بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
أيام تتسارع ، وأعمار تتناقص ، وأعمال تتأهب
هذه هي الدنيا ، سرعان ما يمرض الصحيح ، ويضعف القوي ، وتتكاثر المحن وتتعرض الفتن ، آجال محدودة ، وأيام معدودة هكذا هي الدنيا يولد الطفل وسرعان ما يموت ، ويترعرع الشاب وسرعان ما يشيب .
أولاد يأتون وأولاد يذهبون، نكد وضنك ، وهم وغم ، ما يأتي يوم لإنسان يفرح فيه إلا وسرعان ما يأتي يوم فيحزنه
قبل أيام قلائل انتهى عامك الهجري المنصرم ، وطوي سجله وختم عمله ، وها أنت على باب عام جديد الله أعلم بحالك فيه ، فهنيئاً لمن أحسن فيما مضى واستقام وويل لمن أساء وارتكب الإجرام ..
إن الدنيا مزرعة ليوم عظيم ، نزرع لنحصد ، ونعمل لنجني قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن ......
ويقول الله تبارك وتعالى [[وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ .... ]] (آل عمران:140)
اخوتي : لنقف وقفة محاسبة ماذا فعلنا في هذا العام الماضي هل فعلنا وعملنا أعمال ترضي الله تبارك وتعالى أم تغضبه ؟!
هل فعلنا أمورا تعود على أنفسنا بالنفع والفائدة أم بالضرر ؟!
هل جمّعنا القلوب أم فرقناها ؟؟
هل صححنا الأخطاء في حياتنا أم ما زلنا فيها ؟!
هل تركنا الذنوب والمعاصي التي هي وبال وخزي وندامة في الدارين أم ما زلنا فيها ؟!
هل جددنا العهد مع الخالق القادر القهار سبحانه أم لم نجدده ؟!
أخواني المسافرون : دنياكمُ حبيبها لحسنها وطيبها ، لكنها غدارا خداعة غدارا ، ليس لها حبيبُ زوالها قريب ، عزيزها ذليلُ كثيرها قليلُ ، تفرق الأحبابَ تشتت الأصحاب َ ، وصالُها سدودُ ووعيدها وعيدُ ، شرابها سرابٌ نعيمها عذاب ُ ، إن أقبلت ففتنةٌ أو أدبرت فمحنةٌ ، يحظى بها الجهالُ وينعم الأنذالُ ، يشقى بها اللبيبُ ويتعب الأريبُ .
اخوتي المسافرون :
تعال معي لنسأل أنفسنا عن هذا العام كيف قضيناه ؟ .. ولنفتش كتاب أعمالنا كيف أمليناه ؟ .. لنراجع أعمالنا في تصديق إيماننا بالله تعالى ، لننظر في إقامة صلاتنا ، لنتدبر في فرائض الله تعالى علينا كيف قمنا بها وهل أديناها حق الأداء ؟ .. لنتدبر فيما نهى الله عز وجل عنه ، وحذّر عباده من التجرؤ عليه ، هل ابتعدنا عنه و اجتنبناه ؟ .. لننظر في حق الله تعالى علينا هل أديناه ؟ .. لننظر في حق العباد هل وافيناه ؟ .. فإن كان خيرا فالحمد لله على نعمه ، وإن كان غير ذلك تبنا إلى الله واستغفرناه ..
أتضحك أيها العاصي ومثلك بالبكا أحرى
وبالحزن الطويل على الذي قدمته أولى
نسيت قبيح ما أسلفت والرحمن لا ينسى
فبادر أيها المسكين قبل حلول ما تخشى
بإقناع وإخلاص لعل الله أن يرضى .
كم يتمنى المرء تمام شهره ، وهو يعلم أن ذلك ينقص من عمره .. كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره .. وشهره يهدم سنته .. وسنته تهدم عمره .. كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله .. وتقوده حياته إلى موته ؟ ..
ما هي إلا ليلة ثم يومها
ويوم إلى يوم وشهر إلى شهر
مطايا يقربنا الجديد إلى البِلى
ويدنين أشلاء الصحيح إلى القبر
ويتركنا أزواجَ الغيور لغيره
ويقسمن ما يحوي الشحيح من الوفر
اخوتي المسافرون :
الغنيمة الغنيمة في اغتنام الأعمار ، قبل تصّرم الليالي و الأيام ، فها أنت بين عام راحل لا تدري بما رحل عنك ومضى ولا تدري أحصلت فيه على غضب من الله أم رضا ، وبين عام قادم لا تدري ما أبرم فيه من القضاء ، ولا تدري أفي الأجل فسحة ؟ .. أم قد بعد وانقضى ، وإنك على يقين من سيئات أعمال هي عليك معدودة ، وفي شك من صالحات أعمال مقبولة هي أم مردودة ، فعلام الغفلة يا أخي عن تدارك الخلل ، والإعراض عن إصلاح النية والعمل ، كأنك اتخذت من الموت عهداً وأمانا ؟ ..
كلا والله لقد ضرب لك بأخذ أمثالك أمثالاً ، ووعظك لو اتعظت فما ترك لقائل مقالاً ، وهذا كتاب الله يتلى عليك صباحاً ومساءاً ، و زواجره عبرة تخاطبك بالنصائح كفاحاً ، أصمت الأسماع عن المواعظ وسدت ، أم قست القلوب من كثرة الذنوب فاسودت ، فاعمل لما بين يديك فلمثل هذا فليعمل العاملون ..
( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
.................................................. ..........
وصلني عن طريق البريد ...
الروابط المفضلة