خلق الله الكون الواسع , وجعل في الأرض حياة لنا , فكانت على مر العصور تتعاقب عليها الأمم . وكان لكل عصر سمة بارزة تميز بها .
أما عصرنا يمكننا تسميته بعصر التقنيات والاتصالات .
حيث سرعة الاتصال وتنوع أشكاله , مما أدى إلى سرعة التفاعل بين الشعوب .
لم يسلم وطننا العربي من رياح التغيير باعتباره جزءا من المنظومة العالمية .
وصل إلى أمتنا الكثير من الاعتقادات والقناعات والعادات والممارسات والرياضات . قليل منها نافع وأكثرها مدمر .
وككل جديد قادم ينقسم الناس بصدده إلى مؤيد ورافض . ولكل أسبابه .
واحدة من هذه الرياضات كرة القدم . والتي تطل علينا الآن وبقوة من خلال كأس العالم .
الرياضة بشكلها العام مباحة . فالأصل الإباحة مالم يرد التحريم . وفيها من الفوائد ما لا يخفى على الجميع .
بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم حثنا على بعض أنواعها .
لم تجتمع محبة في الدنيا للعبة كما اجتمعت لكرة القدم . فقد اكتسحت الوطن العربي وبشكل جنوني , وأصبحت في أوقات كثيرة مصدر قلق في المجتمع .
أتساءل : لماذا أصبحت الساحرة المستديرة مصدر قلق الكثيرين ؟؟؟
كرة القدم مجرد لعبة لو سارت في مسارها الصحيح لكانت مصدرا ً للقوة والنشاط المباح والترفيه .
على أن تعاملنا الخاطئ معها حولها إلى ممارسات خاطئة يشكو منها الكثير من المربين .
تعامل معها الشباب على أنها المتنفس الوحيد الذي تسمح به دولهم ومجتمعاتهم !!!!!!! ثم غالوا في ذلك , واستمرت المغالاة وازدادت حتى وصلت عند بعض الشباب لدرجة مَرَضية . فهو لايهتم إلا بالكرة , ولا يفهم إلا بها , ولا يتحدث إلا بشأنها . ويزداد السعار والحمى أثناء كأس العالم . وبذلك تكون الكرة همهم الوحيد ... وهنا يكمن الخطأ .
فليس الخطأ أن نحب شيئا أو نتعلق به , ولكن الخطأ أن يسيطر علينا هذا الشيئ فيكون هو محور حياتنا ندور في فلكه ليلا ونهارا .
في كثير من البيوت نجد صراعا بين عاشق للكرة ورافض لها .
الإبن يعتبرها سمة للحياة الجديدة , , وأسلوبا ً للتعبير عن آرائه وميوله وتنفيسا لقدرات وطاقات مكبوتة أو معطلة قصريا ً .
أما الأب فيعتبرها دخيلة مدسوسة , شوشت عقل الأبناء وأثرت في نجاحاتهم .
والبعض يعتبرها محرمة فتتسع الشقة أكثر بينه وبين أبنائه .
وضاااااااااااااااعت الأجيال !
بين تساهل الأبناء وانقيادهم اللاواعي وبين تشدد الآباء وعدم تقبلهم لرغبات أبنائهم وقراراتهم وكرتهم الجامحة .
البعض إلى الآن يرفض وجود قنوات رياضية في بيته لرؤية خاصة أو قناعة خاصة . والنتيجة أنه لا يمنع أبناءه من مشاهدة المباراة بل إنه فقط يدفعهم إلى مشاهدتها بطرق مختلفة بعيدا َ عن رقابته .
وأنا في هذه العجالة لا أريد أن أوجه لوما ً لشبابنا على اندفاعاتهم اللامدروسة , بقدر ما أريد توجيه همسة إلى أنفسنا أن نحسن التعامل مع أحبابنا من الشباب أبناءً وأزواجا ً وإخوانا .
