..
بسم الله الرحمن الرحيم ..
..
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما بينهما وملء ما شاء الله من شيء بعد .. أحق ما قال العبد .. وكلنا لله عبد .. ،
والصلاة والسلام على نبيّ أمتنا وحبيبنا وقائدنا ومعلِّمنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وبعد .. ،
[ المَشهد الأوّل ]
عن ابن عُمر - رضي الله عنهما - قال : كان الرجل في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا رأى الرؤيا قصها على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكنت غلاماً شاباً ، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطي البئر ، وإذا لها قرنان ، وإذا فيها أناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : " أعوذ بالله من النار " ، قال : فلقينا ملك آخر فقال لي : " كم ترع " . فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " ، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً . [ أخرجه البخاري ]
:
لنتأمّل كيف كان فعل المصطفى حبيبي – صلوات ربي وسلامه عليه – ؟
1- أولاً : مدح صلوات ربي وسلامه عليه ابن عُمر بقوله : " نعم الرجل عبد الله "
2- ثانياً : أشار لأمر غفل عنه عبد الله .. لكن بأسلوب مهذب ومحبب للنفس ! " لو كان يصلي من الليل "
إن المرء يتأثر بما يصله من الحديث بحسب ترتيبه !
فإذا بدأت بداية سلبية .. كان استقبال النفس للحديث التالي سلبياً ..
حتى وإن لم يكن فيه خطأ أو إساءة ..
انظروا للحبيب – صلوات ربي وسلامه عليه – ماذا قال :
" نعم الرجل عبد الله " ثم قال : " لو كان يصلي من الليل " ..
وتخيلوا لو أنه قال : " لو كان عبد الله يصلي من الليل " ثم قال : " لكان نعم الرجل " .. لاحظوا الفرق !
في الأولى :
نتفاءل بعبد الله .. ويكون انطباعنا الأول عنه إيجابياً ..
[ حيث يبدو من الحديث أن فيه مدحاً فتتقبله النفس مسرعة راضية مسرورة .. ]
و في الثانية :
نشعر بشعور سلبي .. و قد يتبادر إلى الذهن أنه يُذَمّ !
[ هنا يتضح أن في الحديث تقليل من الشأن .. ]
:
ولنلاحظ ما أثر قول النبي – صلى الله عليه وسلم – على ابن عمر ..
لقد كانت النتيجة :
" فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً" !
وهو المطلوب !
فقد اندفع عبد الله لمعالجة ما وقع فيه من تقصير ..
فسبحان من سدد نبينا و وفقه !
مِثال آخر مِن ما نُلاقيه في حياتنا :
بعد أن تنهي منال كلمتها ..
تقول سلوى : محاضرة رائعة ، جزاكِ الله خيراً ، أبدعتِ .. لولا أن الصوت كان مُنخفضاً !
وتقول عائشة : منال .. لقد كان صوتكِ مُنخفضاً جداً .. لقد عانيت لأسمعك .. لكن جزاك الله خيراً .. محاضرة رائعة وأبدعت .. !
كيف ستتقبل منال الأمر ؟
و أي كلام سيكون أثره النفسي أكثر إيجابية على نفسها .. وطموحها واتقادها ؟
وأيّ المُحدِّثتين ستكون الأقرب لقلب منال ؟!
والأمثلة في حياتنا كثيرة ..
[ إذاً .. نستخلص التالي في تعاملنا مع الآخرين : ]
1- قدِّر الآخر قبل انتقاده .. قدِّر إيجابياته و مواطن قوته وإن لم تعرفها فكن واثقاً من وجودها ..
عليكَ أن تُقدّره في قرارة نفسِك قبل لسانك .. فما أسهل أن يُكتشف كلام لسانك من كلام قلبك !
2- كن مؤمناً بأن من تنصحه سيقدر – بإذن الله – على تغيير سلبياته أو اكتساب حسنات مزيدة ،
ثقتُكَ فيه ستكون دافعاً قوياً له للتغير حتى لا يُخيّب ثقتك به .. خاصة إذا كان ابناً أو صديقاً !
3- لا تحكم على الشخص ذاته " أبداً " إنّما احكم على فِعاله والفرق كبير ..
فيجب أن لا نمس شخصه ، إنما نوضِّح الخلل في ما فعلٍ !
فمن منا لا يُخطئ .. ومِن منا ليس فيه عيب ..
4- لا تحمل في نفسك شيئاً على هذا الإنسان ،
بل أحسن ظنك فيه ما استطعت حتى يتغير بسهولة أكبر ..
وتجنب أن تذكره بما كان عليه إن تغير !
5- في بعض الأحيان ، يكون الحديث عن خطأ كان فيك سلفاً وتغيّر إثباتاً لقدرة محدِّثك على التغيير ؛
وإشعاراً له بالأمان .. فهو ليس أوّل من أخطأ .. ولن يكون الأخير !
6- تخيّل نفسك مكانه.. وابدأ في الحديث مُترَفِقاً .
7-[ نيَّتُكَ ] هي أهم نقطة .. وأعظم نقطة ! / إنها دافع لك أنت ..
كن صادقاً مع نفسك ! لماذا تريد نُصح فلاناً .. ولماذا تنبه علان ؟
ولتسعى أن تكون إجابتك التي لا بد أن تستشعرها عميقاً [ لله ]
ومنها يتفرع .. أخاف عليه .. أحب له الخير .. وهكذا !
شاركونا بتجاربكم وآرائكم وتعليقاتكم !
وإن كان منا من استطاع استخراج فوائد أخرى فليدرجها ليَعمّ النفع !
[ تأكدوا أن مشاركاتكم مهمّة وقيّمة جداً في الحقيقة ..
وتفاعلكم وتجاربكم قد تفتح آفاقاً لغيركم ..
وقد تنالون بها من الأجور ما لا يخطر لكم على بال ..
شاركونا يا أبناء أمّة الحبيب – صلى الله عليه وسلم – ..
ولا تنسوا أن تُفعّلوا الدرس في حياتكم لنكن من أهل العلم والعمل " كليهما " ]
الروابط المفضلة