صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال : " مثل الجليس الصالح والجلس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد ، لايعدمك من صاحب المسك اما تشتريه او تجد ريحه ، وكير الحداد يحرق بيتك او ثوبك او تجد منه ريحا خبيثة " ( البخاري ) 0
اعلم ـ وفقني الله واياك لطاعته ـ ان من سعادة المرء ان يجالس الاخيار ، ويفارق الاشرار ، لان مجالسة الاخيار سريع اتصالها ، بطيء انقطاعها ، ومجالسة الاشرار سريع انقطاعهاغ ، وصحبة الاشرار تورث سوء الظن بالاخيار ، ومن خادن الاشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم ولو كان صالحا طيب القلب ، فلربما بمصاحبته لهم يكتسب ظلمة في القلب ، وشتاتا في العزم ، وغفلة عن ذكر الاخرة ، فيعود مريض القلب ، يتعب في معالجته اياما كثيرة حتى يعود الى ماكان فيه ، وربما فلتن بسبب ذلك ، فضاع دينه ودنياه ، وصار اولئك لاشرار وبالا عليه في الدنيا والاخرة 0
اخرج الامام ابونعيم في الدلائل بسند صحيح ، من نطريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ان ابا معيط كان يجلس مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة لايؤذيه ، وكان رجلا حليما ، وكان بقية قريش اذ1 جلسوا معه آذوه ، وكان لابي معيط خليل غائب عنه بالشام ، فقالت قريش : صبأ ابومعيط ، وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته : ما فعل محمد مما كان عليه ؟ فقالت : أشد ما كان امرا ، فقال : ما فعل خليلي ابومعيط ؟ فقالت : صبأ ، فبات بليلة سوء فلما اصبح اتاه ابومعيط فحياه ، فلم يرد عليه التحية ، فقال : ما لك لاترد علي تحيتي ؟ فقال : كيف ارد عليك تحيتك وقد صبوت ؟ قال : اوقد فعلتها قريش ؟ قال : نعم قال : يبريء صدورهم ان انا فعلته ؟ قال : تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه ، وتشتمه باخبث ماتعلم من الشتم ، ففعل ، فلم يرد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ان مسح وجهه من البزاق ، ثم التفت اليه فقال : ان وجدتك خارجا من جبال مكة اضرب عنقك صبرا ، فلما كان يوم بدر وخرج اصحابه ابي ان يخرج فقال له اصحابه : اخرج معنا ، قال : وعدني هذا الرجل ان وجدني خارجطا من جطبال مكة ان يضرب عنقي صبرا ، فقالو : لك جمل احمر لايدرك ، فلو كانت الهزيمة طردت عليه ، فخرج معهم ، فلما هزم الله المشركين ، وحمل به جمله في جدود الارض ، فاخذه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسيرا في سبعين من قريش ، وقدم اليه ابومعيط ، فقال : اتقتلني من بين هؤلاء ؟ قال : نعم بما بزقت في وجهي ، فانزل الله في ابي معيط : ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، ياويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا ، لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا ) 0 " الفرقان : 27 ، 29 " 0
فيا ايها الاخ في الله اياك وصديق السوء فانه يخون من رافقه ، ويحزن من صادقه ، وان قربه اعدى من الجرب ، ورفضه من استكمال الادب ، واستحقار المستجير لؤم ، والعجلة شؤم ، وسوء التدبير وهن 0
اذا كنت في قوم فصـاحب خيارهم ***** ولاتصحب الاردى فتردى مع الردي
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ***** فكل قرين بالمقــارن يقــــتدر
واعلم ـ اخي ـ ان الاخوان اثنان : " فمحافظ عليك عند البلاء ، وصديق لك في الرخاء ، فافظ صديق البلاء ، وتجنب صديق العافية ، فانهم اعدى الاعداء "
وليس اخي من ودني بلســانه ***** ولكن اخي من ودنـــــي في النوائب
ومن ماله مالي اذا كنت معدمـا ***** ومالي له ان عض دهر بغارب
فلا تحمدن عند الرخاء مؤاخيـا ***** فقد تنكر الاخـــوان عند المصائــب
وماهو الا كيف انت ومرحبــا ***** وبالبيــــــض رواغ كروغ الثعالب
كتبه :
عبدالحميد بن عبدالرحمن السحيباني
الروابط المفضلة