بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته /
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعَلى آلِه وصَحبه ومن تَبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين ، وبعد ؛
فقد يتنامى إلى ذهنك ذاتَ مَساءٍ شعُورٌ بأنَّ الوقتَ يَسْرِقك !
أو أنَّكَ عَاجِزٌ عن تأدية واجِباتِكَ عَلى النَحْوِ المَطلوبْ ..
فينتابُكَ الضِيقُ فتُلقي التُهم جُزافاً وتُرغي وتزبد ،
فتتهم الأعمال بكثرتها ، والأوقات بقصرها .. وَتُخرِج نَفسكَ مِن التُهمة .. وأنت المُتهم الأوّل و الأخير !
أفما نظرتَ إلى أولئِك الذين استطاعوا تأدية أعمالهم ونجحوا في حياتهم ..
فوازنوا بين أوقات أعمالهم وهواياتاهم ؟
إنهم لا يملكون من الوقت أكثر من 24 ساعة في اليوم !
وأنت الآخر تملك تلك الأربع والعشرين ذاتها ، فأين تُراه الخلل ؟ وأين يقبع العيب ؟
هل فكرت ذات حين في ماهية الوقت ؟
وهل سعيت في إدارة وقتك ؟
هل قررت أن تفهم سر انسلال الوقت بين يديك ؟
هلم بنا نحاسب أنفسنا ونفكر بطريقة جادة في حل لأزمة الوقت في حياتنا .
:
:
أولاً : ماهو الوقت ؟
يقول ابن القيم الجوزية – رحمه الله - :
" وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة ، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم ،
ومادة عيشه في العذاب الأليم ، وهو يمر مر السحاب "
وقال الحسن البصري – رحمه الله - :
" إنما أنت أيام مجموعة ، كلما ذهب يومك ذهب بعضك "
وهكذا نرى في السابقين حرصاً على الوقت ، وإدراكاً لأهميته ،
وسعياً لحفظه واستغلاله ، وإدارته إدراة جادة صحيحة ،
أمّا [ إدارة الوقت ] فتعني :
الاستفادة القصوى من الوقت ، وخلق التوازن بين الأهداف والواجبات والرغبات ،
وهي مهارة سلوكية ترتبط بقدرة الفرد على تعديل سلوكه ،
وتغيير بعض العادات السلبية التي يمارسها ، والتغلب على ضغوط الحياة التي تواجهه .
:
:
ثانياً : أهمية إدارة الوقت :
- إنجاز أكبر عدد من الإنجازات في العمل ..
- الشعور بالرضا عن النفس وتحقيق الذات ..
- التوفيق بين العمل والحياة الشخصية ..
- والسبب الأهم : أننّا مُحاسبون على أوقاتنا مسؤولون عنها ..
نَسعى لِلجنان و مادتنا في ذلك الوقت ويكون باستغلاله في العبادة والطاعة وما يُرضي الله عزَّ وجل !
:
:
ثالثاً : ماهي خصائص الوقت ؟
أولاها : سرعة انقضائه ،
وقد قال تعالى في سورة النازعات واصفاً أهوال القيامة : " كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها " ،
وثانيها : أنه لايعوّض ،
وقد وصف ذلك الحسن البصري بقوله : " مامن يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وعلى
عملك شهيد ، فتزود مني ، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة "
أما ثالث خصيصة فهي : أنه أنفس ما يملك الإنسان ؛ لأنه هو نفسه .
:
:
ثالثاً : وَصاياهم في الوقت :
وصية المصطفى – صلى الله عليه وسلم - :
" اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ،
وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك "
قول أحمد شوقي :
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
و قول الشاعر :
الوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليه يضيع
وقال ثوماس بان :
" حافظ على وقتك جيداً ، احرسه ، راقبه ، افعل لك مع كل دقيقة وساعة ،
إن الوقت ينسل بين أصابعك كالأفعى الناعمة ، اعتبر كل دقيقة من وقتك شيئاً ثميناً ،
أعط كل دقيقة معنىً و وضوحاً و وعياً "
:
:
رابعاً : كيف أُنَظِّم وقتي ؟
لتنظيم الوقت لابد أن تفكر في الأهداف والغايات التي تسعى للوصول إليها وتدونها في مفكرتك الخاصة لتتذكرها دوماً ،
ضع لنفسك غايات قصيرة المدى ، وأخرى على المدى البعيد ،
ارسم خارطة حياتك ، فذلك يعينك على الأخذ بأسباب الوصول ،
جدول وقتك ونظّم نفسك ، ورتب ساعاتك ، واستعن بالله دوماً ولا تعجز .
