الاختلاف أمر قدري كوني، منه المحمود،
ومنه المذموم المنهي عنه شرعاً،
وقد دلت الأدلة من الكتاب والسُنَّة على وجود الاختلاف بين بني البشر،وتقدير الله لذلك عليهم،
كما في قوله تعالى : وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [سورة يونس، الآية: 19].
وقوله تعالى : وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ{118} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{119} [سورة هود، الآيتان: 118، 119].
والاختلاف الذي يورث العداوة والبغضاء والفُرقة بين الـمسلمين ليس من الإسلام في شيء،
قال تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{ [سورة آل عمران، الآية: 103].
والذي يجعل من الخلاف الودي شرارة للبغضاء فكأنما يشعل النار في الأفئدة
فتصبح القلوب متنافرة بعد الود متناحرة بعد الأخوة ...
وكان من آداب الاختلاف في عصر النبوة،
التقوى وطلب الحق وتجنب الـهوى عند الاختلاف،
ورد الـمسائل الـمختلف فيها إلى الله والرسول،
والتسليم لحكم الله ورسوله بعد الرجوع إليه، وعدم الحقد على الأصحاب،
والالتزام بأدب الحوار ولين الكلام عند النقاش، لإظهار الحق وإزهاق الباطل واستنارة الـمسلمين واستبانة الغوامض وكشف الشبه وإزالة الفتـن.
والخلاف يمكن تقسيمه إلى ثلاثة:
خلاف مذموم (كخلاف أهل الأهواء والبدع والخوارج وأشباههم)،
وخلاف ممدوح (كمخالفة المشركين وأهل الكتاب والفسوق والمجون في هيئاتهم وأحوالهم وأعيادهم)،
وخلاف سائغ (كاختلاف المجتهدين من فقهاء ومفتين وحُكام في الـمسائل الاجتهادية).
وللخلاف والاختلاف آداب منها :
1- التسامح.
2- التحلي بـمكارم الأخلاق ومحاسن العادات.
3- الحلم على الخصم ومحبة الخير له.
4- اللين والرفق.
5- الاحترام المتبادل للأشخاص والأفكار.
6- الرجوع إلى الحق ولو مع الخصم.
7- الإخلاص والتجرد من الـهوى.
8- رد الأمر عند الاختلاف للكتاب والسُنّة.
9- التزام الحوار الـمنهجي الشرعي.
10- التفريق بين مواضع الإجماع ومواضع الخلاف.
11- التغاضي عن عوارض الجهل والخلاف الجدلي العقيم .
وفي الختام أحب توضيح أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف، فكل رأي أدّى إلى خلاف ذلك، فخارج عن الدين ...
لذا يجب على المرء أن يتعلم قواعد الحوار وآداب الخلاف السليمة .
الروابط المفضلة