إن ما يسمى بدولة (إسرائيل) لم تتردد يوماً في الإعلان عن وقاحتها والكشف عن وجهها البشع من خلال أجهزتها الرسمية والإعلامية بدعم من قوى إمبريالية تتبجح بين الحين والآخر بحقوق الإنسان في تحد صارخ للأمة العربية بل والعالم أجمع ، مستغلة في ذلك فرقة وضعف وشرذمة هذه الأمة ، ومستعملة في ذلك شتى الوسائل من تهديد وترهيب وافتراءات ، سندها في ذلك الرواسب العقلية والنفسية من إقليمية وحزبية ورجعية وتناقضات قائمة في الحياة العربية **
إن الصراع بين الأمة العربية والصهاينة ليس وليد الساعة إنه متعمق الجذور ، هدفه تجميد الحياة والتاريخ في هذه الأمة وتكريس الأوضاع فيها بكل ما تعنيه تلك الأوضاع من تناقض مع إرادة وحرية وطموحات جماهير وأحرار وثوار هذه الأمة .
إن الحرب على غزة قد كشفت كل أولئك الذين اعتقدوا أن دولة القتل والإرهاب هي رمز الديمقراطية في الشرق الأوسط .
لقد عاث الصهاينة في الأرض فساداً واخترقوا كل النواميس الطبيعية ، فكانت تعاليم التوارة « المزيفة» والتلمود وبروتوكولات بني صهيون ، تعبيراً وانعكاساً واضحاً لتصرفات وسلوكيات هذه الفئة الباغية ، لقد كيفت تلك التعاليم والبروتوكولات جميعها لصقل اليهودي حتى يصبح إنساناً عنصرياً متعصباً مترفعاً لايرتبط بالمجتمع الذي يعيش فيه ، وقالوا إن أروع النتائج التي يمكن الوصول إليها في سبيل حكم العالم تتحقق باستعمال القتل والتهديد والتشريد ، وإن السياسة لا تتفق في شئ مع الأخلاق ذلك كان سلوكهم وتلك كانت أخلاقهم إن من يضع خريطة العالم نصب عينيه ثم ينظر ويحلل يكتشف أشياء ليست من أخلاق الإنسان في شئ ، قتل وتعذيب وسجون وإرهاب وقمع وكبت للحريات واستغلال **
ووراء كل ذلك صنيعة الاستعمار« إنها الصهيونية »
تلاشت كل القيم وحلت محلها الكيانات العنصرية وأصبحت الصهيونية امتداداً طبيعياً للإمبريالية العالمية تلتقى وتتفق معها في الفكر والأهداف والسياسة لأجل تنفيذ أبشع الجرائم التي يشهدها العالم في غزة وتم الإعداد لها وحبكها من كل الأطراف الدولية المسيطرة على المسرح السياسي .
أسابيع مرت على أهالي غزة سالت فيها دماء الابرياء والشهداء من الشيوخ والأطفال والنساء ، وسقط الشهيد تلو الشهيد وانتظر الصامدون المدد يحدوهم الأمل ونفذ الصبر وغاب المدد ولم يعرف اليأس إلى الصامدين طريقاً **
لقد قال العرب في مؤتمراتهم ووعدوا وما قولهم إلا كسابق القول « كلام في كلام» وقد ذهب الصوت ولم يبق إلا الصدى حتى الأقلام باعت نفسها لحساب السياسة المزيفة **
لا أعرف يقيناً كيف يحيا حكام هذه الأمة وهم يرون الصهاينة يدنسون الأرض والعرض والمقدسات ، ويقتلون الشيوخ والأطفال والنساء دون شفقة أو رحمة ، إني ابحث عن حقائق استوعبها في واقع عربي مؤلم يائس فلم تسعفني الذاكرة بالاهتداء إلى هذه أو تلك. كانت كل كلمات حكام العرب بالنسبة لي عبارة عن ترانيم تتكرر ، تنسجها جوقة موسيقية كان لتكرارها ملل في النفس تحول إلى صداع وشل كل تفكير في ذاكرتي . من هم هؤلاء الحكام الذين يرون أن لحياتهم معنى وفي بقائهم على كراسي الحكم شعوراً بالولاء لهذه الأمة وتجسيداً لأحلامها ومستقبلها ..؟
إن ما يجري داخل نطاق هذه الأمة يوحي بأن التعبئة العقلية والفكرية والنفسية لأبناء هذه الأمة قد جرى التلاعب بها ، قرارات لاتنفذ وسلاح لايقاتل وأدوات معطلة لاتلبث أن تصبح عبئاً على أكتاف لاتعرف ماذا تفعل بها ؟
شعب يطلب المدد ، أموال مكدسة في المصارف هي كنوز غير قابلة للصرف إنها لمجرد حرمان الآخرين منها .
إن الاختلاف بين هذه الأمة قد يجوز في قضية الفكر ولكن لايجوز في مصير قضية وشعب .
لقد اثبتت التجارب والأيام أن ليس هناك من فائدة ترجى من محاولة إنكار حقيقة أن ما يسمى (باسرائيل) لاتريد أن تسمع من العرب شيئاً صواباً كان أو خطأ .
إنها تعرف حقيقة أن لاشيء يدعوها للسماع من العرب وإن العرب هم الذين يجب أن يستعموا إليها .
إن خشيتي أن تواجه هذه الأمة فجوة أجيال يأتى فيه يوم فإذا شبابها غريب عن مواجهة الأزمات لأنه تلهى بترف الحياة وملذاتها !!!!
إن شعباً يستجير يجب أن يجار ، وإلا فسيكون لكل أمر شأن ، وغدا يأتي الطوفات ليدفن الذل والعار وعندها فقط سيكون للحياة معنى ولهذه الأمة شأن .
الروابط المفضلة