ومن الأمور المعينة على تنظيم الوقت المقارنة بين الأولويات وتقديم الأهم على المهم ، والعاجل على غير العاجل ،
فالكثير الكثير من الناس تضيع منهم ساعات الليل والنهار لعجزهم عن تنفيذ ما هو مطلوب ،
وإنما يقومون بتنفيذ أمور لا ترجى منها فائدة وهذا مما يؤسف له ،
و الجدول في الأسفل - وجدته على الشبكة واستفدت منه كثيراً - ينصح كثير من المدربين باستخدامه ..
وذلك بتوزيع المهام والأعمال حسب خانات الجدول فهناك أعمال مهمة وعاجلة - وهي الأولى بالتنفيذ - ،
وهناك أعمال عاجلة غير مهمة ، وأخرى مُهمة وغير عاجلة ،
وأخيراً أعمال لا هي بالمهمة ولا هي بالعاجلة وهي تلك الأعمال التي يجب عليكم أن تبتعدوا عنها ..
لأنها السبب الرئيس في بعثرة الوقت وضياعه !
ومما يحافظ على الوقت أيضاً الاستعانة بالتقنيات الحديثة واستغلالها الاستغلال الصحيح لتوفير الوقت واختصار الأعمال ،
لكن هذا مشروط بعدم التفريط والانسياق خلف هذه التقنيات فيصبح ضررها أكبر من نفعها .
:
:
سابعاً : من معوّقات إدارة الوقت :
1- عدم وجود أهداف وخطط مستقبلية .
2- التكاسل ، والتأجيل ، والتسويف المستمر للأعمال .
3- مقاطعات الآخرين .
4- المشكلات التي قد تلتهم الوقت ( كسوء الفهم للآخرين ، والظروف الطارئة ) .
:
:
لا تجعل الوقت سجناً خانقاً تحبس نفسك ضمن جدرانه ،
بل كن مرناً في تنظيم وقتك واستمتع به ،
قَضِّ أعمالك بابتهاج وتلذذ بها قدر المستطاع فهذا يدفعك للمواصلة ، ويملأك طاقة وحماسةً للاستمرار .
تحلّى بالتفاؤل والإيجابية دوماً ، وانظر إلى الجوانب المشرقة ..
ولاتبكِ أبداً على الحليب المسكوب بل وطّن نفسك على الرضى ،
إياك و أن تجعل عثراتك كابوساً يعيقك عن المضي ، ويعمي عنكَ بصيرتك ..
بل اجعل من عثراتك سلماً يقودك نحو النجاح و التفوق بالإصرار ,
اسع للبحث عن طرق جديدة لتوفير وقتك ، وتوقف عن الأنشطة غير المنتجة .
يقول سمايلز : " إن الناس الذين يتأخرون عن أعمالهم بحكم العادة ، هم أناس بعيدون عن النجاح بحكم العادة أيضاً " ،
إذاً فالذين لا يعرفون قيمة الوقت لا يستحقونه ، وإن كل لحظة في الحياة كنز لا يتكرر ،
إن الوقت يمكن أن يكون صديقاً أو عدواً ، فإن وُظّف بشكل ملائم جعلنا قادرين على الإنجاز والإنتاج بشكل فعّال ،
وإن وُظِّف بغير ذلك أفرز لنا المشكلات .
ختاماً ، انظر إلى الوقت كالعدو بأن تتحين الفرص لمنازلته وإيقاع الهزيمة به
بهدف توفير عدد من الدقائق والساعات كما لو كان ذلك تجميعاً للمال واستثماراً له ،
وانظر إليه كالعبد المملوك الذي تسعى للسيطرة عليه وتصبح الرقابة عليه محور اهتمامه ،
وانظر إليه كالحكم فتضع الساعات في كل مكان ،
في الغرفة وفي المكتب وفي معصمك حتى لكأنك ترى الوقت كقاضٍ .
اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمالنا واستخدمنا في طاعتك ومرضاتك يا رب العالمين .
و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
:
:
استفدت من :
1-محاضرة إدارة الوقت / الأستاذ : محمد سعيد
2-محمد ديماس / إدارة الوقت / دار ابن حزم / بيروت – لبنان/ الطبعة الأولى / 2000 م
3-ناصر محمد العديلي / إدارة الوقت / مطبعة مرامر / المملكة العربية السعودية / الطبعة الأولى / 1994 م .
4-د.نادر أجمد أبو شيخة / إدارة الوقت / دار مجدلاوي / عمّان / الطبعة الأولى / 1991 م .
5-ليستر آر.بيتل / إدراة الوقت / دار الأهلية / عمان- الأردن / الطبعة الأولى / 1999 م .
6- بعض مواقع الإنترنت
نبضة الأمل
الروابط المفضلة