ليس من العدل أن نُحمل مخرجينا عبء التخلص التام من نمط الذهنية الطابعة لبيئاتهم، فالأفكار ثمرة الواقع المعيش..، لكن أن تطغى منذ عقود أحْلك الأفكار السوداوية والمحبطة على هذه الأعمال، فثمة خلل بذهنية المخرجين أنفسهم بحيث يشكلون ظاهرة طابعة للأفلام العربية على اختلاف أنواعها؛ لا يمكن تفسير الأمر إلا من خلال ماسوشية-سادية لا ترتاح إلا مع التكريس لثقافة البؤس والإحباط.
مثلا، يكاد لا يخلو فلم مغربي واحد من مَشاهد المقبرة والتلاوة المفصلة لآيات الدفن بشكل يستحضر معه المشاهد ذكريات فقد قريب.. إصرار ظاهراتي ومقصود على التنكيد على المشاهد الآمل في تصيّد لحظة يُروح بها عن نفسه.. بعدها الإنخراط في مشاهد البكاء والإستضعاف والإستسلام للطغيان .. بنهج يدفعنا معه إلى أن نتساءل بجدية إن كان هؤلاء المخرجين لهم مهمة الحفاظ على ثقافة الغبن ونشر روح الإنهزامية.
الدراما السورية جعلتنا نتخيل أفراد شعبها يتحدثون وكأنهم يرغبون في ضرب بعضهم البعض! لا شيء سوى المشاذاة بسبب أو بدونه..
المصريون توقف الزمن عند مخرحيهم؛ إن شاهدت لقطة من عمل جديد فسيَسهل عليك تذكر أيام صباك! أما الدراما الخليجية.. لن تعرف إن كان ما تشاهده فلم رعب أم مسلسل اجتماعي حيث توظف التقنيات الحديثة في البحث عن توليد أحاسيس شبيهة بالصَرع لدى المشاهدين..
القاسم المشترك بين كل الأعمال هو رغبة مخرجيها في إحباطنا وجعلنا نكيد لأنفسنا.. حتى في أفلام المقاومة والتحرر، والتي من المفترض أن تكون ذكريات أمجاد بطولية، لا نجد فيها إلا الغبن والبكاء ذهابا وإيابا، في السراء والضراء.. لحسن الحظ أن هذه الأفلام لم تكن في وقت الاستعمار.
تمَعن في الأفلام الأمريكية وستجدها تعطيك الأمل حتى مع الكوارث الطبيعية المهولة والهجمات المضادة الكاسحة.. تُصور تجارب الموت على أنها ليست النهاية وإنما لحظة بداية حيوات مجيدة.. لن يفقد المشاهد الأمل وسيشعر بالإعتزاز ونخوة الإنتماء.. تُعلم هذه الأفلام الدفاع عن الحق والكرامة بكل الوسائل المتاحة وتجعلك تشعر بالبطولة كلما عشت تجربة المشاهدة.. فهلا تعَلم أصحابنا؟!
عن مجلة لكَ الالكترونية http://www.ilayka.com/?p=74
الروابط المفضلة