تنقلتُ في حياتي بين عدة مجتمعات عربيةقد تختلف العادات واللهجات وطرق المعيشة ، ولكن.....هناك قاسما مشتركا لمسته بوضوحٍ بين هذه التجمعاترأيت تفضيلاً وحباً عارماً للذكور دون الإناثعفوا أيها الأفاضل وأيتها الفضلياتلا أنكر محبة الأسرة لبناتها كلا..لم يكن هذا قصديولكن قصدت ظاهرةً تغشى المجتمع عامة ....حين ينظر بعين العطف والشفة إلى تلك التي تلد الإناث دون الذكوروتتهافت عليها الدعوات بالجبران والعوض من الله ؟؟
وكأنها العقيم التي لم تنجب أبداً!!!!!
ينكرون أنها حملت وقاست وتعبت وسهرتلا يحسبون لهذا أدنى حسابفقط لأنها أنجبت البنات!!ولا يقف الأمر عند هذا الحد فقط...بل يشجعون زوجها للزواج بأخرى ..علَّها تأتي بوليّ العهدالذي سيرث أباهوالقصص والشواهد على هذا كثيرة ..بل ما أكثرهاعلى سبيل المثال لا الحصريوم جاءتني صديقة مقربة لي –كان هذا منذ عدة سنوات-جاءت باكية ، محمَّلة بالهموم ..لأن زوج ابنتها قد تزوج عليها لأنها أنجبت البنت الرابعةلقيتها منذ فترة قريبة ، سألتها عن ابنتها..أخبرتني أنه بعد زواج زوجها بقليل حملت ابنتها وأنجبت له الولد
وزوجته الجديدة !! سألتُها ؟؟
: إنها لم تنجب برغم مرور عدة سنوات على زواجه منها
أستغرب هذه الأيام ذلك التهافت الكبير على عيادات أخصائيي الحمل
"نريد ولدا ذكراً يا دكتور"
وكأن هذا الطبيب أو ذاك هو من يقرر الولد أو البنت؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
"ِللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ"سورة الشورى
كان العرب قديما في جاهليتهم يميزون بين الذكر والأنثى
ومن كان يُبَشَّرُ بالأنثى يسْوَدُّ وجهه
ويحملها بيديه " يئدها" يواريها الثرى وهى حيَّةٌ تُرْزَق
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ
يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)
(النحل)
مجتمعات قد أضاعت سبل الحياة، وانطفأت في قلبها مشاعر الرحمة والفكر المستنيروأظلمت في نفسها معاني الحنان والشفقة والسمو
فهل نحن الآن ما زلنا نعيش بقايا الجاهلية
فهناك من يتثاقل من إنجاب للبنات
مع أن البنت لا تقلُّ أهمية من الولد
بل أنها تتفوق عليه في كثير من مجالات الحياة
ولربما كانت مصدر سعادةً لأبويها في الدنيا والآخرة...
روى أبوداود والحاكم وقال صحيح الإسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال، قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم:
من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده - يعني الذكور - عليها أدخله الله الجنة.
وهنا لا أنكر أنني لمست العدل والمساواة بين الأبناء في كثير من بيوت الأسر المسلمة
هل إنجاب الولد الذكر أصبح الهدف من الزواج وبناء أسرة ؟
أليس إنجاب البنت خير من عدم الإنجاب أبداً
هل الزواج من أخرى هو الحل السحري الذي يلجأ إليه بعض الرجال
من أجل إنجاب الولد، وكأنَّ الأمر بيد الزوجة ؟
هل ترون أن هذه الظاهرة تعمُّ جميع مجتمعاتنا العربية والمسلمة بشكلٍ ملفت؟
للموضوع بقية بآرائكم وتعقيباتكم
بارك الله فيكم
أم محمد
الروابط المفضلة