بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت في زيارة للروضة التي يتعلم فيها ابني الصغير ..
أتأمل الأطفال .. تشدني براءتهم .. أشعر دوما بانجذاب لا يقاوم تجاه عالمهم ..
كل طفل .. هو مقدمة لقصة إنسان ..
تبدأ من هنا .. وتنتهي - بقدر الله - كيفما اختار له والداه ..
هذا الطفل أو ذاك ..
ترى أي المعاني صُبت في قلبه ؟!
وأي الأخلاق .. مُثلت أمامه ليقتديها ؟!
وأي كلام سمعه فتشربه .. وسينضح به ؟!
أي فرد سيكون في المجتمع ؟!
أناجح صالح ؟ أم فاشل فاسق ؟ - وأعيذ الصغار من كل شر -
أي فكر وثقافة سيحمل ؟ وأي شريك في الحياة سيختار ؟
وأي أسرة سيبني ؟ وأي جيل سيخرج ؟
تساؤلات لا تغادر رأسي ..
آه .. لو يعلم الآباء والامهات .. عظم الأمانة والمسؤولية ..
وعظم الرسالة .. وكونها فرصة لهم ليُضيفوا إلى حياتهم حياة ..
يمتد شكر الله لهم ثم شكر الناس .. على حسن صنيعهم فيها ..
أبناؤنا .. أرضنا التي نبذرها .. وننتظر جناها ..
فمن أدى الأمانة فله الرضا ..
ومن ضيعها فلا يلم إلا نفسه ..
أعود لموضوعي ..
رأيت صغيرتين ..جميلتين .. مرتبتين .. لطيفتين ..
- وبما أن اليوم مفتوح والكل يلبس ما يشاء -
ساءني أنهما كانتا ترتديان لباسا إلى نصف الفخذين ..
هما بالتأكيد لا يملكان الخيار .. ولا الاعتراض ..
فالمسؤولية واضحة على من اختار لهما ذلك ..
وعند الانصراف ..
أتت شابة .. أنيقة جدا ..
شخصيتها جميلة .. وابتسامتها كذلك ..
عرفت أنها تطلب الصغيرتين لتخرجا معها ..
فقمت تجاهها ..
قالت لي أختٌ معي : لا تفعلي يرحمك الله .. شكلها لا يشجع !
قلت : معذرة إلى ربنا .. وذهبت ...
سلمت عليها .. فردت مبتسمة ..
قلت لها : هاتان صغيرتاك ؟
قالت : بل ابنتي وأختي .. هما كتوأم .. تلبسان سويا ..
قلت : ذوقك راق .. ماشاء الله ..
لكنه هنا .. تعدى ..
فضحكت .. وقالت لي : لأنه قصير ..
قلت لها : جدا جدا ..
وأردفت .. يا أخية .. هذه أمانة بين يديك ..
ورسالتك لمن حولك وأمتك ..
هذه البذرة الصغيرة .. ستكون أما .. مسؤولة عن أسرة ..
ستزرع فيهم ما زرعتيه أنت فيها ..
أعلم أنك ما نويت سوءا ..
لكنه تفريط يتساهل الكثير فيه ..
هذه فتاة .. إلّم تنشأ على الحياء .. لن ترتديه بعد ذلك ..
فابتسمت بلطف .. وقالت : صدقت .. شكرا لك .. وجزاك الله خيرا ..
الحق .. ردها أراحني واستبشرت .. وعدت لمكاني ..
لكني لا أخفي فرحي بها .. وتقبلها .. وردها ..
ثم قابلتها عند باب الخروج ..
وشعرت في نفسي كلمة أود أن أقولها لها :
وعندما التفتت،
قلت لها : شكر الله لك .. أعجبني تقبلك لكلامي ..
فردت : الدنيا بخير مادام فيها أناس مثلك ينصحون ..
قلت لها : بل هي بخير مادام فيها أناس مثلك يتقبلون ذلك .
وافترقنا .. تدعو كل واحدة منا للأخرى ..
ولم أعرف حتى اسمها << ولا يضيرها ولا يضيرني .
أتذكرها الآن .. وأتأمل ..
كم مرة منعنا الحياء - المقيت - بذل نصح لمسلم ..
أو خُيّل إلينا أن ما نراه لا فائدة مرجوة من نصحه ولن يستقيم ..
ونتجاهل واجبنا هنا .. في النصح والإنكار .. متوقعين الرد الأسوأ ..
ولو أنا خطونا لله ونصحنا لله .. وتمنينا الخير صدقا ..
لكانت قلوب العباد هبات ربانية من رب العباد ..
نزرع فيها ما نحب .. وما يسرنا رؤيته يوم المعاد ..
أسأل الله التوفيق والهدى والسداد ..
لتلك الفتاة .. ولي ولكم .. ولكل مسلم عبر .
الروابط المفضلة