الغير شرعية.. التي تنتشر خاصة في دول شمال إفريقيا..
حيث لا يجد الشاب بدا من الفرار من واقعه المرير سوى بالهروب والمجازفة بحياته..
رغم انه يعلم أن الأمر بغاية الصعوبة.. حيث بإمكانه أن يموت عطشا و جوعا قبل وصوله
إلى أراضي أوروبا..أو يغرق بسبب هبوب عاصفة بحرية غير متوقعة.. أو يكون فريسة
لإحدى الحيوانات البحرية..
مجرد سفينة صغيرة و بعض الملايين التي يستعيرها هؤلاء من أهاليهم و أصدقاءهم كفيلة
بالغرض.. على الرغم من أنهم متأكدين أن حياتهم هناك لن تكون سهلة وسيتعذبون كثيرا
من اجل البحث عن لقمة عيش.. إلا أن هذا العذاب بالنسبة لهم أهون من العيش عالة على
أسرهم المحدودة الدخل..
بالإضافة إلى الهجرة يمكن أن يلتجئ الشاب إلى طرق غير شرعية أخرى كالسرقة
والاحتيال ..
وكل تلك الطرق تزيد الطين بلة.. وتجعل مجتمعاتنا تغرق في وحل الأزمات الاجتماعية..
وتجعل من الطالب المتميز المخلص لعمله الى سجين.. او مجرم
او ينتهي به الامر احيانا الى واحراق نفسه.. بسبب معاناته من القهر و الذل..
وبذلك يكون قد خسر حياته.. و خسر آخرته في الوقت نفسه
لذلك وجب علينا ضرورة الوعي بخطورة هذه المسألة
يجب أن نحكّم ضمائرنا وان نعمل بشريعتنا الإسلامية الرائعة.. فلو اتبعنا إسلامنا لكنا
أفضل حالا..
فما نراه اليوم من تردّ للأوضاع إلا نتيجة لاستهتارنا بأسس الشريعة..
و عدم احترامنا لقيمها.. بالاضافة الى الخوف من اصحاب السلطة والجاه..
فلا خوف الا من الله عز وجل..
فالرسول الكريم صلى الله عليه و سلّم كان قد لعن الراشي و المرتشي..
وديننا الإسلامي الحنيف قد نهانا عن الظلم .. فالظلم ظلمات في الآخرة..
كفانا غشّا و خداعا و أنانية..
حان الوقت أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا للقطع مع كل الآفات الاجتماعية..
خاصة منها الرشوة و المحسوبية..لان ذلك بإمكانه أن يدمر.. بل يقتل الكثير من شبابنا ..
وان يغرس اليأس في أفئدتهم..
و حتى لو كان لديك المال حاول أن تستعمله فيما ينفع.. ولا تظلم آي كان حتى لو كان ذلك
على حساب راحتك و راحة أبناءك
وثق بأنك لو ظلمت يوما ستظلم حتما لأن الله يمهل ولا يهمل..
لنحاول بث الوعي لدى شبابنا.. و أبناءنا
فأبناءنا هم أمل هذه الأمة.. ولا سبيل لتحقيق التطور و الرقي الحضاري إلا بالاعتماد على
الأجيال القادمة..
الروابط المفضلة