همسة أسجلها هنا إلى كل أم ومربية
إلى كل أب ومربي أن يتعاملوا مع الشباب بأريحية أكثر وتقبل أكبر . بملاحظة بعض القواعد :
القاعدة الأولى :
الوعاء الكبير يستوعب الوعاء الصغير
فالخطوة الاولى والثانية والعاشرة تبدأ من الأهل .
نحن لا نتعامل مع أشياء جامدة , بل مع بشر أولا وأحباب ثانيا .
فلو سلكنا معهم الطريق الصحيح فلا شك أننا سنحصد أحسن النتائج .
القاعدة الثانية :
لا تسخر من اهتماماتهم , فلا شيئ يحطم الشاب بقدر ان تستسخف رأيه أو هوايته أو قناعته . ثم بعد ذلك تشعره بأنه سخيف وتافه . فلو أسقطه من عينك فلن تجد أبدا الطريق إلى قلبه ,
وبذلك تكون أنت الباني الأول وبجدارة لحاجز الصد والإعراض من جهته .
القاعدة الثالثة :
من يحب الآخر يضحي من أجله , أو يتنازل من أجله .
بعض الآباء والأمهات لا يحبون الكرة ولا يقتنعون بها فضلا عن ظن البعض أنها مضيعة للوقت فيما لا ينفع .
وهنا تكمن حكمة الأهل في التعامل مع أبنائهم .
أيها الأهل !!!! أيها المربون !!!!!! قربوا من أبنائكم بخلق قاسم مشترك بينكم وبينهم .
أظهروا اهتمامكم بمشاكلهم , شاركوهم اهتماماتهم ,
أيها الأب :
إجلس مع ابنك وشاهد معه مباراة , ولن تخسر إلا بعض الوقت . وحتى هذا لن تخسره .
فقد علمنا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات . فأحسن نيتك وستكون لك عبادة .
إن الدين الإسلامي أوسع ,وأكبر ,وأعظم ,وأشمل , وأعم , وأكمل من أن نحد الأجر فيه بالشعائر التعبدية فقط !
فمع إحسان النية وتصويبها يمكننا كسب الأجر في كل عمل نقوم به من أعمالنا الدنيوية .
فالأكل عبادة لو قصدنا التقوي به على الطاعة . وكذلك النوم . والرجل يأتي زوجته . .................................... إلخ .انتهاءً بالابسامة وإماطة الاذى عن الطريق , فكيف لا يكون لنا أجر ونحن نحاول كسر الحواجز بيننا وبين أبنائنا ؟ حماية لهم ومحافظة عليهم . ؟؟
عندما نجلس معهم لمشاهدة مباراة مثلاً نقترب من قلوبهم , نشاركهم ضحكهم وانفعالهم , نشعرهم بمكانتهم وأنهم لهم الصدارة في قلوبنا وأنهم محط اهتمامنا ....
وفي أثناء التقارب لا يمنع من أن نعطي من آن لآخر ملاحظة قيمة لن تمر بدون جدوى كغيرها بل ستترك أثرها كنتيجة حتمية لوجود القبول من ناحيتهم .
وفي لحظة مناسبة يمكننا قراءة كتاب معهم ولن يقولوا أبدا ً . لا ......
إن واقعنا مع أبنائنا يجرنا لسؤال يطرح نفسه بقوة : لماذا معظم أو جل ّالمتدينين الملتزمين لا يعرفون شيئا عن الرياضة ؟؟ هذا إذا لم نسأل : لماذا لا يمارسون الرياضة ؟؟
هل يتعارض الدين مع الرياضة ؟
أو : هل هما نقيضان لا يجتمعان ؟؟؟
هل تتعارض الرياضة مع لقب أب أو مربي ؟؟
هل تخرج الرياضة أبا أو متدينا أو مربيا عن حدود الوقار ؟؟ وتدخله في دائرة علامات الاستفهام ؟؟؟؟
كيف يمكننا أن نخلق توازناً بين جيلين مختلفين ؟؟؟
بين آباء وأبناء ؟؟؟؟
كيف يكون إمساك العصا من الوسط بلا إفراط ولا تفريط ؟؟؟؟
بقلم : بدور
الروابط المفضلة